الفشل الصهيوني يتعاظم
غالب قنديل
مضت دزينة أعوام على ملحمة حرب تموز وهي كانت حافلة بأحداث كبرى في المنطقة ولبنان ولاسيما على مستوى العدوان الضخم الذي استهدف سورية التي كانت الظهير والحاضن للمقاومة اللبنانية خلال الحرب الصهيونية التي قادتها الولايات المتحدة تماما كما فعلت في الحرب على سورية.
تفيد الدراسة العلمية للتحولات والتوازنات التي أعقبت حرب تموز والعدوان على سورية بأن الفشل الصهيوني يتمادى مقابل تعاظم منظومة المقاومة والردع التي ترسخت قدراتها على الصعيد الإقليمي بعدما نجحت قيادة محور المقاومة مجتمعة في تحويل التهديدات إلى فرص متلاحقة وراكمت المزيد من عناصر القوة ولعل العبرة الأهم هي ما يشهده الميدان السوري من نهوض الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة وما تحققه من إنجازات عسكرية باهرة بالشراكة مع حلفاء المحور وروسيا.
ثمة واقع إقليمي جديد يفرضه الحضور العسكري الروسي الحليف وكذلك تعاظم قدرات محور المقاومة المندمجة في مجابهتها للعدوانية الأميركية الصهيونية على صعيد المنطقة وهي باتت تستند إلى روافد قوية وهامة من لبنان والعراق واليمن وفي قلب المحور سورية والظهير الإيراني الصلب والشريك الروسي القوي.
لقد اختبر عشرات الآلاف من مقاتلي محور المقاومة خوض المعارك معا في الميدان السوري ضد عصابات التكفير أدوات العدوان الاستعماري الذين دعمهم الكيان الصهيوني استخباراتيا ولوجستيا واحتضنهم الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة وقد جندت إسرائيل والناتو كلا من حكومات تركيا والسعودية وقطر والأردن وزمر 14 آذار في لبنان في جهود التمويل والتدريب لجيش ضخم من محاربي القاعدة وداعش متعددي الجنسيات وأدمجتها جميعا في شبكة الخدمات الإعلامية والسياسية والأمنية والمالية لتلك الحرب الكبرى.
تلك الحرب كانت وفق التخطيط الصهيوني هي حرب الثأر الاستراتيجي من انتصار تموز برهان واضح على تدمير القدرات السورية التي تمثل مركز محور المقاومة الذي تبلور بعد انهزام الكيان الصهيوني في لبنان عامي 2000 و2006 فالمطلوب من تدمير سورية ومحاولة إخضاعها هو تغيير البيئة الاستراتيجية التي تولدت بعد انتصار تموز.
وإذا كنا اليوم نشهد تراكما جديا لإنجازات سورية ومحورها في مسار انقلاب استراتيجي لمصلحة محور المقاومة فهو تحول يكرس الفشل الصهيوني الأميركي في الشرق العربي ويثبت صمود محور المقاومة وتقدمه رغم المحاولات اليائسة التي يبذلها الحلف المعادي عبر الضغوط الاقتصادية والمالية ومنظومة العقوبات الأميركية ضد سورية وإيران وحزب الله ومع المزيد من التدخلات ومحاولات التأثير في معادلات العراق ولبنان ومع حرب الإبادة المستمرة والفاشلة في اليمن.
المركز والمحور في التخطيط الأميركي الأطلسي هو الهيمنة الصهيونية وحولها تدور الخطط الاستعمارية في المنطقة وهذا هو سر كل ما يدور وهو مغزى العداء لسورية الذي تكشف عن شحنات خطيرة من إرادة التدمير والفتك لدى الحلف الاستعماري الصهيوني وعملائه العرب وانكشارييه العثمانيين والأخونج.
سورية تنتصر وتتقدم وتكتب مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة والمحاولة المستجدة لمحاصرة إيران فيها سعي لاستباق إشعاع النصر السوري ولمحاصرة تأثيره على البيئة الاستراتيجية بعد إسقاط الخطط الصهيونية ودحرها على الأرض السورية من خرافة الشريط إلى كذبة الشروط.
النصر السوري بات حقيقة مسلما بها وهو نصر لمحور المقاومة تعود ثماره على جميع قواه في اليمن والعراق ولبنان وبالتأكيد في سورية القلعة الشامخة كما هو نصر إيراني وروسي وصيني في مغزاه الدولي الأوسع فالفرز الكوني الفعلي حول سورية انطلق بانطلاق العدوان وهو ما يحدد الرابحين والخاسرين في سورية ومن حولها.