حراس القطيعة ومصلحة لبنان
غالب قنديل
القطيعة مع سورية هي قاعدة حاسمة في تفكير وتصرفات فريق من القوى والأحزاب اللبنانية المرتبطة بمحور الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية على المنطقة وهي تربط استئناف العلاقات مع سورية على المستوى الرسمي بموافقة أميركية سعودية مسبقة تجيز لها ذلك ويتصدر هذا الفريق ثلاثي معروف يضم تيار المستقبل والقوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي.
ليس بالأحقاد وحدها يمكن تفسير مواقف وخيارات هذه القوى ومواقفها بل بارتباطاتها الخارجية وفي ذكرى حرب تموز ينبغي التذكير بأنها كانت جميعا على مائدة عوكر التي شهدت أحقر وأحط أنواع التآمر على المقاومة وعلى الشعب اللبناني وضد الاستقلال والسيادة من خلال المشاركة الدنيئة في تغطية الحرب والمذابح وقد كشفت الوقائع بعضا من وجوه التآمر التي قامت بها هذه الفرقة من الساسة جماعات وأفرادا لإباحة كل ما يلزم امام العدو الصهيوني لتصفية المقاومة ولممارسة أبشع انواع الإبادة في التاريخ الحديث.
غلب هؤلاء جميعا ارتباطهم بالولايات المتحدة وبالمملكة السعودية على انتمائهم الوطني اللبناني بينما كان بلدهم يتعرض لعدوان صهيوني واسع النطاق بقيادة الولايات المتحدة وحلفها الغربي الخليجي الذي سخر جميع إمكاناته في الحرب التي كان هدفها المعلن تصفية المقاومة وفرض عقاب جماعي على اللبنانيين واقتلاع سكان الجنوب اللبناني من ترابهم مع تدمير المدن والقرى ومنع العودة إليها بالمذابح المشرعة وبالترتيبات التي خطط لها الأميركيون والصهاينة معا وجندوا مسؤولين وزعماء لبنانيين لضمان التنفيذ.
هل هي مصادفة ان يكون فريق عوكر هو ذاته طابور حراسة القطيعة مع سورية ؟ وان يظل مصمما على حراسة القطيعة ورفض أي انفتاح فعلي على الدولة السورية ؟على الرغم من انكشاف الهزائم المدوية للحرب على سورية بالقيادة ذاتها التي أدارت عدوان تموز وبأدوات تنفيذ مختلفة لكن بإشراف اميركي صهيوني وبمساهمات عربية سعودية قطرية وأردنية وهل هي مصادفة ألا يقرأ هذا الفريق عبرة معارك تحرير الجنوب السوري واندحار الحلف الأميركي الصهيوني امام سورية ومحورها وحلفائها ؟ هي العقلية المستعبدة ذاتها لا تعمل إلا بالأوامر وتتلقف التبريرات الأميركية وتعد نفسها بتغييرات لا تقع لأنها أصلا في أسر الهيمنة ووهم الجبروت الأميركي الصهيوني وسلطانه الكلي على التدبير والتقدير اما مصلحة لبنان الوطن والشعب فهي آخرما يحسب له الحساب حتى لو كشفتها الأرقام وفضحت المتآمرين.
تغلي الفاعليات الصناعية والزراعية في لبنان بأمل كبير بعد تحرير الجيش العربي السوري لمناطق شاسعة حتى الحدود مع الأردن والعراق وبالتالي بعدما لاحت بشائر فتح المعابر الحدودية من سورية وإعادة وصل شرايين الحياة في الشرق العربي بين لبنان وكل من العراق والأردن عبر سورية واسطة العقد العربي وذلك قدر الجغرافية عبر التاريخ.
حراس القطيعة طبلوا وزمروا لمؤتمر التسول الدولي الذي نظمته فرنسا وجمعوا فيه قروضا مشروطة ومهينة باستباحة سافرة للسيادة الوطنية وتحت شروط الوصاية المالية والاقتصادية لنادي الدائنين وليس لديهم استعداد للاتصال بالشقيقة سورية لبحث تسهيل الصادرات الصناعية والزراعية اللبنانية عبر سورية إلى العراق والأردن وسائر الدول العربية في الخليج وشمال أفريقيا.
علما أن الطرق الدولية ذاتها كانت تاريخيا ممرا للمصطافين العرب إلى لبنان وخصوصا من الأشقاء العراقيين والقيمة المقدرة للصادرات الزراعية والصناعية قد تتخطى الملياري دولار ولا يرف جفن حراس القطيعة مع ان سمعهم مرهف لرنين الأموال وأرقامها ويزعم بعضهم انه متخصص في الملف الاقتصادي ولم يحصد لبنان من تخصصهم إلا اعباء الدين ومذلة التسول ووجع تصدير البنات والأبناء للعمل في الخارج.
ثمة فرصة ثمينة للبنان تسد الطريق إليها بتعنت سياسي وبوقاحة فاضحة برزت في منطق معارضي الخطوات الوشيكة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية والعديد من كبار المسؤولين في الدولة وثمة همس بأن هذا الملف حاضر في خلفيات عرقلة انبثاق حكومة جديدة تخشى السفارات المعنية ان تكون في تكوينها غالبية مساندة لإحياء العلاقات اللبنانية السورية لاستثمار فرص الشراكة اللبنانية السورية التي تمثل متنفسا جديا من المتاعب الاقتصادية المتراكمة والمستعصية وبوابة لتأمين حاجات كثيرة في مجالات الطاقة والكهرباء وطرق التصدير والترانزيت والسياحة عدا عن فرص العمل الضخمة في ورشة الإعمار السورية التي بات محسوما ان الدخول إليها له باب وحيد هو العلاقة بالدولة الوطنية السورية التي ترسم ملامح انتصارها الكبير.