من الصحف الاميركية
دعت بعض الصحف الاميركية الصادرة اليوم إلى التفاوض مع تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، قائلة إنه من المستحيل القضاء على “الإرهاب” عن طريق القوة، كما أن الخيارات المجدية لإدارة التهديدات أو احتوائها ضئيلة.
وأوضحت الخبيرة في دراسات “الإرهاب” بجامعة ستانفورد مارثا كرينشاو إنه وبعد 17 عاما من التركيز على التهديد “الإرهابي” بدأت دوائر الدفاع الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب توجيه أنظارها إلى الدول القوية لتقول إن ذلك ربما يكون من قبيل العمى السياسي، لأن “الإرهاب” الذي تقوم به الجماعات الجهادية أو تحثه الدعاية الجهادية لا يزال خطرا محتملا، وأضافت أنه من المرجح تماما أن يحمل المستقبل المزيد من الصراعات التي تجمع بين “الإرهاب” متعدد الجنسيات والحروب الأهلية، ومزيد من التعاون بين “الجهاديين” والمتمردين غير الجهاديين والمزيد من الانقسامات والاندماجات داخل “عالم الجهاد”.
كشفت مجلة ناشيونال إنترست الأميركية عن أن اعتراف القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) بإصابة جندي أميركي في عملية بمحافظ القصرين (غربي تونس) عام 2017؛ يؤكد “تورطا أعمق” للولايات المتحدة في تونس مما تريد أفريكوم الاعتراف به.
وتؤكد المجلة أن عملية “جبل سمامة” التي تواجه فيها عناصر من الجيش التونسي مع مقاتلين من “كتيبة عقبة بن نافع” التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأسفرت عن جرح جندي تونسي وآخر أميركي ومقتل أحد المسلحين؛ تسهم في فهم تدريجي لحجم العمليات العسكرية الأميركية في القارة الأفريقية، حيث تخوض الولايات المتحدة حربا خفية.
وترى ناشيونال إنترست أن الولايات المتحدة حافظت على وجود عسكري في تونس لمدة أربع سنوات ونصف السنة على الأقل، مما يجعل من غير المحتمل أن تكون عملية “جبل سمامة” حادثة معزولة، كما زعمت أفريكوم.
وترى المجلة أن “تونس ما بعد ثورة” كان يرجح أن تتحول لنموذج ديمقراطي إقليمي، رغم صعوبة بناء إجماع سياسي وطني، وفي ظل اقتصاد غير مستقر وتحديات أمنية متزايدة.
لذلك سعت الولايات المتحدة للحفاظ على التحول الديمقراطي المهتز في تونس، من خلال تعزيز قدرات البلد العسكرية. وتلقت السلطات التونسية دعما أمنيا مطردا بين 2014 و2017، وتحظى البلد الآن بمساعدات عسكرية أميركية أكثر من أي دولة أخرى في شمال أفريقيا أو منطقة الساحل، عدا مصر.
واستمر الوجود العسكري الأميركي في تونس منذ فبراير/شباط 2014، عندما نشر البنتاغون فريقاً ضم عشرات من عناصر القوات الخاصة في قاعدة نائية غرب البلاد، كما قام جنود تونسيون -يرافقهم مستشارون عسكريون أميركيون في مناسبة واحدة على الأقل- برصد ومراقبة أحد معسكرات المسلحين في محافظة القصرين.
ومنذ ذلك الحين قامت القوة الجوية في أفريكوم بمهام استخباراتية ومراقبة واستطلاع في جميع أنحاء تونس، انطلاقا من قاعدتي “سيغونيلا” و”بانتيليريا” في إيطاليا.
وفي أعقاب الهجوم على متحف باردو في العاصمة التونسية في مارس/آذار 2015، قدمت القوات الأميركية دعما لعملية استهدفت عناصر أساسية في “كتيبة عقبة بن نافع” في بلدة “سيدي عيش” بمحافظة قفصة، كما عمل موظفون أميركيون وطائرات مسيرة انطلاقا من قاعدة “سيدي أحمد” الجوية في بنزرت.
وترى ناشيونال إنترست أن الشراكة بين الولايات المتحدة وتونس في المجال العسكري والأمني متعددة الأوجه، وتهم مجالات بناء القدرات العسكرية وتعزيز أمن الحدود، بالإضافة إلى التدريب على تكتيكات مكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، فإن الوجود العسكري الأميركي في تونس كان دوما مصدراً للجدل، ولا ينبغي التقليل من حساسيته، كون المشاعر المعادية للولايات المتحدة وسياستها الخارجية تظل حاضرة بقوة في أوساط المجتمع التونسي.
فقد قام محتجون غاضبون عام 2012 بحرق سفارة الولايات المتحدة وإضرام النار في مدرسة أميركية قرب العاصمة تونس؛ احتجاجا على عرض فيلم مسيء للإسلام.
كما أثار قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات في الداخل التونسي، وتسببت قضية الوجود العسكري الأميركي فوق التراب التونسي في مناقشات ساخنة بالبرلمان التونسي، وشكلت في مرات عدة مصدر ضغط على الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الوزراء يوسف الشاهد.