إسرائيل تستبق شهادات الفلسطينيين بشكوى ضد “الجنائية الدولية”
قدمت إسرائيل “احتجاجا شديد اللهجة” إلى إدارة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ضد قضاة ينظرون في الشكاوى الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي حول الحرب العدوانية التي شنها على قطاع غزة عام 2014، والبناء الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية، بحسب ما جاء في القناة العاشرة الإسرائيلية.
وأوضحت القناة أن الشكوى الإسرائيلية جاءت إثر حملة أطلقتها المحكمة للتواصل مع ما تسميه “ضحايا الأوضاع في فلسطين” بهدف جمع الأدلة في إطار التحقيق المسبق في “الشكاوى الفلسطينية حول جرائم حرب إسرائيلية”، ما أثار غضب القيادة السياسية في إسرائيل.
وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، قد فتحت في كانون الثاني/ يناير من 2015، تحقيقا أوليا حول “الأوضاع في فلسطين”، بعد توقيع الفلسطينيين على معاهدة روما وقبولهم رسميا وإحلال صلاحية المحكمة في أراضيهم، والتي تبحث في “الاشتباه في ارتكاب جرائم حرب” خلال العدوان على غزة صيف العام 2014، بالإضافة إلى الاشتباه بـ”انتهاكات إسرائيلية للقانون الدولي” في ما يتعلق بالبناء الاستيطاني غير الشرعي.
وحتى هذه اللحظة، لم تقرر المدعية العامة ما إذا كانت المحكمة الجنائية تتمتع بالصلاحية القضائية للتعامل مع الشكاوى وما إذا كان هناك أي اشتباه في ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وبحسب القناة العاشرة، فقط إذا قررت المدعية العامة أن الشكاوى ترقى إلى شبهات في ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، سيتم فتح تحقيق يمكن أن يؤدي إلى إدانة.
وقبل شهرين، قدم الفلسطينيون إلى المحكمة ما يعرف بإحالة حكومية، تطلب من المدعية التحقيق في “جرائم ماضية، جارية ومستقبلية، ضمن صلاحية المحكمة، ترتكب في جميع أجزاء أراضي دولة فلسطين”، التي تعتبر الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وقطاع غزة.
وفي أعقاب ذلك أمر ثلاثة قضاة في تموز/ يوليو الماضي في ما يعرف بـ”الغرفة ما قبل المحكمة” والتي تتعامل مع “الشكاوى الفلسطينية حول جرائم حرب إسرائيلية” مفترضة، من سجل المحكمة بأن “تقيم في أقرب وقت ممكن نظام معلومات عامة للتواصل مع الضحايا من الأوضاع في فلسطين“.
وطلب القضاة من السجل، وهو طرف محايد في المحكمة يوفر الدعم الإداري لنشاطاتها، بفتح “صفحة معلومات في موقع المحكمة” مخصص للفلسطينيين، ولنشر التقارير حول تقدم نشاطاتها في هذا الإطار كل ثلاثة أشهر.
وجاء في بيان صحافي صدر عن القضاة بيتر كوفاكش، مارك بيرين دو بريمبو، وريني اديلايد سوفي الابيني غانسو، أنه “سوف يقيم السجل، بأقرب وقت ممكن، نظام معلومات عامة ونشاطات تواصل من أجل المجتمعات المتأثرة وخاصة ضحايا الأوضاع في فلسطين“.
وأكد القضاة أن هذا الإجراء يهدف إلى إقامة “نظام استمراري للتواصل بين المحكمة والضحايا، داخل أو خارج فلسطين”، بحسب ما ورد في البيان.
ونقلت القناة العاشرة عن مسؤول إسرائيلي كبير أن “إسرائيل مندهشة من قرار لجنة القضاة الخاصة”، وأضاف أن “القرار أثار غضبا كبيرا في كل من وزارة الخارجية ووزارة القضاء، حيث نعتبره دليلا آخر على ‘تسييس‘ المحكمة ضد إسرائيل في لاهاي. وبعد إجراء مشاورات بشأن هذه المسألة، تقرر تقديم طلب إلى إدارة المحكمة يعبر عن احتجاج رسمي“.
وأكدت القناة أن مسؤولين إسرائيليين من وزارتي الخارجية والقضاء، التقيا بمسؤولين من محكمة الجنائية الدولية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لتقديم الشكوى بشكل رسمي.
وزعم المسؤول الإسرائيلي في حديثه للقناة العاشرة أن “القضاة يتجاهلون تماما حقيقة أن المحكمة ليس لديها أي سلطة للتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وأن المدعية العامة لم تتخذ بعد أي قرار إثر تحقيقها الأولي”، وتابع أن “حرص القضاة على إصدار مثل هذا القرار الاستثنائي يضع علامة استفهام حقيقية على قدرة المحكمة على التعامل بشكل عادل مع الأمور المتعلقة بإسرائيل“.
وكانت إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب، في تموز/ يوليو من العام 2014، حينما قتلت الآلاف من الفلسطينيين، في الحرب العدوانية على القطاع المسماه بـ”الجرف الصامد”، ومن بين ما ناقشه قضاة المحكمة الدولية بناء مستوطنات غير شرعية، فضلا عن شكوى ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب نفسها.