لا حلول في قمة بوتين ترامب بل حلحلة: ناصر قنديل
– تشخص أنظار العالم نحو القمة التي ستجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي الإثنين المقبل. ويترقّب حلفاء الدولتين الأعظم في العالم المتموضعون على ضفتين متقابلتين في حرب مشتعلة على جبهات عدة، ما ستحمله القمة من جديد ينعكس عليهم بالتبريد أو التصعيد. وكثير منهم يخشى تفاهمات تتضمّن تسويات وربما مساومات على حسابه. وليس خافياً أنّ سورية التي ستحتلّ مكانة متقدّمة في القمة ليست موضوعها الوحيد، كما أنّ ما يتصل بها سينعكس حكماً على سواها .
– تتفاوت المقاربتان الروسية والأميركية للقمة بما هو أبعد من كون لكلّ منهما أولوية مطالب من الآخر، وإلا صارت سهلة مقايضتها أو البحث بمقايضتها. فالتفاوت هو في اختلاف الوظيفة التي تحتلّها القمة في كلّ من النظرتين. ففي النظرة الروسية هي محطة لترصيد التوازنات واستكشاف فرص التسويات بين حلفين بعد جولات مضنية من المواجهة، كانت سورية أبرزها وأخطرها بلا شك، وسعي لتحويل النصر في سورية تعبيراً عن توازن دولي إقليمي جديد يتيح رسم خريطة قوى ومصالحات، تمثل روسيا في قلبها حلفاً يضمّ الصين والهند وإيران وكوريا وسورية وسواها، بينما تنظر أميركا للقمة كما في كلّ تسوية بعد خسارة جولة مواجهة، كإطار ممكن لعزل النصر في ساحته ومنع تداعياته على سائر ساحات المواجهة. وبمثل ما تريد روسيا تحويل النصر السوري مدخلاً لتعويم التفاهم النووي مع إيران، تريد أميركا اختتام المواجهة في سورية بإخراج إيران منها، لتسوير الانتصار السوري عند حدودها، والانتقال للمواجهة مع إيران بجعلها، وهي المنتصرة في سورية، في موقع الخاسرين.
– روسيا تتطلّع للإجابة عن سؤال هو: هل نضجت واشنطن لتقبل التسليم بعالم متعدّد الأقطاب، والتعامل مع عالم جديد بقواعد جديدة؟ والجواب بالنفي واضح من تفاصيل العلاقات الأميركية الأوروبية، حيث الصلافة والتعجرف علامات واضحة لإنكار وجود شركاء في العالم، بل أعداء وأتباع فقط. وأمام روسيا معادلة واضحة هي أنّ واشنطن تقبل تسوية في سورية لا تنتج معادلة إقليمية جديدة، ولا تنتج خصوصاً ضعفاً لـ «إسرائيل» وقوّة إيران. وهذا يعني ربط التسليم بالنصر السوري بمعادلتي سور أممي حول الجولان المحتلّ تحت عنوان اتفاق فك الاشتباك، وانسحاب إيراني، بينما المقاربة الروسية تنطلق من النصر السوري لتقول لا استقرار في الإقليم بلا حوار شامل حول مشكلاته، والبحث عن تسويات منصفة لأزماته، والتخفف من أعباء الاستنزاف في سورية لاختبار التحالف السعودي «الإسرائيلي» تحت شعار مواجهة إيران وصفقة القرن، ليس ما يمكن أن يطلب من روسيا، الجاهزة لمفهوم التسويات الشاملة، وما عدا ذلك فمصير فك الاشتباك في الجولان كما الوجود الإيراني ووجود المقاومة في سورية شأن سوري سيادي، لا تملك روسيا قدرة الدخول على خطه إلا ضمن معادلات التسويات الشاملة التي تطال بحث مصير الاحتلال «الإسرائيلي» للجولان والتفاهم النووي مع إيران.
– لن تفشل القمة، لأنّ بديل المواجهة ليس حاضراً في الجعبة الأميركية، لذلك ستؤسّس لحوار طويل بين موسكو واشنطن لإحاطة الملفات المتفجرة. وفي سورية سيكون العنوان عاماً وغامضاً، تشجيع الحلّ السياسي من بوابة جنيف، وتشجيع انسحاب القوات الأجنبية من سورية، بانتظار أن تختبر واشنطن مشروعها لحصار إيران ولصفقة القرن، وبالانتظار لن تحصل واشنطن على طمأنة القلق «الإسرائيلي» في الجولان، ولا على مقايضة للانسحاب من سورية عندما تدق ساعة الشمال، وتبقى صيغة جنيف والتشاور الوزاري بين موسكو وواشنطن منصات صالحة لتلافي المفاجآت.
– المهمّ بعد القمة سينتهي الانتظار وسينطلق الجميع إلى الملفات المجمّدة، ومنها الحكومة اللبنانية.