اتفاق سوتشي ونتائجه
غالب قنديل
اظهرت الوقائع السياسية ان ما تم الاتفاق عليه بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي بخصوص إدلب قد تم التفاهم على مضمونه مع القيادتين السورية والإيرانية وبالتالي هو ترجمة لتوجه قرره محور سورية في التعاطي مع الوضع في محافظة إدلب ويمكن رصد النتائج المحققة والمرتقبة لهذا الاتفاق بما يلي :
اولا يضع الاتفاق نهاية للتلاعب والمماطلة التركية منذ اتفاق مناطق خفض التصعيد الناتج عن تفاهمات أستانة بضمانة روسية تركية إيرانية وحصيلة سوتشي هي مهلة ثلاثة أشهر للإنجاز تحت رقابة روسية ميدانية لتعهدات نزع سلاح الجماعات المرتبطة بتركيا وعزل عصابات الإرهاب القاعدية الواقعة خارج جميع التفاهمات.
ثانيا حشود الجيش العربي السوري في الميدان كانت هي العامل الرئيسي الذي احضر أردوغان إلى سوتشي باستعداد للتجاوب مع طلبات الرئيس فلاديمير بوتين فالحصيلة بعد الاتفاق أن الوضع في إدلب يسير وفقا لرؤية سبق ان بلورها الرئيس بشار الأسد واعلن عنها قبل تحرير الجنوب السوري وقوامها ان خيار التفاهمات السياسية والمصالحات والتسويات كما خيار الحسم العسكري على الطاولة.
ثالثا إن نتائج سوتشي كانت منسقة مسبقا مع دمشق وطهران وفقا لما برهنت عليه أصداؤه الرسمية في العاصمتين الحليفتين وما نوه به الرئيس بوتين لدى إعلانه عن الاتفاق الذي أبرمه مع أردوغان وهي بأي حال تمثل امتدادا لجهد روسي وإيراني متواصل تجاوبت معه القيادة السورية لتوظيف تحولات ميزان القوى في كسر العدوانية التركية وإخضاع الدور التركي لقواعد تصب في مصلحة الدولة السورية وجهودها انطلاقا من مبدأ أولوية مكافحة الإرهاب الذي طرحه الرئيس الأسد منذ عام 2011 ونجح في جعله بندا رئيسيا في جميع المبادرات والتحركات الدولية والأممية حول سورية.
رابعا تمكنت روسيا بفضل اتفاق سوتشي من إجهاض حملة تصعيد كبرى ضد سورية سياسيا وعسكريا قادتها حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني بدعم خليجي تحت عنوان التفجع على إدلب وبلغت حد حشد قطع الأساطيل الأطلسية والتهديد بعدوان ضخم ضد الجمهورية العربية السورية وقد تم إجهاض تلك التهديدات وإفشال محركيها دون المساومة على حق الدولة الوطنية السورية في السيادة الكاملة على ترابها الوطني.
خامسا في حال تم تنفيذ الاتفاق فإن عمليات التفكيك والفصل الناتجة عنه ستخفض كلفة تصفية العصابات الإرهابية وتخفف من النتائج والتداعيات التي تتحملها سورية شعبا وجيشا ودولة بشريا واقتصاديا وتلقي قسطا رئيسيا من الكلفة والنتائج على عاتق النظام التركي الذي ساهم بفاعلية في حشد العصابات الإرهابية وتسليحها وتدريبها ودعمها لشن الحرب على سورية وهو تعهد في سوتشي بالمساعدة على التخلص منها.
سادسا يمكن بتخفيف الأعباء على الجيش العربي السوري التعجيل بخطوات عسكرية حاسمة في مناطق اخرى من الأرض السورية ما تزال تتواجد فيها بؤر إرهابية ينبغي التخلص منها وهذا يعجل في اكتمال وتبلور المعادلة التي تسمح بإعلان انتصار سورية بشعبها وجيشها ودولتها الوطنية على العدوان الاستعماري بجميع قواه وحكوماته واجهزته.
سابعا إن خضوع حكومتي الولايات المتحدة وتركيا في إدلب للتوازنات التي فرضتها سورية وحلفاؤها في محور المقاومة بالشراكة مع روسيا سوف يتحكم بالفصول الباقية من المسيرة الوطنية السورية لاستكمال سيطرة الدولة على التراب الوطني السوري بكامله وهذا يعني بالذات وجهة العمل السياسي والعسكري المقبل لطرد الاحتلال الأميركي .
ثامنا تؤشر العربدة الصهيونية الخبيثة بتدبير إسقاط الطائرة الروسية من خلال محاولة لئيمة لتصنيع تصادم بين سورية وروسيا إلى هوية المتضرر من تفاهمات سوتشي فالكيان الصهيوني أول من يدرك بدقة ما يعنيه تخليص سورية وقواتها المسلحة من معظم اعباء تحرير إدلب بعد تحولها إلى خراج كبير يضم عشرات آلاف الإرهابيين والمسلحين.
إسرائيل تدرك أيضا أهمية المساهمة الروسية في هذه العملية وهي تخشى لحظة نهوض الدولة السورية وعودتها بقدرات نوعية إلى ميدانها المركزي المتمثل بالصراع العربي الصهيوني وحيث تدرك تل أبيب ان دمشق الصامتة على موضوع العودة إلى اتفاق فك الاشتباك قد تحول الأمر لفرصة سانحة للمطالبة الحاسمة والعاجلة بانسحاب صهيوني شامل حتى خط الرابع من حزيران عملا بالقرار 338 الذي احيته بقوة تصريحات الرئيس بوتين في هلسينكي.