تركيا: الاختبار الصعب: حميدي العبدالله
لا شكّ أنّ الاتفاق الروسي التركي حول إدلب وضع السلطات التركية أمام اختبار صعب.
تنفيذ الاتفاق هذه المرة غير قابل للتحايل أو الالتفاف عليه، كما حدث بالنسبة لاتفاقات خفض التصعيد التي كانت تركيا قد وافقت عليها في اتفاقات أستانة مع روسيا وإيران والتي نصّت على محاربة الإرهابيين واستثنائهم من عملية وقف القتال بعد فرز موقعهم عن مواقع الجماعات المسلحة التي تقبل خيار الحلّ السياسي. فالاتفاق الجديد تمّ التوقيع عليه ووضعت خرائط له من قبل خبراء روس وأتراك، ومواقع الجماعات الإرهابية باتت واضحة ولا تحتاج إلى جهدٍ كبير لمعرفة أين تتمركز الجماعات المصنفة دولياً وحتى من قبل تركيا كجماعاتٍ إرهابية، والتشكيلات المسلحة الأخرى. ومعروف أنّ غالبية محافظة إدلب، ومواقع أخرى في أرياف اللاذقية وحماة وحلب، تسيطر عليها جبهة النصرة أو تنظيماتٌ إرهابية أكثر تطرّفاً في إرهابها .
لقد أعلنت الكثير من التشكيلات الإرهابية رفضها علناً الاتفاق الروسي التركي، وبديهي أنه في ظلّ مثل هذه الإعلانات فإنّ تركيا هي المسؤولة عن أيّ عرقلة من قبل هذه الجماعات الإرهابية تحول دون تطبيق بنود الاتفاق حرفياً، وكما وقع عليها وزير الدفاع التركي.
تركيا الآن أمام خيارٍ من اثنين لا ثالث لهما، إما أن تنجح من خلال نفوذها وعلاقاتها المعروفة مع التنظيمات الإرهابية بإقناع هذه التنظيمات الإرهابية بتطبيق الاتفاق، والتراجع عن بياناتها التي أعلنت فيها رفضه، وعدم سحب إرهابيّيها من المنطقة المنزوعة السلاح، وسحب الأسلحة الثقيلة، وإما خوض معركةٍ عسكريةٍ ضدّ هذه التنظيمات بالتعاون مع التشكيلات المسلحة المرتبطة بتركيا لفرض الاتفاق بالقوّة وفق البرامج والجداول الزمنية التي تمّ التوصل إليها من قبل الخبراء الروس والأتراك وجرى تضمينها للاتفاق الذي وقع في سوتشي.
تركيا تواجه اليوم هذا الاختبار وغنيّ عن البيان أنّ هذه هي الفرصة الأخيرة أمام تركيا للحفاظ على علاقاتها الإيجابية مع روسيا وللإيفاء بالتزاماتها، وتجنيب منطقة إدلب معركةً كبرى استعدّ لها الجيش السوري وحلفاؤه وهو قادرٌ على ربح هذه المعركة، وإذا كان من تداعياتٍ سلبية لها فإنّ تركيا ستكون الأكثر تضرّراً من هذه التداعيات السلبية.