التورط في غزة: ران ادليست
هل يمكن لأحد أن يشرح معنى مسرحية العبث التي تسمى في وسائل الإعلام «قرارات الكابينت بشأن التسوية المفروضة في القطاع؟»، من فرض ماذا على من ولماذا؟ يبدو أنه ليس في الكابينت متطوع يشرح ما الذي يجري هنا بالضبط، بحيث أنه لا مفر لغير قول الحقيقة: إذا سارت حكومة إسرائيل إلى تسوية ما دون أن تتبادل الأسرى والشهداء بسجناء حماس، فمعنى الأمر ـ مثلما تدعي اليوم عائلة غولدن، وغدًا سيدعي حزب البيت اليهودي ـ أنها استسلمت لإرهاب الطائرات الورقية ولمطالب حماس .
في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن التسوية في المنطقة ستمنع الحرب، وأنها تدفع إلى الأمام بالمفاوضات على الشهداء، والأسرى والسجناء، والتي يمكن حلها في فترة الهدوء. نتنياهو، بغباء وبإهمال لا يصدقان، أدار مظهرًا من المفاوضات مع حماس من خلال الأمريكيين، والقطريين، والأمم المتحدة، دون أن يأخذ بالحسبان ـ حتى النهاية ـ أثر البيت اليهودي قبيل الانتخابات، والنتيجة: عائلة غولدن انتصرت على الجيش الإسرائيلي. والعائلة، بريح إسناد صامتة من البيت اليهودي، لا تطلب من الحكومة تنفيذ التبادل مثلما تطلبه حماس، بالضبط مثلما تصرفت في قصة جلعاد شاليط.
ظاهرًا، ليس واضحًا لماذا أصدرت الحكومة أصواتًا وكأنها تسير نحو التسوية الآن. فقد عرضت حماس بعد «الجرف الصامد» المطالب ذاتها، والحقيقة هي أن الحكومة اعتزمت في حينه مثلما هي اليوم، خوض حرب استنزاف لأنها غير قادرة على أن تقرر حربًا حاسمة. والآن، عندما قيدت الحكومة نفسها في موضوع تبادل الأسرى، «اذهب وحل هذه العقدة» بينما الانتخابات على الأبواب. بينيت يهدد بافتراس المقاعد الطائشة، أما حماس عمليًا فهي التي ستقرر طبيعة الانتخابات في إسرائيل، إذا ما جرتنا إلى حرب ننتصر فيها، أي نخسر.
انتخابات! هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو وشركاءه في الكابينت يريدون تسوية مؤقتة، أي هدوءًا يسمح لهم بأن يبلوروا معسكر اليمين حول شتاء هادئ وربيع مزدهر في غلاف غزة. وعائلات الشهداء تمنع نتنياهو من الوصول إلى تسوية مؤقتة، تهدد مقاعده، وبالتالي لا غرو أنه يفقد صوابه؟
وبالمناسبة، فقد كانت خلاصة جلسة الكابينت أن «الجيش مستعد لكل سيناريو» أمرًا غير صحيح على الإطلاق، ذلك أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا فقط لكل سيناريو، إنما هو قلق حد الموت (موت جنود ومواطنين بسبب سياسة ائتلافية داخلية) من تطورات تغير اللعب في ميدان المعركة في القطاع. فبعد استثمار مليارات في اكتشاف الأنفاق وبناء السور، بما في ذلك رصيف يوقف الإرهاب يمتد إلى داخل البحر، يتبين أن استخدام قناص لديه الأداة المناسبة قدرة التمويه هو التهديد الحقيقي. فليست هذه مهمة معقدة على نحو خاص، وهي تشكل تهديدًا حقيقيًا على كل من يتجول في منطقة الجدار، فضلاً عن تهديد الحوامات، وفي الخلفية التهديد الأكبر: اعتراف العالم بحماس.
الأمريكيون يتحدثون مع حماس، والأمم المتحدة أيضًا تتحدث، وأبو مازن ـ لا سمح الله ـ مرة أخرى، يتحدث، ولكن ذلك ليس لأرمل إسرائيل. ثمة جهاد يهدد وجودنا دومًا، وكذلك الإيرانيون بالطبع.
معاريف