الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

تصاعد غضب المسؤولين الأمريكيين من التحالف العربي، ومن المملكة العربية السعودية بسبب انعدام الشفافية في تحقيقات الضربات الجوية التي تقتل مدنيين في اليمن ، وكان آخر التصريحات بحسب الصحف الاميركية الصادرة اليوم للجنرال جيفري هاريجان قائد القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط الذي حث تحالف القوى العربية بقيادة السعودية على أن يكون أكثر استعدادا للتحقيق في غارة جوية أصابت حافلة مدرسية مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 طفلا، في وقت سابق هذا الشهر في محافظة صعدة شمالي اليمن.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن حديث هاريجان يعكس السخط المتزايد من جانب مسؤولي الولايات المتحدة بسبب النزاع الذي تحول إلى كارثة إنسانية، وقال الجنرال هاريجان في مقابلة هاتفية طويلة: “هناك مستوى من الإحباط الذي نحتاج إلى الاعتراف به؛ يجب أن يخرجوا ويقولوا ما حدث هناك”.

في مقال بمجلة ناشونال إنترست الأميركية عن سبب لجوء الدول إلى الحروب بالوكالة، يرى الباحث دانيال بايمان -وهو أستاذ بمركز بروكينغز لسياسة الشرق الأوسط- أنها غالبا ما تعد بالضرب على الوتر السياسي الحساس بين القيام بأقل التكاليف وأعلاها، لكن واقع الأمر أنها شكل منقوص من الحروب.

وضرب الباحث مثلا بالحرب السورية بأنها أكثر الصراعات دموية وأن جل اللوم يمكن توجيهه إلى جيران سوريا والقوى الكبرى. وحتى الآن تدخلت فرنسا وإيران وإسرائيل والأردن وروسيا والسعودية وتركيا والإمارات وبريطانيا وبالطبع الولايات المتحدة، وهذه القائمة الطويلة تستثني العشرات من أعضاء التحالف الآخرين الداعمين لجهود واشنطن أو الذين لعبوا أدوارا أصغر بطريقة أخرى.

وقال المقال إن هذه الدول قصفت أعداءها في سوريا وقدمت المال والسلاح والتدريب إلى الحكومة أو جماعات المعارضة، وقدمت ملاذا آمنا للمقاتلين وضغطت من أجل قضيتها المفضلة بالمحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، واستخدمت سلطتها من جهة أخرى لمساعدة جماعة محلية تعمل كوكيل لمصالحها.

وأشار إلى أن تجربة سوريا ليست استثنائية، وأن واقع الأمر أن كل الحروب الكبرى التي نشهدها اليوم في جوهرها حروب بالوكالة. ففي أوكرانيا تدعم روسيا الجماعات المتمردة التي أعلنت رسميا ضم جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين. وفي ليبيا نجد روسيا والسعودية والإمارات تدعم زعيم المليشيا خليفة حفتر الذي يسعى للسيطرة على البلاد بينما تعترف واشنطن بشكل رسمي بالحكومة المنافسة في طرابلس، ولكنها تعمل على أساس يومي مع المليشيات لمحاربة تنظيم داعش في البلاد.

وفي اليمن تدعم السعودية والإمارات مزيجا متنافرا من الوحدات العسكرية للنظام السابق والانفصاليين الجنوبيين والجماعات القبلية ضد قوات الحوثي التي تدعمها إيران. وفي أفغانستان لطالما دعمت باكستان طالبان التي تلقت أيضا دعما من إيران وروسيا من حين لآخر. وهناك أيضا الحرب الأهلية الكونغولية التي كانت من أكثر الصراعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية حيث تورطت فيها تسع دول و25 مجموعة متمردة.

ويرى الكاتب أن فهم مدى انتشار الحروب بالوكالة ليس صعبا، فهي تمكن التدخل بثمن بخس وتكلف جزءا صغيرا من نفقات نشر قوات أي دولة وهي التي تقوم بالقتل. ولأن التكاليف أقل فإن الحروب بالوكالة تكون أيضا مستساغة سياسيا، إذ أن القليل من الأميركيين يعرفون أن الولايات المتحدة تقصف ليبيا، ناهيك عن أي ميليشيا معينة تدعمها في القيام بذلك.

وأضاف أن استخدام الحروب بالوكالة أداة سياسة خارجية استثنائية يبدو أنها تتلاءم مع الأساليب التي استخدمها الرئيسان الأميركيان الحالي دونالد ترامب والسابق باراك أوباما في السياسة الخارجية، فمع كل خلافاتهما لم يقدما على نشر القوات الأميركية على نطاق واسع بالرغم من وعودهما بمكافحة الإرهاب.

وعلى الرغم من المزايا العديدة التي يتمتعون بها فإن الوكلاء غالبا ما يخيبون آمال كفلائهم. فبدلا من أن تكون الجماعات المحلية ممتنة ومطيعة فإنها غالبا ما تسلك طريقها الخاص وتتابع مصالحها الخاصة بينما تحصل على المال والدعم الآخر الذي تتلقاه، وغالبا ما تكون كفاءة الوكلاء في حدها الأدنى بينما لا تعرف وحشيتهم حدودا تذكر. والبعض منهم يجر أسياده المفترضين إلى تدخلات غير مرغوب فيها.

ومع ذلك، يعتقد الكاتب أن الحروب بالوكالة لن تنتهي وأن على الولايات المتحدة أن تبقي أعينها مفتوحة عند استخدام الوكلاء وعندما تقاتلهم، وأن هؤلاء الوكلاء أكثر فوضوية وغالبا ما يكونون أكثر تكلفة مما يبدون.

والحرب بالوكالة تحدث عندما تقوم قوة كبرى بتحريض أو لعب دور رئيسي في دعم وتوجيه القتال في بلد آخر، ولكنها لا تشارك إلا بقدر صغير من القتال الفعلي بنفسها. ومن الناحية العملية الحرب بالوكالة أشبه بطيف، وفي أي صراع غالبا ما يتغير التوازن بين قوى الدولة الراعية والوكيل.

وكثيرا ما يؤدي دعم الوكيل لقيام دول أخرى بدعم حصانها المفضل مما يؤدي لتفاقم النزاع العام، كما هو الحال في لبنان الذي ظل لسنوات عديدة يرى إيران والعراق والسعودية وإسرائيل وسوريا وغيرها من القوى تتدخل بانتظام وتدعم الفصائل المتناحرة، وهذا بدوره زاد من استقلالية الوكلاء لأنهم قد يهددون بالتحول إلى قوى أخرى إذا شعروا أنهم غير مدعومين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى