مسيرة تحرير سورية
غالب قنديل
المعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري وحلفاؤه لاستعادة السيطرة على المناطق الجنوبية بدت كسواها مما جرى في حلب والغوطة تجمع بين الهجوم الشامل والصاعق ضد معاقل عصابات الإرهاب والمصالحات التي تقود إلى إلقاء جماعي للسلاح بتجاوب الراغبين مع الفرص التي تبسطها الدولة الوطنية السورية وترعاها.
مرجعية القرار والرعاية والمتابعة الدقيقة للعمليات العسكرية والسياسية معقودة عند الرئيس الدكتور بشار الأسد فهو الذي يحدد بالتناغم مع جميع الحلفاء طبيعة الخطوات التالية ويصدر الأوامر التنفيذية عند اللزوم وحيث يتولى الحلفاء كل بدوره ما يسند إليه.
شركاء سورية وأشقاؤها الذين آزروها في المسيرة الوطنية يضعون قدراتهم في تصرف القرار السوري السيادي الذي يحدد الأولويات الجغرافية والزمنية في هذه المسيرة.
انها الحقيقة التي تغيظ كامل حلف العدوان على سورية وتجعل الكيان الصهيوني في حال اضطراب امام اضطراره للانتقال من لهجة التهديد والوعيد ومن مشاريع احلام اليقظة بقيام جدار عار في سورية على غرار ما فعل في جنوب لبنان إلى إبلاغ الإرهابيين العملاء برفع يده ورفضه حتى إيواء الهاربين منهم تماما كما حدث في اندحار الاحتلال من لبنان عام 2000 وهكذا انقلبت الحال من وهم اقتطاع جيب في الجنوب السوري إلى الإلحاح على العودة لاتفاق فك الاشتباك وبلسان مجرم الحرب نتنياهو وعصابته الحاكمة.
الحصيلة صارخة وتصدم البلهاء والمخبولين بانهيار الخرافات التي عملوا على ترويجها طيلة السنوات الماضية : روسيا لم تقدم ضمانات لأحد ولم تتعهد بتلبية أي شرط وكرست حقيقة ان القيادة السورية وحدها تقرر بمن تستعين وفي أية مواقع من بين شركائها في حرب تحرير أرضها من الإرهاب وهذا حق سيادي لا مجال معه لقبول أي تدخلات اميركية او صهيونية كانت.
خلافا لكل ما ظهر من رهانات على اختلافات بين شركاء سورية وحلفائها الخلص يستمر التناغم في السياسة والميدان حول القيادة السورية والرئيس الأسد القائد العام للقوات المسلحة وسخيفة هي الفرضيات التي تطرح احيانا في الحديث عن تفاوتات او تباينات في تقدير الموقف ووجهة القرار فذلك هو صدى ما تبثه الدعاية الأميركية الصهيونية وهلوسات الرجعيتين العربية ( السعودية وقطر والأردن ) والتركية المتآمرتين .
معارك الجنوب اعقبت اختبارات توازن الردع بين سورية والكيان الصهيوني وقد ربحتها دمشق على جولات متتالية ضد الحلف الأميركي الصهيوني بفعل ما اظهرته من إرادة صلبة وقدرة دفاعية عالية ودقيقة في التصدي للصواريخ الأميركية والصهيونية وللطيران الحربي المعادي خلال الشهور الماضية وبناء على النتائج وعندما ظهرت مؤشرات القرار السوري الحازم بتحرير الجنوب ظهر بيان التخلي الأميركي عن العملاء وتبعه بالإمرة ذاتها انكفاء أردني وصهيوني .
إنه ميزان القوى يتحدث ومن يعاند سيشج رأسه بتلقي ردع سوري مؤلم واهم ما تغير في الميدان هو تبلور مزاج شعبي يطالب بعودة الجنوب إلى حضن الدولة السورية ورعايتها بعدما اختبر الناس سلطة الزعران والمرتزقة والذباحين العملاء من عصابات الإرهاب والتوحش الأخوانية التكفيرية.
يقود تراكم الإنجازات العسكرية إلى تدحرج المواقع على طريقة الدومينو وكلما انتقل الجيش العربي السوري إلى مواقع جديدة ظهرت انهيارات أسرع في مناطق أخرى واستقبلت وحدات الجيش باحتفالات شعبية واسعة وبهيجة تثير غيظ الكتبة المنفوطين والعملاء المفجوعين .
ظهرت في المشهد الإعلامي خلال اليومين الماضيين معالم نكبة كبرى لحلف العدوان ومرتزقته الإعلاميين بارتفاع أصوات الندب والعويل وباختراع اكاذيب لم تعد تنطلي فهي من ذات البضاعة التي خبرها السوريون في معارك التحرير السابقة.
من حلب والغوطة إلى الجنوب وغدا في إدلب ومن ثم إلى المنطقة الشرقية وقوات الاحتلال الأميركية التركية ستندحر مرغمة مع عملائها من فلول داعش والقاعدة ومثيلاتها فلو كان ميزان القوى يسمح لأي من واشنطن وانقرة بخوض المواجهات والمغامرة بعمل عسكري جديد لظهر الأمر في الجنوب حيث التدخل الصهيوني والمصالح الصهيونية التي هي في جوهر اولويات العدوان على سورية في البدء والخاتمة ومن يدقق يفهم ونقطة على السطر.