التحديات الإعلامية الراهنة
غالب قنديل
أثار سماحة السيد حسن نصرالله العديد من القضايا الإعلامية التي تمثل تحديات راهنة لحلف المقاومة الوطني تستدعي حركة وعملا منهجيا بهدف صد الهجمات التي تشنها شبكات منظمة بقيادة أميركية صهيونية وبمشاركة عربية ولبنانية وهذا ما يستدعي خطط عمل قادرة على الانتقال من الدفاع إلى الهجوم تطال وسائل الإعلام التقليدي ومنصات الإعلام الجديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
أولا إن العمل المنظم هو مقدمة أي عمل ذي جدوى في الحرب الإعلامية مما يستدعي توحيد الجهود والخبرات والقدرات وتشبيكها بالمعنى الحديث للكلمة بحيث تتكون مجموعات تفاعلية قادرة على المبادرة وتحريك الحملات الإعلامية على جميع الجبهات المتصلة بمعارك الوعي والدفاع عن المقاومة وفضح أعدائها وأهداف حملاتهم وتفكيك منتجاتها وصولا إلى انتزاع زمام المبادرة للانتقال إلى عمل هجومي فعلى سبيل المثالمن المفارقات المغيبة أن الولايات المتحدة هي مركز تبييض الأموال الأول في العالم وهي تحتل بلدا كأفغانستان تستثمره لتأمين خطوط تجارة الأفيون والمخدرات في العالم التي تديرها المخابرات المركزية بينما تحاول واشنطن شيطنة المقاومة بإلصاق تهمتي التبييض والمخدرات بها بينما حزب الله تقدم صفوف الأحزاب اللبنانية في مكافحة آفة المخدرات ولديه ضوابط اخلاقية ودينية معروفة تكذب تلك الاتهامات.
ثانيا إن تنسيق الجهد الإعلامي لحلف المقاومة الوطني يحتاج إلى قدر ضروري من التواصل والعمل المشترك بحيث يمكن ضبط الإيقاع بصورة منتظمة وغير موسمية إلى أقصى الدرجات المتاحة مع المجموعات والمؤسسات والأفراد الداعمين لخيار المقاومة وهنا نشير إلى شيوع التراخي والعفوية أحيانا بينما يمكن باليقظة والتواصل المستمرتلافي العديد من الأخطاء والاجتهادات المؤذية بعكس قصد أصحابها غالبا او غيرها من الانزلاقات التي حذر منها السيد نصرالله وهي احيانا تستنزف جهودا كبيرة في السعي لاحتواء نتائجها ومنع أضرارها وهناك تجارب متعددة أثبتت جدوى التواصل المستمر هجوميا ووقائيا.
ثالثا في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي حضور كثيف لأنصار الخيار المقاوم من الشباب المندفع والعابر للطوائف والمناطق اللبنانية ومن مختلف المشارب والعقائد السياسية وهو طيف واسع ومتنوع يمكن ان نجد في عداده آلاف الناشطين يكرسون مشاركاتهم على مواقع التواصل للدفاع عن المقاومة وينتدبون انفسهم بكل حمية لخوض المعارك بحماس دفاعا عنها وهذه حالة موجودة تتطلب رعاية خاصة لتنتقل إلى العمل الشبكي المنظم في مجموعات متناغمة تصلها معلومات مدققة واولويات منسقة في قيادة معاركها الإعلامية وهو ما يستدعي مبادرات منظمة لتوليد مجموعات عمل في الفضاء الإلكتروني تشكل مرجعيات لتدقيق صحة المعلومات قبل تعميمها ولصياغة المحتوى الهجومي للخطاب الإعلامي بما يناسب الظروف السياسية وفي ذلك ما يلبي حاجة ملحة نوه بها سماحة السيد.
رابعا في عداد المهام والتحديات التي ذكرها سماحة السيد في الشق الإعلامي من خطابه وردت مسائل مهمة تتصل بنشر حالة متراكمة من الوعي سواء من خلال الحضور المستمر لإنجازات المقاومة في الدفاع عن الوطن والشعب وعبر تخليد أبطالها وشهدائها في الوجدان الشعبي او عبر تأكيد الثقة بين الشعب والمقاومة وقيادتها وهذا ما يفترض بلورة مجموعات شبابية تفاعلية دائمة ومتخصصة على مواقع التواصل قابلة للنمو والتوسع لنشر هذه الأفكار ومراكمتها والعمل على تطويرها وابتكار انماط متعددة من التعبير لمخاطبة الجمهور العريض بما يتخطى النطاق الحزبي المباشر فالأبطال والشهداء في حرب التحرير من الاحتلال الصهيوني وفي الدفاع عن الوطن ضد العدوان الصهيوني والتهديد التكفيري هم أبطال كل الوطن وكل الشعب وقد ضحوا وأبطال الجيش اللبناني بدمائهم من اجل جميع اللبنانيين .
خامسا إن وسائل التواصل الاجتماعي هي اليوم ميدان نوعي لمعركة الوعي يتطلب حضورا مستمرا ويجب لفت الانتباه في هذا المجال من جانب حزب الله وسائر القوى السياسية والحزبية في حلف المقاومة إلى ان العمل في هذا الحقل يحتاج إلى شبك جهود وطاقات شبابية متنوعة على قاعدة “دع ألف زهرة تتفتح ” وحيث تستحق نزعة الابتكار والتحرر الشبابية الفرص التعبيرية القابلة للصقل والتطوير من خارج أي قوالب جاهزة عقائدية او سياسية وجرعات “الجنون ” الشبابي مستحبة في تخطي القوالب والأساليب القديمة في التعبير عن الأفكار والتوجهات والمضامين التي يجيدون شرحها وإيصالها إلى جيلهم بلغته وأسلوبه.
سادسا إن العمل الفعلي والظاهر في الواقع والميدان هو ما يمكن أن يسهم في صياغة المشاهد الإعلامية هجوميا في الوسائل التقليدية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وهنا يفترض في كل فترة زمنية وبعد دراسة علمية للواقع بلورة مجموعة من المسائل المفتاحية في مراكمة ديناميات جديدة للوعي الشعبي إضافة لحضور المقاومة الراسخ في معادلات القوة والحماية للوطن والشعب بمبادرات منظمة في التعامل مع سائر القضايا والهموم التي تشغل الرأي العام اللبناني وتعنيه.
سابعا ينبغي سياسيا تبني العمل بمنهجية الضغط المعلن داخل مؤسسات السلطة وعليها وفقا لبرامج عمل وخطط معلنة وبحيث يدعى الناس في العالمين الواقعي والافتراضي إلى مساندة مبادرات حزب الله ومعه الحلف الوطني المقاوم في حملات مبرمجة حول قضايا من نوع الدفاع عن الثروة المائية ووقف التعديات على مجاري الأنهار وعلى الشواطيء والسعي لإنهاض قطاعات الإنتاج وإيجاد فرص العمل للشباب ومكافحة المخدرات ومعالجة حالة الفراغ عند الشباب بالأنشطة الرياضية والثقافية المنظمة عبر المراكز البلدية والأندية الأهلية وغير ذلك من العناوين التي تستدعي مقاربات منهجية وبرامج عمل تحدد مسؤوليات الدولة ومؤسساتها للمطالبة بها وخوض المعارك الشعبية والإعلامية لفرض الالتزام بها ولإطلاق المبادرات الاجتماعية الملائمة.