الارادة السورية ومستقبل المنطقة
غالب قنديل
لم يبق سيناريو متخيل لصفقة مزعومة لم يطرح حول الجنوب السوري وقد اشتغلت آلة اعلامية ضخمة بالتهويل وتوزيع المعلومات المواكبة للتحذيرات الأميركية والصهيونية بالتكافل والتضامن مع ما قامت به المخابرات السعودية القطرية والاردنية التي رعت عصابات عميلة وجماعات ارهابية سورية طيلة السنوات السبع الماضية بالشراكة مع تركيا العثمانية والتنظيم العالمي للأخوان المسلمين ولم تكن تلك الجبهة العالمية تتواجد في الجنوب السوري من خلال عشرات الفصائل التي تضم خليطا من القتلة والمرتزقة الدوليين لاستعادة الجولان أو لتحرير فلسطين معاذ الله !
المخطط الذي قاد ذلك الخليط الاجرامي الى هذه المنطقة السورية الهامة هو استنزاف الدولة السورية المقاومة واخضاعها للمشيئة الاميركية الصهيونية وهنا يتجسد جوهر الحرب على سورية.
اسرائيل هي منذ البداية مركز القيادة والخطيط وقلب وعقل الامبريالية الأميركية والغربية المسخرة في خدمتها.
عملية السيطرة الاستعمارية الصهيونية بذاتها هدف وغاية لجميع الخطط الاستعمارية الغربية منذ اغتصاب فلسطين وسورية كانت وماتزال في رأس قائمة الاستهداف.
سورية اثبتت مع انطلاق عمليات جيشها لتحرير الجنوب أن قرارها الوطني السيادي يحدد هوامش التفاوض الممكن وتوقيت الحسم العسكري المستحق وهي أثبتت كذلك أن هذا الاطار هو ما يلتزم به الحلفاء والشركاء وأن لا اجتهادات تخالف المصالح السورية والثوابت السورية وأنه بالتالي لا تسليم مطلقا بنفوذ أميركي أو اسرائيلي الى آخر قائمة دول العدوان فلا مساومة على السيادة السورية هكذا اشترطت دمشق والتزمت موسكو بأن يكون أي تفاهم مع واشنطن التزاما مسبقا بتفكيك قاعدة التنف كما أعلن الوزير وليد المعلم رسميا.
فضلت الولايات المتحدة التخلي عن عملائها في الجنوب وتركتهم لمصيرهم بين القاء السلاح بالمصالحات التي تعرضها الدولة او التصفية على يد الجيش الذي تقدم بسرعة مذهلة في مناخ من التعاطف الشعبي الواسع وهنا العبرة الأهم بعد ما جرى لسنوات.
باعت واشنطن كالعادة جلود عملائها لتتحاشى الالتزام بتفكيك التنف التي يراد لها أن تبقى فاصلا افتراضيا يحول دون التواصل السوري العراقي ولتجعل تفكيكها مرتبطا بمعركة التحرير من الاحتلال الأميركي.
الارادة الوطنية السورية حازمة وواضحة والمقاومة هي قدر السوريين. هكذا عاد الأميركي الى معزوفة الخروج قبل يومين بعد رسائل سورية وعراقية صارمة سياسية وميدانية.
الشعب السوري يعرف ان اي محتل لن يخرج من سورية دون بذل الأرواح والتضحيات ومن غير اجباره على الرحيل وذلك هو ما علمه التاريخ للسوريين على مر العصور فالغزاة لا ينكفئون بالمناشدات ومن غير كلفة عالية نتيجة المقاومة الشعبية.
لا الأميركي ولا التركي ولا الصهيوني سيغادرون دون قتال وسورية رفضت المساومة على سيادتها واستقلالها وهي تبدي استعدادات متصاعدة لخوض حرب المقاومة والتحرير .. ان الغد لناظره قريب وليفهم كل عروبي تحرري ان هذه المواجهة هي معركة قومية لامفر منها وستقرر مستقبل المنطقة وانتصار سورية هو في صلب تحدي اسقاط ما يسمى صفقة القرن المعدة لفرض الهيمنة الصهيونية في المنطقة ولتأبيد اغتصاب فلسطين … التي عرفت تاريخيا بجنوب سورية.