بقلم غالب قنديل

أنترنت تحت “حماية إسرائيلية “؟

غالب قنديل

الملف الخطير الذي أثارته صحيفة الأخبار حول التعاقد مع شركة برمجيات يديرها خبراء إسرائيليون لحماية قطاع الأنترنت اللبناني ليس مسألة محصورة بتحديد المسؤولية عن خرق أمني خطير وشامل يضع الداتا اللبنانية كاملة في تصرف دولة العدو واجهزة مخابراتها التي تمتد أذرعتها في العديد من شركات الاتصالات والبرمجيات العالمية كما يعلم خبراء القطاع بل اكثر من ذلك إنه يعني كشفا شاملا للبلد امام المخابرات الصهيونية تحت شعار الحماية ( ممن غير الكيان الصهيوني؟!!).

ما نقلته الصحيفة صباح اليوم يزيد الملف خطورة فقد ذكرت ان أحد المسؤولين في الوزارة وجه كتابا يحذر فيه من العقد ومن إتاحة داتا الاتصالات للشركة المتعاقد معها وما يحيط بها من شبهات ورغم ذلك لم تتخذ أي تدابير وجاء في المعلومات ان وزير الاتصالات أبدى استغرابه حول الموضوع خلال اجتماع داخل وزارته.

المطلوب تدابير عاجلة توقف سير هذا العقد المشبوه قبل التفرغ للتحقيق بشأنه وتحديد المسؤوليات والشبهات واتخاذ ما ترتبه من تدابير عقابية وطالما الفضيحة قائمة في زمن تصريف الأعمال بعد الانتخابات ومع التباطؤ في تأليف حكومة جديدة فالمطلوب تدبير عاجل لوقف تنفيذ العقد ولفسخه.

سبق ان جرى خلال السنوات الماضية اكتشاف خروق موسادية في شبكة الهاتف اللبنانية الثابتة والخلوية وعلى الأرجح انها شكلت مصدرا لأخطار وخروقات كثيرة خلال العدوان الصهيوني عام 2006 واتاحت للعدو تسهيل العديد من مذابحه وجرائمه خلال تلك الحرب التي شهدت تواطؤا لبنانيا معلنا تحت الرعاية الأميركية أتاحت خلاله خروق الاتصالات توفير معلومات خطيرة ووضعها في تصرف الكيان الصهيوني.

هذا الأمر يمس الأمن الوطني ويقتضي حركة عاجلة بمستوى التصرف العاجل دفاعا عن سيادة البلد وامنه وعدم السماح باستهلاكه في المناكفات الفارغة لتهريب المسؤوليات وتمييع القضية كما هي العادة.

ألا ينطبق معيار المصلحة العليا للدولة على هذه القضية ؟ وبالتالي ألا ينبغي التصرف على أساس الضرورة العليا بتدابير عاجلة وفورية تعلق عقدا مشبوها وتوقف تنفيذه وتطلق تحقيقا شاملا في المعلومات التي تم كشفها ورفع الحمايات السياسية عن المتورطين كائنا من كانوا؟

ما هو التدبير المتاح ؟ ذلك هو اختصاص السلطات المعنية بالأمر وما نعرفه بالتحديد هو النتيجة المطلوبة أي منع العدو من الإمساك بقواعد البيانات والمعلومات المتاحة في داتا الاتصالات التي تجعل جميع اللبنانيات واللبنانيين مكشوفين امام العدو ومعرضين للاختراق في جميع ملفاتهم وخصوصياتهم وعرضة لنتائج التحكم الصهيوني بما فيه من مخاطر على لبنان امنيا واقتصاديا وسياسيا.

السؤال الكبير الذي يرتسم ويطرح نفسه ألا يدرك المسؤولون مخاطر مثل هذا العقد وألا تتواجد بدائل وفرص وإمكانات من خلال تكوين مركز خبرات لبناني يتولى بناء الحمايات المطلوبة لشبكات الهاتف والإنترنت داخل لبنان الذي ما يزال في حالة حرب مع العدو الصهيوني ومعرضا للاعتداءات الصهيونية في جميع المجالات وما هو الجهد الذي بذلته وزارة الاتصالات في هذا السبيل وهي تبقي على فراغ إداري خطير من خلال شغور الهيئة المنظمة للاتصالات التي كانت تتولى المسؤولية سابقا عن تدابير الحماية الشبكية وهي مشلولة منذ فترة غير قصيرة نتيجة النهج الذي كرسه استيلاء المدير العام السابق عبد المنعم يوسف على جميع الصلاحيات في الوزارة بتفويض من معظم الوزراء المتعاقبين.

الهيئة مشلولة والحماية الوطنية معطلة وفجأة جاء البديل المقترح بالتعاقد مع شركة فإذا بنا “فجأة وإذ” نكتشف انها ممسوكة من خلية خبراء إسرائيلية والسؤال المشروع : هل هي سلسلة من الصدف البريئة أم ان تدبيرا ما في مكان ما كان وراء سلسلة التدابير والقرارات والسوابق بفعل فاعل ؟ سواء أدرك المسؤولون اللبنانيون ذلك ام لا؟

من يوقف هذه المهزلة ويضع حدا لها باتخاذ قرار عاجل لحماية مصالح الدولة العليا ومن ضمن صلاحيات مرحلة تصريف الأعمال ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى