ماذا يربط بغداد وبيروت وإدلب ؟
غالب قنديل
ليست مصادفة بحتة أن تتزامن حالة الانتظار والمناورة والمماطلة في تشكيل حكومتي المساكنة بين المحورين في لبنان والعراق بينما تتواصل تحضيرات الجيش العربي السوري والحلفاء لتحرير إدلب وتبذل روسيا وإيران جهودهما لاستكمال ترويض الموقف التركي بما يناسب ظروف معركة فاصلة ضد عصابات الإرهاب سعت الولايات المتحدة لاعتراضها عبر التهديد بضربات عسكرية جديدة في سورية وحشدت لها بوارج محملة بالصواريخ المجنحة كما حصل غير مرة منذ حملة اوباما لقصف سورية في أيلول 2013.
الاستنفار الأميركي ناتج بالأصل عن كون عصابات الإرهاب المستهدفة في إدلب وكامل الأرض السورية هي بمثابة أهم وآخر وحدات الكوماندوس البري في خطة العدوان الاستعماري الصهيوني المتواصل على سورية والتهويل الأميركي يستهدف الانخراط الروسي النوعي في هذه المعركة والاحتواء الروسي الإيراني الناجح حتى الساعة في لجم التورط التركي.
قدمت الولايات المتحدة دعمها البري والبحري غير المحدود لهذه العصابات التي حظيت بغطاء جوي تركي ردعته روسيا ومن ثم بغطاء صهيوني مزقه الجيش العربي السوري مدعما بالقوة الصاروخية الرادعة لمحور المقاومة في سورية وتكتسب المعركة أهميتها لأنها مثل جميع العقد الفاصلة في الميدان السوري سترتب نتائج استراتيجية وجميع من يتابعون التطورات يدركون ان انتصار سورية في إدلب سيعجل في خوض معركة اقتلاع الاحتلال الأميركي في الشرق السوري وربما تقود التطورات الميدانية إلى استهداف القوات الأميركية في سورية والعراق معا من قبل فصائل المقاومة في المنطقة ومن هنا التركيز الأميركي السعودي عراقيا على إضعاف الحشد الشعبي الذي يمثل إحدى انشط قوى محور المقاومة كما برهن على ذلك دوره الفاصل في سورية والعراق خلال معارك القضاء على اوكار عصابات التكفير.
لا يناسب الولايات المتحدة خلال معركة فاصلة في سورية ستفتح أبواب النضال السوري لطرد الاحتلال الأميركي أن تتسلم في لبنان او العراق حكومتان تعكسان توازنا جديدا للقوى يرجح خيارات إقليمية اكثر توزانا ولاسيما التوجه نحو الشراكة الإقليمية الأوسع مع سورية وإيران وروسيا بدلا من احادية الارتماء بالحضن الأميركي السعودي الفرنسي البريطاني.
بفعل ما تقدم تبدي الولايات المتحدة جدية أعلى في تعميم المماطلة وتضييع الوقت ومحاولات خلط الأوراق في ساحتي المساكنة أي في العراق ولبنان لاستشعارها خطر تحول في التوازنات السياسية اللبنانية والعراقية لصالح محور المقاومة وخياراته الأشد جذرية بينما بلغت ضغوطها على إيران حائطا مسدودا وعجزت عن منع توقيع اتفاق تعاون عسكري ودفاعي بين سورية وإيران كما فشلت بالشراكة مع إسرائيل في محاولة استدراج روسيا إلى تقديم تعهدات تتعلق بالتواجد الإيراني في سورية او بانتشار قوات حزب الله قرب خطوط الجبهة في الجولان.
تستهلك واشنطن رصيد محورها في لعبة الانتظار اللبناني والعراقي وهي تعول كثيرا على تصعيد العقوبات ضد إيران وتحريك جماعاتها في الداخل على امل ارباك المحور برمته إلى جانب محاولاتها لمشاغلة روسيا بالعقوبات التصاعدية بذريعة اوكرانيا والقرم ولكبح التقدم الروسي والصيني في الفضاء الأوروبي لكن روسيا مدركة لمركزية معركة إدلب بوصفها اولوية روسية وبالتالي فالزمن هو حليف محور المقاومة وما بعد إدلب في المنطقة بأسرها سيكون غير ما قبلها وليس في سورية فحسب والغد لناظره قريب.
إن على قوى محور المقاومة في هذه المرحلة التشدد في شروطها الحكومية لجهة توازن التمثيل مع استمرار المساكنة وعليها الإصرار كذلك على انتهاج سياسة إقليمية متوازنة فلم يعد مبررا خضوع هذا المحور لحملات الابتزاز السياسية باعتماد خيار حكومي منحاز وغير متوازن عبر الالتصاق بالمحور الأميركي السعودي والقطيعة مع إيران وسورية وروسيا.
يجب إفهام المحور الأميركي السعودي وعملائه في لبنان والعراق انه يضيع الفرص فما هو مقبول اليوم لن يكون مقبولا غدا وليقتلعوا أشواكهم بأيديهم بعد تحرير إدلب وانتصار الجيش العربي السوري وحلفائه.