مناورات تضييع الوقت في لبنان والعراق بالانتظار!: ناصر قنديل
– مرة أخرى نتحدث عن الربط بين تشكيل الحكومة في لبنان وتشكيل الحكومة في العراق، والقضية ليست خيالاً بوليسياً، فمنذ التمديد الأخير للمجلس النيابي اللبناني، وظهور توقيت الانتخابات النيابية بالتزامن مع الانتخابات العراقية، حيث لا فرص دستورية لتمديد ولاية البرلمان، كان السؤال عن سر التزامن، ومع تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان ودخول التشكيل مرحلة الوقت المفتوح تأسيساً على معركة دونكيشوتية تم خوضها للفوز بها تحت عنوان، أن لا أحد يفرض مهلة على رئيس الحكومة في تشكيل الحكومة، والحديث عن التأخر مساس بصلاحيات رئيس الحكومة، حيث حشدت كل الأسلحة الطائفية واستجاب كل المعنيين لأداء أدوارهم في تظهير التأخير في ولادة الحكومة تعبيراً عن قوة الطائفة ومكانتها وتجرؤ من يمثلها في الحكم على ممارسة صلاحياته غير منقوصة. وبالتوازي كانت المفاجأة بتأخير شهور في إعلان نتائج الانتخابات العراقية، وبالتزامن أيضاً يشهد العراق ولبنان مشهداً سوريالياً حول الوضع الحكومي، ففي العراق لا يعلم أحد حقيقة الكتلة التي ستسمّي رئيس الحكومة، وفي لبنان تشكيلة معلوم أنها منقوصة الشروط للولادة، يقدّمها الرئيس المكلف، والعنوان في البلدين تخدير الناس بوهم الاقتراب من الحكومة العتيدة، والحكومة لا تولد .
– هذا الترابط الذي يبلغ حدّ التلازم الزمني يوماً بيوم، منذ الانتخابات المتزامنة في السادس من أيار إلى الإعلان عن مسودة حكومية في الثالث من أيلول، ليس صدفة، ففي العراق كما في لبنان مواجهة أميركية مع قوى المقاومة وسعي لإضعاف حضورها في المعادلة الحكومية إلى حد العزل والتطويق، ورهان على تبلور معطيات أشد تأثيراً لتحقيق هذا الهدف، لا ينسجم الرهان عليها مع تسريع ولادة الحكومة في كل من بغداد وبيروت، فالعقوبات الأميركية بنسخة مشدّدة على إيران ستنطلق بعد شهرين، والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان تعود للعمل هذا الشهر وهي في نهاية مهمتها لإصدار أحكام لتجريم المقاومة باغتيال الرئيس رفيق الحريري. والرهان على كل ذلك في إضعاف قوى المقاومة، وإقناع القوى التي بات واضحاً أنها تشكل بيضة القبان في ولادة الحكومة، وهي التحالف الكردي في العراق والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية في لبنان، بأن ربط مصيرها بصيغ مشتركة مع قوى المقاومة يشكل خياراً انتحارياً، ولذلك يجري بذل كل شيء للتعطيل من جهة، وتمييع الضغط الشعبي الذي يطالب بالتسريع تحت ضغط الحاجة لحكومة، بمناورات توحي بالتقدم، وعدم قطع الخيط الواصل مع القوة الوازنة التي لا حكومة بدونها.
– ما شهدته كل من بغداد وبيروت أمس، يقول إن التلاعب بالمسار الدستوري مستمر، وإن استيلاد حكومة جديدة لا يناسب التوقيت الأميركي، إلا إذا كانت حكومة تستضعف قوى المقاومة وتأتي بها إلى مشاركة شكلية، والحرص مستمر على اللون الرمادي في المرحلة الانتظارية من الحريري والعبادي. لكن في النهاية عندما يصير وقت الدخان الأبيض ويخسر الأميركي رهاناته فهو لا يدفع الثمن، بل يتأقلم مع الوقائع الجديدة، ويصير التضحية بالذين قدّمهم عنواناً للرهان. ربما هذا بعض وجوه تحذير الأمين العام لحزب الله، من اللعب بالنار، لأن اللاعب يحرق نفسه أولاً.