مصدر عسكري اسرائيلي: أزمات عديدة تمس بجهوزية الجيش
حذر مفوض شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، من وجود أزمات داخل الجيش، الذي وصفه بأنه “تنظيم متوسط المستوى”، وأن “الضباط الميدانيين تحولوا إلى مجموعة جبناء” يتخوفون من تقديم شكاوى، وأن الضباط برتبة لواء “منشغلون بالمظهر وليس بالجوهر”. وجاء ذلك في رسالة بعثها بريك، وثّق فيها سلسلة طويلة من محادثات أجراها مع عشرات الضباط في العديد من الشعب والأذرع والوحدات في الجيش، إلى كبار الضباط في الجيش وأعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، حسبما ذكر موقع صحيفة “هآرتس” الالكتروني اليوم، الأربعاء.
ووصف العسكريون الجيش الإسرائيلي بأنه “تنظيم متوسط المستوى ويعاني من تآكل إثر أعباء أثقل مما ينبغي تفرضها مهمات، وعدم إلتفات القيادة العليا للمشاكل، ووجود أزمة معنوية شديدة بين الضباط الشبان، الذين لم يعودوا معنيين بالالتزام بالتوقيع على فترة جديدة للخدمة الدائمة بسبب الوضع في الوحدات العسكرية”. وبحسب بريك، فإن “أزمة القوى البشرية تمس بجهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب”، واقتبس من أقوال ضباط ميدانيين يحذرون من أن “قيادة الجيش تسوق مظهرا كاذبا لجهوزية أعلى مما هي في الواقع“.
وحذر بريك من الخطة العسكرية المتعددة السنوات، المعروفة باسم “غدعون”، التي تنص على تسريح ضباط من الخدمة الدائمة، في سن 28 عاما أو 35 عاما أو 42 عاما، مشيرا إلى أن حجم هذه الأزمة سيتضح بعد عدة سنوات. وكتب أن “اختيار الجيش سيستند إلى تسويات والخدمة في الجيش ستتحول إلى خدمة ضباط متوسطين المستوى“.
وقال بريك في رسالة إن تقليص 4000 وظيفة في الخدمة الدائمة، ونقل وظائف من ذراع البرية إلى وحدات الاستخبارات والسايبر والتكنولوجيا، تسبب “بتراجع كبير في صفوف العسكريين، تمثل بالسطحية والضحالة في تنفيذ المهمات، وحتى بعدم تنفيذ مهمات. وفي موازاة ذلك، يوجد تراجع كبير في حافزية الخدمة العسكرية، تظهر في وحدات عديدة وبينها الوحدات القتالية البرية ووحدات التكنولوجيا والتصنت والاستخبارات والطب واللوجيستية وغيرها”. وبين أسباب تزايد ثقل الأعباء، تقصير مدة الخدمة النظامية من 36 شهرا إلى 32 شهرا. وأضاف أن كل هذه التغيرات “أدت إلى تدهور خطير في قدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذ مهماته ولذلك تضررت جهوزيته للحرب“.
واقتبس بريك من أقوال قائد لواء (اللواء يضم عددا من الكتائب)، بأنه “نشأ وضع في الجيش الإسرائيلي لا يجرؤ فيه أحد على توجيه انتقاد في المؤتمرات ولا يتحدثون عن المشاكل. الضباط برتبة لواء يستعرضون أمامنا أن الوضع ممتاز، لكنهم منشغلون بالمظهر وليس بالجوهر. ونحن، الضباط الميدانيون، تحولنا إلى مجموعة جبناء. وأنا أخجل لأني توقفت عن التحدث عن المشاكل في المؤتمرات، لكن لأسفي هذا الأمر سيضرني، إذ أن الأقوال تنزل على آذان صماء“.
وأضاف الضابط نفسه أن “المفهوم في الجيش اليوم هو عدم طرح المشاكل. والرسالة هي: ’تدبروا أمركم بما هو متوفر’. الضباط الكبار يريدون الحفاظ على أجواء جيدة ولذلك لا أحد يوفر تفسيرات للانتقادات وعدم تنفيذ الأوامر. يوجد انعدام طاعة في الجيش الإسرائيلي ومن يطرح المشاكل يُعتبر بكّاء. والضباط الأقل رفعة لا يحتجون، خشية عدم الاستجابة لهم. والقيادة العليا تفسر الانتقادات على أنها تحريض. ويشعر الضباط الميدانيون بأن الأفضلية هي لسلاح الجو والاستخبارات والسايبر، وأن الذراع البرية موجودة في طرف سلسلة الغذاء. والمثال الأبرز على ذلك هو أن جميع الضباط برتبة لواء لم يوافقوا على تولي منصب قائد الذراع البرية. وهم يشعرون بأنه لا توجد كلمة لقائد الذراع البرية في هيئة الأركان العامة“.
ووفقا لبريك، فإن قادة ألوية وكتائب نظامية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبة حقيقية في تجنيد قادة سرايا بنوعية جيدة لخدمة دائمة طويلة. وأضاف أن ضباط يتحدثون عن “الوضع آخذ بالتدهور وحسب”. ونقل عن قائد لواء في الجبهة الشمالية قوله إن “الجيش الإسرائيلي فشل في إبقاء الضباط الجيدين في صفوفه. فالجهاز لا يرى الأفراد وإنما اعتبارات المال والتوفير. وهذا يقود إلى انعدام ثقة“.
وقال قائد لواء آخر إنه “بعدم وجود خيار فإننا نعين اليوم ضباطا ما كنا سنقدم على تعيينهم في الماضي… وتوجد ضحالة في تنفيذ المهمات”. ولفت نائب قائد كتيبة إلى أن “قادة الكتائب لا يتواجدون في منطقة الكتيبة، لأنهم منشغلون طوال اليوم في مداولات ودورات استكمال وأيام دراسية. ويتواجد قائد الكتيبة في منطقته 40% من وقته ولذلك فإنه لا يؤثر على ما يحدث. والجيش منشغل أكثر في المظهر الخارجي من الجوهر الداخلي. وجيشنا هو جيش بمستوى متوسط ويواصل التدهور“.
وقال بريك إنه توجد شكاوى متكررة من جانب قادة سرايا، مفادها أن “لا أحد من القيادة العليا، قادة الفرق العسكرية وجنرالات هيئة الأركان العامة يحضر للتحدث معهم حول المشاكل الميدانية. والقيادة العليا معزولة عن الميدان منذ سنوات، وهناك عشرات المواضيع التي لا يحصل قادة الكتائب والألوية على رد بشأنها من قادتهم”. وأضاف بريك أن ضباطا أبلغوه خلال زيارته للجبهة الشمالية بأن “لا يمكنهم تنفيذ الأوامر لأن الفجوات في القوى البشرية المنتشرة عند الحدود تتحمل أعباء لا تحتمل“.
وتلقى بريك رسالة وقعها عشرات الضباط بمستوى متدن، وقالوا فيها إنه “توجد قطيعة هائلة بين القيادة العليا والضباط الصغار. ونُطالب بمواجهة معضلات مهنية وأخلاقية وقيادية تتطلب مرافقة وتربية عسكرية. وهناك عدم إنصات مطلق من الضباط الكبار حيال هذه المعضلات. والانشغال اليوم يتركز على تنفيذ المهمات في جدول زمني مزدحم، وتقليص الوظائف يتسبب بإهمالنا. ولا توجد أية خطة لتطوير الضباط في الوحدات. روح الجيش ليست موجودة. ولا يوجد محفزات على التوقيع على اتفاق خدمة دائمة. يوجد انعدام ثقة في المؤسسة العسكرية وانعدام يقين بالنسبة للمستقبل”.