من الصحف البريطانية
تحدثت الصحف البريطانية الصادرة اليوم عن تأكيد معهد توني بلير (منظمة غير ربحية أسسها رئيس الوزراء البريطاني السابق) تلقيه تبرعات من المملكة السعودية، وقالت الصحيفة البريطانية -في تقرير لمراسلها جيم بيكارد- إن الدفعة السعودية ذكرت في أول مجموعة من حسابات المنظمة، بجانب مساهمات من الخارجية الأميركية والحكومة الكندية وبعض الحكومات الأفريقية وفيكتور بنشوك (مؤسسة خيرية أنشأها ملياردير أوكراني) .
وأوضحت أن التبرع السعودي يأتي من “ميديا إنفستمنت ليمتد” وهي شركة تابعة لمجموعة الأبحاث والتسويق السعودية المسجلة بجزيرة غيرنسي في بحر المانش. وكان يترأس المجموعة الأمير بندر بن عبد الله بن محمد الفرحان (وزير الثقافة الآن).
وقد ذكر أنه في وقت سابق من هذا الصيف أن “ميديا إنفستمنت ليمتد” كانت قد منحت منظمة بلير 9 ملايين جنيه إسترليني، ومع ذلك لم يذكر المبلغ المقدم منها بالحسابات، وقال متحدث باسم المنظمة -الذي لم يؤكد أيضا المبلغ- إن التبرع سيدرج بدلا من ذلك بحسابات 2018 في غضون عام. وقالت منظمة بلير إنها ملتزمة بالعمل من أجل التحديث والإصلاح، وإن أيا من هذه الأموال لا يذهب شخصيا إلى رئيس الوزراء السابق الذي يعمل مجانا.
كتبت مضاوي الرشيد أن السعودية كدولة مسألة قابلة للمناقشة، ولكنها ترى أن ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان عازم على تطوير “قومية سعودية جديدة” بين الشباب شعارها “السعودية للسعوديين” وعلى غرار قول ترامب “السعودية أولا“.
وأشارت مضاوي، وهي أستاذ زائر بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إلى أن كلا الشعارين برزا في خطاب الكتاب المجندين بالصحافة ووسائل الإعلام الاجتماعية المملوكة للدولة، وأن هذا الوصف الجديد ليس مجرد حركة شعبية عفوية بل مبادرة تقودها الدولة تحت رعاية ولي العهد.
وفي مقالها بموقع ميدل إيست آي البريطاني، قالت الكاتبة إن ولي العهد -الذي دائما ما يذكر جمهوره من رعاياه الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما ويمثلون نحو 51% من السكان- يقدم نفسه كنموذج يحتذى به إذا اعتُبر السعوديون من بين الأمم الحديثة. وأضافت أنه يلعب على وتر احتياجاتهم وتطلعاتهم لتعزيز شعور جديد بالانتماء. وبما أنهم من أولوياته فهو يتوقع منهم أن يجعلوا المملكة شغلهم الشاغل.
وتشير الكاتبة إلى أنه بصوغه الشباب كفئة متجانسة يحدد احتياجاتهم ويذيب اختلافاتهم ويلغي تنوعهم، وترى أن القومية الجديدة تعد الشباب بالابتعاد عن الركود الاقتصادي السابق والحماسة الدينية والنزعة الاجتماعية المحافظة وأن الأمة الجديدة لن تولد إلا بعد تدمير القديمة.
وترى أن القومية السعودية الجديدة مبادرة من القمة إلى القاعدة وأن الغرض منها ابتكار غراء يلصق الشباب بالملكية، ومثل جميع القوميات يحتاج هذا النموذج الجديد المثقفين ورجال الأعمال والمناصرين الشباب لنشره على مستوى القاعدة.
وتعتقد الكاتبة أن كينونة أن تكون “سعوديا” بدلا من أن تكون “عربيا أو مسلما” هي الآن مفتاح خطط ابن سلمان لتوطيد سلطته وتوقعاته المستقبلية للسعودية ونجاح تحوله الاقتصادي، وأن هذه الأهداف الثلاثة التي تدعم معظم سياساته.
وتعلق في مقالها بأن القومية السعودية الجديدة يقصد بها أيضا رسم حدود بين السعوديين والمقيمين الأجانب الذين تتضاءل أعدادهم منذ تقلده السلطة عام 2015 حتى بلغ عدد الذين غادروا البلاد 700 ألف، كما أن “برامج السعودة” قد سرعت بهذا الهروب الجماعي.
وعلاوة على ذلك، تعزز القومية الجديدة الجبهة الداخلية ضد أعداء حقيقيين ووهميين مثل إيران، ولم يعد التبرير القديم وراء الصراع مع طهران هو المذهب الشيعي “المهرطق” بل الأطماع الاستعمارية “للفرس” الذين كانوا يتحكمون في الماضي في أجزاء كبيرة من شواطئ شبه الجزيرة العربية. وعلى هذا الأساس القومية السعودية هي القوة الدافعة للحفاظ على زخم التنافس مع إيران حيا بين الشباب. وأخيرا القومية الجديدة ينظر إليها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مفهوم “الإنسان الاقتصادي العاقل“.
وترى أن التناقضات تصبح أكثر اضطرابا في أن القومية السعودية تتناقض مع زج القبلية في الصراعات الإقليمية، وأن هذا الأمر ظهر بشكل أوضح خلال النزاع الذي تجاوز السنة مع قطر عندما حشدت السعودية الجماعات القبلية السعودية وألفت شعرا بدويا مهينا في حق أميرها.
وختم المقال بأن بدعة مشروع الهندسة الاجتماعية لابن سلمان لبناء الأمة وهم متناقض مثل كل المشاريع القومية السابقة والحاضرة، وأن إيجاد شكل معتدل من الوطنية له قيمته في تعبئة المواطنين للعمل. ولكن كراهية الأجانب والقبلية والتطرف واللاقومية السطحية لا تكاد تتفق مع مشروع ليبرالي جديد لتحويل المملكة إلى اقتصاد منتج ودولة متسامحة ومجتمع مفتوح.