من الصحف الاميركية
بعد ثلاثة أيام من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على مدى أكثر من ساعتين في هلسنكي ابرزت الصحف الاميركية الصارة اليوم تأكيدات مدير الاستخبارات الأميركية ، دان كوتس أنه لا يعرف ما الذي ناقشه الرجلان وما الذي اتفقا عليه، وقال كوتس “لا أعرف ما حدث في ذلك الاجتماع. لقد ذكر الرئيس بالفعل بعض الأشياء التي حدثت في الاجتماع. أعتقد أنه بمرور الوقت سنعرف المزيد“، وأشار كوتس الذي يُشرف على أجهزة الاستخبارات الأميركية وينسّق أنشطتها، إلى أن “صلاحيات الرئيس” تتيح له أن يحتفظ لنفسه بمضمون المحادثات التي أجراها مع بوتين، غير أنّ تصريحات جاءت وسط مزاعم روسيّة بأن الزعيمين توصلا إلى اتفاقات غير محددة خلال اجتماعهما.
نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية مقالا للموظف السابق في وزارة الخارجية، دانيال هولاندر، الذي عمل أيضا في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بـالضفة الغربية وغزة في الفترة من 2010 إلى 2013، طرح فيه تصورا فيدراليا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وذكر هولاندر أنه بينما يعمل مستشارا البيت الأبيض جارد كوشنر وجيسون غرينبلات جاهدين لوضع آخر اللمسات على رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، تعد بقية العالم ردها المتوقع: تنهيدات ولامبالاة جماعية. هذا لأن كل الدلائل تشير إلى أن خطة الرئيس لن تقدم أي حل واقعي للرهان المتمثل في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
لكن الرئيس ومستشاريه لا يختلفون عن معظم الساسة والخبراء المشاركين في “صناعة” عملية السلام: قليلون وربما لا أحد مستعد للتفكير أبعد من حل الدولتين .. لما لا تكون دولة على أساس فيدرالي؟
كما هو واضح اليوم، أضحى من الصعب جدا الدفاع عن حل الدولتين، فتحديد حدود واضحة لكليهما لم يعد حلا ذا قيمة في هذه المرحلة. هناك مثلا وجهات نظر متباينة للغاية حول أين يمكن رسم “خط أخضر” جديد يفصل إسرائيل والضفة الغربية – وكيف يمكن أن يختلف هذا الخط عن موقع الجدار العازل الذي شيدته الحكومة الإسرائيلية؟. في الوقت نفسه، يعيش أكثر من نصف مليون إسرائيلي في بؤر استيطانية بالضفة الغربية، ولدى إسرائيل مخطط آخر لمواصلة التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية، بما في ذلك المناطق الأكثر حساسية، مثل المنطقة E1 المحاذية لمستوطنة معاليه أدوميم.
بعض المراقبين الذين اعترفوا بأن حل الدولتين أضحى غير قابل للتنفيذ، أكدوا في السنوات الأخيرة بأن حل الدولة الواحدة الذي يضع الجميع تحت سلطة حكومة واحدة هو الخيار الأوحد. لكن هذا الحل سيصطدم بعائق آخر من الصعب تجاوزه، وهو مركزية الهوية الثقافية لدى الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
ببساطة، من السذاجة الاعتقاد بأن الإسرائيليين سيقبلون بدولة تتناقض ومساعيهم لامتلاك وطن للشعب اليهودي، أو أن الفلسطينيين سيعيشون في دولة لم تكن قط دولتهم. رغم هذا فإن الشرق الأوسط ليس مكانا لأولئك الذين يفقدون الأمل بسهولة، يبقى السؤال: كيف نحل مشكلة الحدود غير الواضحة ونسمح في الآن نفسه للإسرائيليين والفلسطينيين ببناء حكومات تحافظ على هوياتهم الثقافية.
يمكن للمقاربة الفيدرالية أن تقدم حلا من خلال السماح للجميع برسم حدودهم بشكل أكثر مرونة. كما أنها قد تجعل من غير الضروري لإسرائيل فك الارتباط بشكل تام مع الضفة الغربية، التي تعدها منطقة غير قابلة للضبط سياسيا.
لنتصور إطارا سياسيا يضم ست ولايات فيدرالية منفصلة لكل منها سلطة خاصة. قد يشمل ذلك عدة مناطق داخل إسرائيل، مثل وسط وشمال إسرائيل ومنطقة النقب جنوبا. ستكون هناك أيضا فيدراليات للمناطق الأكثر إثارة للنزاع، مثل القدس والجولان المحتل والضفة الغربية وغزة.
سيسمح هذا المقترح بمنح كل فيدرالية سلطات تحترم بشكل تام الهويات والخصوصيات الثقافية للسكان، فيما تضمن حكومة مركزية احترام حقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية للجميع. على سبيل المثال، يمكن أن تخضع الضفة الغربية بشكل كبير لسلطة فلسطينية، حيث سيبقى بعض الإسرائيليين طالما أنهم يلتزمون باحترام سلطة هذه الفيدرالية. والقدس، التي ستتضمن بعض المناطق الأكثر حساسية يمكن أن تخضع لحكومة فلسطينية إسرائيلية مشتركة.
لا شك أن الكثيرين سيعارضون هذه الفكرة الراديكالية، أو يصمونها بالساذجة أو المثالية، ولكن كما أننا بعيدون فعليا من اتفاق على أساس فيدرالي، فإنه من الساذج والمثالي أيضا الاعتقاد بأن الحل على أساس رؤية الدولتين هو السبيل الوحيدغرد النص عبر تويتر، حان الوقت فعلا لأن نفكر بشكل أكثر إبداعا لإنهاء هذا الملف المستمر وحماية هوية وأمن وحقوق الفلسطينيين والإسرائيليين.