انتبه هنا سورية يا غبي
غالب قنديل
قبل انطلاق حملة الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير الجنوب من عصابات الإرهاب رسم القائد بشار الأسد صورة الوضع الراهن مسبقا عبر فتح مساري التفاوض والحسم العسكري وحيث سقف التفاوض هو ضمان السيادة التامة للدولة الوطنية السورية وإلقاء السلاح والمصالحات والإعفاءات.
السيادة التامة كما جسدتها سورية في التجارب السابقة تعني حرفيا رفض أية قيود او شروط تضعها دول العدوان للحد من حركة الجيش العربي السوري وسلطانه وخصوصا ما يتصل منها بتواجد حلفائه الأقربين الذين جمعتهم بجنوده وضباطه معمودية دماء وبطولات في التصدي للعدوان الاستعماري والأمر يشمل روسيا وإيران وحزب الله والقاعدة الذهبية “يكون الحلفاء حيث يجب ان يكونوا” وليس حيث يشترط العدو الأميركي الصهيوني فهذا شان سيادي سوري تحترمه روسيا بمقدار احترامها لمبادئ السيادة السورية والمصالح المشتركة كقاعدة حاسمة لانخراطها في سورية.
وظف الحليف الروسي في فسحة التفاوض السورية رصيد الإنجازات والانتصارات المتراكم وواقع ان إسرائيل باتت مردوعة منذ اختبارات القوة التي لجمتها مع تصفية جيوبها المتقدمة على خط فض الاشتباك ومعادلة الردع التي فرضها التصدي لطيرانها الحربي ولصواريخها “الذكية ” ومعها الصواريخ الأميركية بالسواعد والعقول السورية التي طورت بطاريات الصواريخ الروسية القديمة وحدثتها لتقيم جدارا دفاعيا في وجه الاعتداءات الأميركية والصهيونية معا.
التفاوض في ظل الردع يعني حصاد الثمار السياسية للقوة السورية وللقدرة السورية ولمتانة الحلف الاستراتيجي الذي يؤازر الجمهورية العربية السورية بأضلاعه الممتدة من طهران إلى بغداد وبيروت وحيث موسكو ليست جهة محايدة في معركة السيادة السورية التامة وغير المنقوصة على كامل التراب الوطني السوري بما في ذلك حق سورية المطلق في استعادة الجولان المحتل.
روسيا في التفاوض ترسخ معادلات القوة التي اتاحها لها الميدان السوري في العالم والمنطقة معا ولذلك هي لا تبحث مع الأميركيين او الصهاينة صيغا لتسويات او مساومات على حساب السيادة السورية بل إنها تعرض عليهم تلافي الوقوع في الأسوأ عبرالتسليم بالانتصار السوري والسيادة الوطنية السورية التي أعلنت روسيا منذ البداية التزامها باحترامها وتقيدها بمستلزماتها وبالتزاماتها وسبق لروسيا ان أبلغت واشنطن وتل أبيب انهما كداعمتين للإرهاب لا تملكان حق إملاء الشروط على القيادة السورية بخصوص حجم تواجد حلفائها وداعميها او مكان ذلك التواجد فتلك مسائل سيادية سورية يقررها الرئيس بشار الأسد وهي حقه الحصري مع شركائه في معركة الدفاع عن بلاده ضد الإرهاب وداعميه وفي مقدمتهم على أرض الجنوب السوري الولايات المتحدة ودول الغرب والخليج والحكومة الأردنية والكيان الصهيوني.
هكذا تبخر الهذيان الصهيوني عن وضع شروط وقيود على التواجد الجغرافي للمستشارين الإيرانيين او للمقاومة اللبنانية وهما الحليفان العاملان في صفوف العديد من التشكيلات السورية المقاتلة ضد عصابات العملاء والمرتزقة التي دعمها حلف العدوان على سورية وسبق للقادة الروس ان اعتبروا جهارا مكان تواجد الحلفاء وحجم تواجدهم شأنا سياديا سوريا تقرره الحاجات الدفاعية وهو غير مطروح للتفاوض مع أي جهة كانت من حلف العدوان.
سبق ان دارت ثرثرات كثيفة عن صفقات وتفاهمات تسعى إليها موسكو والحصيلة ان المسار العملي للأحداث منذ معارك حلب والغوطة كان لصالح السيادة السورية ومن يرد التيقن عليه أن يسأل اليوم عن سر انقلاب تل أبيب من موجة التهديد باغتيال القائد الأسد والإطاحة بالحكم السوري إلى المطالبة بالعودة إلى اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 الذي كانت المبادرة لنسفه بالتعاون مع حكومات العدوان الأطلسية وقطر والسعودية والمخابرات الأردنية عبر ترحيل قوات “الأندوف” وتحويل منطقة فصل القوات إلى جيب امني اعتبرته إسرائيل نواة الشريط الحدودي الذي حلمت به ودعمت من خلاله مخابراتيا ولوجستيا عصابات داعش والقاعدة ؟ بل اكثر من ذلك يرتفع اليوم الجعير الصهيوني عن حصرية انتشار الجيش العربي السوري على خط جبهة الجولان أليس هذا هو الجيش الذي كان هدفا لإسرائيل واعتداءاتها ولعمليات عملائها طيلة السنوات الماضية ؟.
بديهيات لا بد منها لتذكير البلهاء: انتبه هنا سورية يا غبي ! سورية التي لم تساوم على سيادتها وترابها الوطني عبر التاريخ ورفضت كل الصفقات والعروض الصهيونية منذ عام 1948 وحتى بعد هزيمة حزيران وبعد كمب ديفيد واوسلو وبعد اجتاح لبنان واتفاق 17 أيار هذه السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد هي نفسها التي نهضت بالشراكة مع إيران طيلة أربعة عقود بعبء دعم واحتضان قوى المقاومة العربية وفرضت معادلات جديدة في الصراع العربي الصهيوني يوم انهار الحليف السوفيتي فكيف اليوم وقد نهض حول هذه السورية المنتصرة حلف دولي إقليمي قوي يمسك بزمام المبادرة تقوده روسيا القوة العالمية الصاعدة؟