“بيغاسوس”: سلاح إسرائيلي في خدمة بن زايد
يومًا بعد يوم تتكشّف أكثر العلاقات الإسرائيلية بولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، التي يبدو أن لا قاع لها، فمن مناورات عسكريّة ولقاءات سريّة وتلاقٍ سياسي في المنطقة، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” فصلا آخرَ من فصول أدوار بن زايد في المنطقة، الأشبه بالمافيا، منها التجسس على أعدائه وخصومه وحلفائه، باستخدام تكنولوجيا “بيغاسوس” الإسرائيلية التي أسسها ضباط سابقون في الجيش الإسرائيلي .
بشكل سريّ، يستخدم حكام الإمارات، في السنوات الأخيرة، برنامج تجسس إسرائيليًا اخترقوا بواسطته هواتفَ معارضيهم وخصومهم في الداخل وفي الخارج، منها هواتف أمير دولة قطر، وقائد الحرس الوطني السعودي، متعب بن عبد الله، وصحافييّن ومثقفين عرب، بحسب ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، اليوم الجمعة.
كما طاول التجسس، وفقًا للتقرير، 159عضوًا في الأسرة الحاكمة القطريّة، يمكن للمشغلين تحديد موقعه والتنصت عليه وإنزال تطبيقات وتسجيل مكالمات والتقاط صور بواسطته، وإجراء مكالمات، وقراءة وكتابة رسائل نصية قصيرة وإيميلات، ودخول شبكات تواصل اجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”لينكد إن”، وإجراء مراسلات باسم صاحب الجهاز في “ماسنجر” و”سكايب“.
واستند تقرير الصحيفة إلى رسائل إلكترونية مُسربة اطّلعت عليها محكمتان قبرصيّة وأخرى إسرائيلية، يوم أمسٍ، الخميس، بعد تقديم دعويين ضد مجموعة الشركات المُصنّعة لبرامج التجسس “إن إس أو“.
وقامت الشركة الإسرائيليّة بتسجيل محادثات لرئيس تحرير صحيفة “العرب” اللندنيّة الممولة إماراتيًا عام 2014، عبد العزيز الخميس، بعد أربعة أيّام من استفسار إماراتي عن إمكانيّة تسجيل محادثات أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أو مراقبة هاتف قائد الحرس الوطني السعودي، متعب بن عبد الله، الحليف اللدود للإمارات، أو تسجيل مكالمات الخميس، في تجربة لإثبات نجاعة البرنامج.
وأكّد الخميس، الذي ترك رئاسة تحرير الصحيفة وانتقل عام 2015 للعمل في قناة “سكاي نيوز عربية” ومقرّها أبو ظبي، صحّة هاتين المحادثتين، مُضيفًا أنه لم يكن يعلم أنه تحت المراقبة.
وبالإضافة إلى هاتين المحادثتين، كُشفت دعويان منفصلتان لمواطن قطري وصحافي مكسيكي على المجموعة لمساهمتها في التجسس عليهما.
وتُعتبر “إن إس أو” من المجموعات الرائدة في مجال صناعة برامج التجسس وبيعها للحكومات مقابل عشرات ملايين الدولارات، ووصفتها الصحيفة بأنها أشهر الشركات المعنية بتطوير برامج من هذا النوع لغزو الهواتف الذكية.
وتزعم المجموعة الأمنية الإسرائيلية أنها تبيع هذه التكنولوجيا للحكومات التي توافق على شروط استخدام هذه التقنيات ضد “المجرمين” فقط، لكن الحكومات تستطيع تشغيلها من تلقاء نفسها بعد إتمام عملية البيع، إلّا أن طبيعة منتجات شركات المجموعة الأمنية تُلزمها على أخذ موافقة من وزير الأمن الإسرائيلي قبل بيع هذه التقنيات، إذ أنها تُستخدم سلاحًا للأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية.
وتؤكد الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني المسربة أنّ ادّعاءات المجموعة عدم مسؤوليتها عن “سوء استخدام” الحكومات المختلفة لتقنياتها غير صحيحة، إذ أن المعلومات تُشير إلى تورط شركات المجموعة في هذه الانتهاكات بشكل مباشر.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أنه في حالة الإمارات، فقد ساهمت إحدى شركات المجموعة الإسرائيلية الأمنية في مراقبة مسؤولين حكوميين غير إماراتيين بطلب إماراتي، ونجحت في تسجيل مكالمات الصحافي السعودي، بطلب من زبائنها الإماراتيين منذ أربع سنوات.
وقالت الصحيفة الأميركية إن التقنية الإسرائيلية تعمل عن طريق إرسال رسالة نصية لجهاز محمول مُستهدف، لتوقع صاحبه بفخ فتح البريد الإلكتروني، الأمر الذي يؤدي إلى تحميل البرنامج الخبيث المُسمى بـ”بيغاسوس”. وبعد تحميله، وبالتالي تفعيله، يسجل البرنامج جميع المكالمات الصوتية والرسائل النصية والبريد الإلكتروني وحتى محادثات الفيديو.
وكانت صحيفة “غلوبس” الاقتصاديّة، قد نشرت في العام 2013، أنّ مؤسيي شركة “إن إس أو” الإسرائيليّة هم ضباط سابقون في وحدة 8200العسكريّة التي تتبع شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، مهمّتها ما يسمى عسكريًا بـ”استخبارات الإشارات”، أي جمع المعلومات الاستخباراتية عن طريق اعتراض الإشارات.
وأوضحت الصحيفة، حينها، أن برنامجًا طوّرته الشركة يدعى “بيغاسوس” بإمكانه الدخول إلى أي هاتف محمول يختاره مشغّلو البرنامج، وسحب منه كل المعلومات الموجودة فيه، من رسائل عادية ورسائل إلكترونيّة وحتى أرشيف محرّكات البحث داخل الجهاز وقائمة الهواتف بدون موافقة أو حتى معرفة مزوّد الخدمة أو صاحب الجهاز، طبعًا.
كما أوضحت الصحيفة، نقلًا عن مجلة “ديفنس نيوز”، أنّ ما يميّز هذا البرنامج عن برامج التجسس الأخرى هو قدرتها على الوصول إلى هواتف عينيّة يختارها المشغّل، دون أهميّة لمكانهم أو الشركة المشغّلة للجهاز.
وبلغ تمويل الشركة المنتجة أكثر من 1.6، في مرحلتها الأولى، وموّلها الضباط السابقون في وحدة 8200 من “جيوبهم الخاصّة“.
في آب/أغسطس 2016، اضطرت شركة “آبل” الأميركيّة إلى إصدار تحديث جديد لنظام تشغيل iOS المشغّل لهواتف آيفون بسبب اكتشاف اختراق، أشارت أدلّة إلى تورّط تكنولوجيا “بيغاسوس” فيه، بحسب “هآرتس“.