قمة هلسنكي والأوضاع السورية: حميدي العبدالله

تناولت قمة هلسنكي الأوضاع في سورية من أكثر من زاوية، ولكن يمكن الإشارة إلى المسائل التالية :

أولاً، الوضع في المنطقة الجنوبية. كان واضحاً أنّ القمة تصرّفت على أساس أنّ منطقة الجنوب لم تعد قضية للبحث من ناصية كونها منطقة خفض تصعيد، وبالتالي أصبحت هذه المنطقة جزءاً لا يتجزأ من سيادة الدولة السورية وغير مطروحة للنقاش، وكان هذا متوقعاً في ضوء الانتصارات السريعة التي حققها الجيش السوري في هذه المنطقة قبل انعقاد قمة هلسنكي.

ثانياً، بالنسبة للوضع على خط وقف إطلاق النار في الجولان، ما جاء من نتائج في هذه القمة بعضه واضح وبعضه الآخر يحتاج إلى مزيد من المتابعة للتعرّف على حدود ما تمّ التوصل إليه. الواضح الحديث عن العودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك الموقع عام 1974. ولكن الغامض وغير الواضح شروط العودة إلى هذا الاتفاق لا سيما من قبل الدولة السورية، ولوحظ أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربط بين مسألة العودة إلى اتفاق 1974 وبين تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 338 الذي تطالب سورية بتنفيذه، والذي إذا تمّ تنفيذه ستعود الجولان كاملة إلى كنف الدولة السورية. من غير الواضح ما إذا كان شرط العودة إلى اتفاق 1974 هو تنفيذ قرار مجلس الأمن 338 أو بدء مفاوضات من أجل تنفيذ هذا القرار، وهذه المسألة تتطلب المزيد من الانتظار والمتابعة، لا سيما أنّ لدى الجيش والدولة السورية أولويات ملحة وفي مقدّمتها تحرير إدلب، وإخراج الجيشين الأميركي والتركي من المناطق التي يحتلوها.

ثالثاً، حرصت قمة هلسنكي على مقاربة مسألة البعد الإنساني من زاوية مختلفة عن المقاربات التقليدية هذه المرة، حيث كانت تقوم دائماً على عرض مطالب سياسية مغلفة ببعد إنساني من خلال المطالبة برفع الحصار عن مناطق خاضعة لسيطرة المسلحين، لكن هذه المرة جرى التأكيد على ضرورة إرسال المساعدات إلى اللاجئين الذين عادوا إلى بلداتهم ومدنهم تحت سيطرة الدولة، والمساعدات الإنسانية يتوجب أن تصل إلى هؤلاء، إذ لم تعد هناك مناطق محاصرة، أما كفريا والفوعة فيبدو أنها لا تدخل في الاهتمام الأميركي.

رابعاً، غاب البعد الميداني، إذ لم يجر الحديث عن مناطق خفض تصعيد جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا، وهذا تطوّر مهمّ يعكس المنعطف الذي دخلته الأوضاع في سورية بعد تحرير منطقة الجنوب.

يمكن الاستنتاج بشكل عام أنّ قمة هلسنكي لم تحمل أيّ شيء يمكن أن يثير قلق الدولة السورية، إذا لم يكن العكس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى