مع إيران ضد العدوان الاستعماري
غالب قنديل
منذ انتصار الثورة تخوض إيران معركة متواصلة ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة، متمسكة باستقلالها الوطني وبنهجها التحرري، الذي ترجمته بموقف جذري داعم لقضية فلسطين، ولخيار المقاومة في المنطقة، وبالتحالف والشراكة مع جميع القوى، التي تشاركها ارادة التحرر من الاستعمار. وقد استطاعت إيران أن تبرهن، بمواقفها العملية والمبدئية، على صلابة إرادتها التحررية من خلال جذرية التصدي الإيراني للكيان الاستعماري الصهيوني في فلسطين المحتلة، الذي يعتبره الخبراء والمؤرخون بحق، القاعدة المركزية للهيمنة الإمبريالية في الشرق. وهو ما خبرته الثورة الإيرانية في مهدها، من خلال الحلف القذر بين الموساد الصهيوني والسافاك جهاز المخابرات الشاهنشاهي، اللذين شاركا في مطاردة القادة والمناضلين الإيرانيين واغتيالهم داخل البلاد، وفي جميع أنحاء العالم .
استطاعت إيران، في ذروة الحصار الاستعماري وخطط الاستهداف الغربي الصهيوني الرجعي، أن تسهم نوعيا في تغيير البيئة الاستراتيجية على مستوى منطقة الشرق، ونجحت في نسج شراكات دولية مع مناهضي الهيمنة، من روسيا والصين إلى باقي دول البريكس. وكانت العقوبات الاقتصادية والمالية رفيقة ايران، التي لازمت صراعها ضد الهيمنة، وتمسكها بالاستقلال الوطني، وبالدفاع عن حقوقها القومية.
اليوم، ورغم التهديدات الأميركية المتواصلة، ورقصة ترامب السياسية في تصريحاته وتغريداته، التي تتأرجح بين العصا والجزرة، تؤكد إيران عزمها على مواصلة الكفاح ضد الهيمنة. وهي نجحت بالتعاون مع حليفيها روسيا الصين في تطوير شرخ عميق داخل المعسكر الامبريالي الغربي، حول الموقف من العقوبات، التي تستهدفها، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، بينما يحاول الغواية بعروض التفاوض الثنائي حوله من جديد. في حين يشدّ الخناق الاقتصادي والمالي ضد إيران، لتقويض إرادتها الحرة، وإرغامها على الخضوع والانسحاب من جميع مواقع الصراع، التي تعبّر فيها عن دعمها واحتضانها لإرادة المقاومة والاستقلال، انطلاقا من إيمانها الصادق بأن المعركة واحدة في جميع بلدان الشرق، ولا تقبل التجزئة القطرية. وهو ما برهنت عليه التجارب التاريخية منذ القرن التاسع عشر.
العقوبات هي أداة حرب وعدوان ضد الشعوب الحرة. ولا يأبه الأميركي المتغطرس بالنتائج، لأنها وسيلة للي ذراع الحكومات المستقلة، ولكسر إرادتها، ولخنق التمرد على المشيئة الاستعمارية الأميركية. والمواجهة التي تخوضها إيران، هي معركة تخص جميع احرار العالم، الذين يتلاقون على مقاومة الهيمنة الاستعمارية الأميركية، ويدافعون عن الشعوب المستهدفة بثرواتها وبأسواقها وباستقلالها السياسي.
بالنسبة لنا في المنطقة العربية، تدفع إيران ثمن نهجها المعادي للكيان الصهيوني، ومناصرتها للمقاومة في لبنان وفلسطين، ونصرتها خلال السنوات الأخيرة للبنان وسورية والعراق في مقاومة عصابات الإرهاب القاعدية والداعشية والاخوانية، التي حرّكها الغرب الاستعماري لتدمير بلداننا، ولتمزيق الشعب العربي وإغراقه في طواحين الدم من المحيط إلى الخليج.
الإعلان عن التضامن مع إيران ضد الحصار الاستعماري، هو أقل الواجب على دعاة التحرر وجميع الوطنيين والثوريين العرب، وهو أقل موجبات الوفاء لشراكة المصير، لأن انتصار إيران وإسقاط الحصار الاستعماري الأميركي سيؤسس لعالم جديد أقل خضوعا للهيمنة الأميركية، واكثر توازنا، بما يلائم نمو وتطور حركات التحرر في العالم.
من واجبنا كمناضلين عربا، وكدعاة للتحرر الوطني والاستقلال، في مجابهة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية، أن نرفع الصوت في كل مكان، تضامنا مع إيران واستقلالها، ضد العدوان الأميركي الصهيوني على إيران، الذي يراد منه استنزاف قلعة إقليمية متمردة، داعمة لقوى المقاومة والتحرر في المنطقة، ومناهضة للغطرسة الاستعمارية.
لا مشروعية بالمطلق للعقوبات الأميركية، التي تبغي تكريس الهيمنة، وتشريع النهب اللصوصي لثروات الشعوب. وهي باستهداف إيران وسورية وفنزويلا وروسيا والصين وكوريا وغيرها، إنما تستهدف جميع أحرار الشرق، وسائر الثوار والمتمردين في العالم.
فليثبت احرار البلاد العربية بكل أشكال التعبير ان إيران ليست وحيدة وان الشعب العربي في كل مكان يحفظ لها تضحياتها من اجل فلسطين وشعبها ومن اجل لبنان وسورية والعراق … نداؤنا من اجل اوسع تضامن سياسي وشعبي مع إيران وشعبها في مقاومة الحصار الاستعماري الأميركي.