بوب وودوورد: دور كوشنير بتنصيب بن سلمان
يكشف الصحافي الأميركي بوب وودوورد في كتابه “الخوف: ترامب في البيت الأبيض”، الذي نزل إلى الأسواق أول من أمس، الثلاثاء، عن أن جاريد كوشنير، صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قاد عملية تنصيب محمد بن سلمان، نجل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، وليا للعهد .
ويخصص وودوورد، وهو أحد الصحافيين اللذين كشفا فضيحة ووترغيت، في نهاية الستينيات، فصلا في كتابه الجديد حول توجيه كوشنير سياسة البيت الأبيض في الشرق الأوسط، خلافا لمواقف كبار المسؤولين في إدارة ترامب، وبينهم وزير الدفاع، جيمس ماتيس، ووزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون. وأكد وودوورد على أن الغاية المركزية التي سعى إليها كوشنير هي توثيق التحالف بين إسرائيل والسعودية، مستغلا عداء هاتين الدولتين لإيران.
ووفقا لوودوورد، فإن كوشنير بدأ يعمل على خطته في هذا السياق، في الأشهر الأولى من ولاية ترامب، بداية العام الماضي. ورغم أن ترامب عيّن صهره كي يقود طاقما يعمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا أن وودوورد شدد على أن كوشنير فضّل العمل على توثيق العلاقات الإسرائيلية – السعودية، واقترح أن تكون زيارة ترامب الأولى خارج حدود الولايات المتحدة إلى السعودية، وأن يتوجه منها إلى إسرائيل.
وشارك كوشنير في هذا التوجه الضابط السابق في الجيش الأميركي، ديرك هارفي، الذي عمل في البيت الأبيض في العام الأول لولاية ترامب. وينتمي هارفي إلى اليمين الأيديولوجي، وغالبا ما اصطدم مع ماتيس والجنرال هربرت ماكماستير، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي معظم العام الماضي.
وأشار وودوورد إلى أن كوشنير وهارفي نظما زيارة ترامب إلى السعودية وإسرائيل، منذ النصف الأول من العام الماضي، وذلك على الرغم من أن ماتيس وماكماستير وتيلرسون أجمعوا على أن هذه فكرة سيئة، وأن مثل هذه الزيارة لن تحقق إنجازات للولايات المتحدة. لكن كوشنير ادعى أن زيارة مبكرة لترامب في السعودية “تتلاءم تماما” مع ما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه، لأن زيارة كهذه ستعود بالفائدة على إسرائيل، بسبب الخط المشترك لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهون والقيادة السعودية ضد إيران.
ولفت وودوورد إلى أنه فور بدء كوشنير مزاولة عمله في البيت الأبيض نسج علاقات جيدة للغاية مع القيادة الإسرائيلية. وكوشنير هو أميركي يهودي، ينتمي لعائلة ثرية ويمينية ويحمل أفكارا داعمة لإسرائيل بدون أية قيود. ووفقا للكتاب الجديد، فإنه بعد فترة قصيرة من بدء كوشنير دفع فكرة زيارة ترامب للسعودية، دخل في سجال مع مسؤولين كبار في إدارة ترامب حول هوية الشخص الذي ينبغي أن يكون حلقة الوصل بين الولايات المتحدة والسعودية. ويقتبس وودوورد أقوال مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية قولهم إن المسؤولين في هذه الأجهزة رشحوا الأمير محمد بن نايف، ولي العهد في حينه، كي يكون حلقة الوصل، لكن كوشنير دفع سياسة “خطيرة”، تقضي بترقية ولي ولي العهد حينذاك، محمد بن سلمان.
وكتب وودوورد أن “كوشنير قال لهارفي إن بحوزته معلومات استخبارية هامة وموثوقة، تدل على أن الرجل الأهم في السعودية هو ولي ولي العهد، الأميرك الذي يتمتع بكاريزما ابن الـ31 عاما، محمد بن سلمان. وفي المقابل، قال رؤساء وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة إن على كوشنير الحذر. واعتقدوا أن الرجل الأهم حقيقة هو ولي العهد الحالي، محمد بن نايف، ابن شقيق الملك سلمان الذي فكك شبكة الإرهاب التابعة لتنظيم القاعدة في السعودية. وأوضحوا أن تفضيل بن سلمان الأصغر سنا سيحدث توترا في العائلة المالكة“.
ولم يوضح وودوورد أسباب طرح كوشنير فكرة ترقية بن سلمان، لكنه ذكر أن هارفي لديه “علاقات وثيقة منذ عشرات السنين في الشرق الأوسط”، بما في ذلك علاقات مع مسؤولين في إسرائيل، وأنه “كان مقتنعا بأن كوشنير على حق، ومحمد بن سلمان هو المستقبل“.
إثر ذلك، بدأ كوشنير وهارفي يعملان بشكل مباشر مقابل بن سلمان على تنظيم زيارة ترامب للرياض، رغم الشكوك التي عبر عنها ماتيس وماكماستر وتيلرسون إزاء زيارة كهذه. ودعا كوشنير بن شسلمان إلى زيارة واشنطن، في آذار/مارس 2017، واستقبل بشكل غير مألوف، حيث شأرك في مأدبة غداء مع ترامب في البيت الأبيض. وكتب وودوورد عن ذلك أن “هذا كان خرقا للبروتوكول السياسي، الأمر الذي تسبب بغضب في وزارة الخارجية الأميركية وفي CIA. ومأدبة غدار في البيت الأبيض مع الرئيس هو ليس أمرا ينبغي أن يحدث خلال زيارة ولي ولي العهد، وهو منصب متوسط الأهمية“.
ووفقا لوودوورد، فإن هذه الزيارة لبن سلمان مهدت الطريق إلى حدثين دراماتيكيين حصلا في الأشهر الثلاثة التالية. الحدث الأول هو زيارة ترامب للسعودية، في أيار/مايو 2017، ووفقا لتخطيط كوشنير. وبعد ذلك مباشرة، إطاحة بن سلمان بولي العهد محمد بن نايف، وتنصيب بن سلمان وليا للعهد. وبعد أشهر قليلة، نفذ بن سلمان حملة اعتقالات واسعة للغاية ضد أمراء وأثرياء سعوديين، وشملت هذه الحملة نشطاء حقوق إنسان بارزين.
وكتب وودوورد أن تيلرسون وماتيس حاولا تحذير كوشنير من الاعتماد الزائد على بن سلمان. وقال تيلرسون إن لديه تجربة كبيرة في العمل مع السعوديين عندما كان يرأس شركة النفط الدولية العملاقة “أكسون – موبيل”، وأن “السعوديين ينثرون الوعود دائما، لكنهم يختفون عندما تحتاج توقيعهم”. وقال ماتيس لكوشنير إن عليه أن يتعمل بتشكك مع وعود بن سلمان فيما يتعلق بالتغييرات التي بإمكانه جلبها إلى السعودية والشرق الأوسط. لكن كوشنير تجاهل هذه التحذيرات.