على هامش النزوح السوري
غالب قنديل
يتساءل الرائي هل من المشرف ان يحتاج بعض اللبنانيين تذكيرا روسيا بأهمية التحدث إلى السلطات السورية والتنسيق معها بينما يشهد لبنان حملات نفاق متلاحقة حول قضية النزوح السوري وآخرها الترحيب بالمبادرة الروسية ممن رفضوا الاتصال بالدولة الوطنية السورية متحصنين بأحقادهم وبتورطهم في حملات عدائية ضد سورية الدولة والشعب منذ انطلاق العدوان.
يتمسك السيدان وليد جنبلاط وسعد الحريري ومعهما سمير جعجع وجهات لبنانية أخرى بمواصلة التحريض وبث الكراهية عبر اعتماد لغة غير لائقة رغم التغييرات الحاصلة في العالم كله نتيجة افتضاح امر “الثوار” الذي سالت المساحيق عن وجوههم الداعشية والقاعدية وتهاوت أقنعة داعميهم في المنطقة والعالم وبالأخص في لبنان وبينما صار المحسوم بشواهد صارخة ان طابور العدوان على سورية بجميع مكوناته هو طابور صهيوني اولا وأخيرا.
منذ اندلاع العدوان على سورية شكل النزوح مادة استغلال وموسم ” بيزنس ” لبناني كما جميع مواسم التجارات المربحة فثمة من باع سلاحا للعصابات الإرهابية وأفرغ ما تبقى في مخازنه المكتومة منذ الطائف وثمة من وضع مكاتبه الإعلامية ومنابره بتصرف حملات منظمة ضد الدولة السورية وثمة من قدم التغطية الحكومية لإحداث منصات إعلامية ولوجستية أجنبية وخليجية تخدم ادوات العدوان أو رمى بثقله لاستمالة من استطاع التأثير عليهم داخل سورية لزجهم في القتال ضد الجيش العربي السوري وكانت مسألة النزوح من حلقات استثماره المربح بالوكالة عن السعودية وقطر.
يتباكون بالكلام عن ضمانات للعودة الامنة وسيزعمون ان المبادرة الروسية لبت مطلبهم وكأن ذلك هو همهم الفعلي ولايمكن ان ننسى ردود أفعالهم خلال الانتخابات الرئاسية السورية في لبنان عام 2014 عندما صفعتهم بين اعينهم حشود النازحين التي زحفت إلى السفارة السورية تلقائيا بحماسة الاقتراع للرئيس بشار الأسد أي ضدهم وضد حربهم على سورية ويومها لم يكن لأحد يد في تدبير هذا المشهد الذي أرعب الحريري وجنبلاط وجعجع وأذهل فارس سعيد فدفع وزير الداخلية نهاد المشنوق للخروج من صورته المعتادة إلى التصرف بفجاجة لصد النازحين بتدبير إداري ظنه رادعا لهم عن حبهم لوطنهم وولائهم لرئيسهم بتقييد إجراءات لجوئهم إلى لبنان.
خابت قوى 14 آذار يومها وبالجملة وخلعت قناع الاحتضان ووبخت النازحين وقرعتهم بلسان امينها العام الدكتور فارس سعيد الذي لم يستطع حجب حسرته ولم يكن احد قادرا يومها على اتهام المخابرات السورية ولا الأحزاب الحليفة لسورية بانها صانعة الحدث لأن احدا لم يكن قد نظم حملات سياسية او إعلامية لتعبئة النازحين أو لدعوتهم إلى الاقتراع للرئيس الأسد فذلك امر لا يجري في السر وبأي حال إن كانت للمخابرات السورية آنذاك قدرة تحشيد بتلك الضخامة وفي ذروة العدوان فذلك وحده يسقط الرواية الأربعتعشية عن حقيقة خيارات الشعب السوري وعن قوة النظام الذي زعمت ترنحه وسقوطه وطبعا لا ينسى احد في لبنان ان السفارة السورية التي فاضت بالمقترعين لم تكن مهيأة لاستيعاب الحشود التي فاضت عن جدرانها ومكاتبها وتدفقت في الشوارع المحيطة بالمبنى امتدادا إلى البعيد البعيد في ذلك اليوم من أيار 2014.
مشيئة النازحين السوريين هي العودة إلى وطنهم والمساهمة في إعادة بنائه بعد الحرب وقد اختبروا في لبنان كافة انواع الظلم والتمييز والقهر وحتى من استطاع منهم الحصول على فرصة عمل تربصت به ظروف استغلال لم تبذل الحكومات اللبنانية أي جهد لحمايته من وطأتها كما لم تتحرك النقابات أوالأحزاب العمالية لترفع الحيف والتمييز عن العامل السوري بل هي آثرت تجاهل المشاعر العنصرية عند منتسبيها اللبنانيين وجعلت اولويتها الكلام عن منع المنافسة الأجنبية علما ان معظم الوظائف التي شغلتها غالبية سورية كانت مكروهة ومهجورة من اللبنانيين وغالبا شغلها في السابق مصريون وفلسطينيون وعندما استعادت الدولة السورية سيطرتها في العديد من المناطق منعت القوى السياسية اللبنانية إياها بدافع عدائها للدولة السورية رفع شعار عودة النازحين كحل للتداعيات المشكو منها وعرقلت جميع المبادرات اللبنانية التي تناولت الملف لأنها تعاكس رغباتها السياسية ورغبات مشغليها الخارجيين كما تقطع فرص التربح الباقية من المساعدات عبر جمعيات الزوجات والأبناء وسلسلة اللصوص الدوليين.
الحقيقة الساطعة التي اظهرها النازحون السوريون في لبنان هي ولاؤهم لوطنهم ولدولتهم وحتى العائلات التي تورط أفراد منها في حمل السلاح تعيش اليوم في قلق التقاط فرص تسوية الأوضاع التي منحتها الدولة السورية للمتورطين في جميع انحاء سورية وهي تمنحهم معها ضمانة الأمان والاستقرار وهذا ما يسقط اكاذيب طابور فيلتمان المتحصن داخل جدران الكراهية والحقد وهو نفسه كان يوما ما طابور عنجر الذي نكل بخصومه وبمعارضيه مستقويا بسورية وهو نفسه باستثناء القوات الذي اتخم الشارع والإعلام بشعارات قومجية وبتزلف سخيف وتصرف بدونية يندى لها الجبين.