من الصحافة الاسرائيلية
وسط ترقب للتقرير الروسي حول التحقيقات في سقوط الطائرة “إيليوشين- 20” في سورية ومقتل 15 عسكريًا كانوا على متنها وصف مسؤولون إسرائيليون “الأزمة” الروسية الإسرائيلية بأنها “حقيقية، عميقة وحادة”، فيما اعتبرت نتائج زيارة الوفد العسكري الذي أوفده رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بالعكسية، وبيّنت الفجوة بين الروايتين الروسية والإسرائيلية حول أسباب سقوط الطائرة .
وذكرت صحيفة هآرتس بأن الكرملين أبلغ مسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن مهاجمة أهداف في سورية يتعارض مع مصالحها في المنطقة، وأشارت الصحيفة إلى أن الرسائل الروسية في هذا الشأن تكررت بشكل واضح ووصلت إلى المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، حتى قبل حادثة سقوط الطائرة الروسية “إيليوشين- 20” في سورية، الأسبوع الماضي، ومقتل 15 عسكريًا روسيًا كانوا على متنها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية أن روسيا مررت الرسالة مؤخرًا بصورة أكثر حدّة، وأوضحت لإسرائيل أن مهاجمة الأهداف السورية يتنافى مع الهدف الروسي في سورية، وأبلغتها أن القصف الإسرائيلي المتكرر لأهداف تابعة لجيش النظام السوري يضر بأهدافها.
وعلى الرغم من الرسائل التحذيرية الروسية، لم تغير إسرائيل من سياستها في سورية، واستمرت في هجماتها العدوانية التي ارتفعت وتيرتها مؤخرًا، وبينما كانت إسرائيل تتستر على أعمالها العسكرية في سورية، اعترفت مؤخرًا بأنها نفذت 200 ضربة جوية خلال العام ونصف العام الماضيين.
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل راهنت على سياسة “ضبط النفس” الروسية تجاه هجماتها في سورية، على اعتبار أن المواقع التي تستهدفها تمنع التمركز العسكري الإيراني وإمدادات الأسلحة المخصصة لـ”حزب الله”، في الوقت الذي تجنبت فيه استهداف مواقع تتبع بصورة مباشرة لجيش النظام السوري.
ورغم أن الانطباع المتفائل الذي نقله مشاركون في البعثة الإسرائيلية التي أوفدها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي إلى موسكو وعلى رأسها قائد سلاح الجو عميكام نوركين، إلا أن نتائج التحقيقات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية تشكك في الانطباع الذي خرج منه الوفد الإسرائيلي من النقاشات التي جرت في موسكو.
وفيما ذهب معظم المحللين العسكريين الإسرائيليين إلى أن “العقوبة الروسية” بمنعهم من التحليق في الأجواء السورية لن تطول، إلا أن الأصوات التي تحذر من أن هذه العقوبة ليست مجرد رسالة، وقد تؤدي بالفعل إلى تقييد حرية الطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء الروسية، تصاعدت في أعقاب الإعلان عن نتائج التحقيقات الروسية، وسط تخوفات إسرائيلية من استغلال إيران لهذا الوضع الجديد ونقل أسلحة إلى سورية ومنها إلى حزب الله في لبنان.
كما نقلت صحيفة “هآرتس” قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من القرار الروسي بفحص من جديد مدى نجاعة التنسيق الأمني بين البلدين الذي بدأ في اتفاقية وقعت عام 2015 بين إسرائيل وروسيا، للحيلولة دون وقوع حوادث تصادم بين قوات الجانبين في سورية، ويعود القلق الإسرائيلي إلى التوقعات بتغييرات ستطالب بها روسيا في شكل التعاون مع إسرائيل.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن بوتين قد يستغل الحادث لفرض قواعد جديدة للعبة في سورية، بهدف تعزيز سيطرته ونفوذه في المنطقة، التي تضررت منذ اندلاع الحرب في البلاد.
وتخشى إسرائيل أنه حتى لو لم تطالب روسيا بالوقف الكامل للهجمات الإسرائيلية، فإنها يمكن أن “تؤثر على نشاط الجيش الإسرائيلي بطرق أخرى: المطالبة بالتنسيق قبل تنفيذ هجمات إسرائيلية بوقت أبكر، مما تم الاتفاق عليه عام 2015 أو إغلاق المجال الجوي السوري بصورة شبه كاملة أمام المقاتلات الإسرائيلية، أو تزويد الدولة السورية بأنظمة دفاع جوي أكثر تقدمًا، وانتهاك إسرائيل لأي اتفاق جديد قد يفسر من قبل روسيا بأنه خرق للاتفاقات التي أبرمت معها، ما قد تكون عواقبه وخيمة“.
وكان قائد تشكيلة الاستخبارات في سلاح الجو الإسرائيلي، العميد أوري أورون، قد قال في مقابلة نشرتها صحيفة “هآرتس” يوم الجمعة الماضي إن “التدخل الجوي الروسي في سورية حسم الحرب لصالح الأسد، بكل تأكيد، هل الوجود الروسي يقيد عمليات سلاح الجو؟ هذا يضع تحديا أمامنا. وعلينا أن نكون دقيقين. وهذا لا يعني أن سلاح الجو يحلق في سماء إسرائيل فقط“.