معهد العلوم الاجتماعية يطلق تقريره: لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة
كتبت فاطمة طفيلي
شهدت إحدى قاعات السراي الكبير إطلاق تقرير تحت عنوان قديم جديد “المساواة بين الجنسين” ما يزال الى يومنا هذا يشكل تحديا أساسيا على الرغم من الجهود المبذولة، والإنجازات التي حققتها المرأة اللبنانية على مدى أعوام من النضال ورفع الصوت كما المطالب في كل مناسبة ومع كل استحقاق وطني يستدعي تكثيف الجهود من أجل النهوض بالمجتمع اللبناني وتحقيق مستقبل أفضل لكل مكوناته، وعمادها الرجل والمرأة يتكاملان ويتعاونان كل من موقعه لإزالة الفوارق والتمييز وتحقيق العدالة على كل المستويات، يستمر الإجحاف اللاحق بالنساء على أكثر من صعيد، ويبقى التمييز حجر عثرة في طريق تحقيق إنسانيتهن، التي تشكل العنوان الأسمى، الذي إن تحقق تزول الفوارق في النظرة والممارسة وتتحقق العدالة، المطلب الحق لكل مواطن، رجلا كان أم امرأة أم طفلا وينهض الوطن.
أطلق معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية تقريرا عن “المساواة بين الجنسين في لبنان واقع، تحديات وآفاق – قراءة من منظور الهدف الخامس للتنمية المستدامة 2013″، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان في السراي الكبير، وبرعاية رئيس الحكومة المكلف السيد سعد الحريري ممثلا بالنائبة بهية الحريري، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان، في السراي الحكومي في بيروت، بحضور وزير الدولة لشؤون المرأة في حكومة تصريف الأعمال الأستاذ جان اوغاسابيان، النائبة رولا الطبش جارودي، النائبة ديما جمال، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب، الوزيرة السابقة وفاء الضيقة والوزيرة السابقة منى عفيش، رئيسة مؤسسات الإمام الصدر السيدة رباب الصدر، مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان السيدة أسمى قرداحي، رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد صميلي وعدد من الشخصيات الدبلوماسية وممثلي الهيئات والجمعيات الاجتماعية والنسائية وعمداء ومديري وموظفي الجامعة اللبنانية.
يهدف التقرير الوطني حول المساواة بين الجنسين في لبنان الى معالجة واحدة من أكثر القضايا العالمية والإنسانية والأساسية والتي لا تزال تمثل تحديا حتى يومنا هذا. وتكمن أهميته في التركيز على الأهداف الستة للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة اللبنانية، بعدها رحّب الدكتور شربل ليشع بالحضور وأشار في كلمته إلى إن إدراج هذا الهدف في خطة التنمية المستدامة 2010 يؤكد مرّة جديدة على أن الوعي بأهمية حصول المرأة على حقوقها كافة وبأهمية دورها في عملية التنمية، آخذٌ بالترسّخ أكثر فأكثر على المستوى الأممي.
حيدر: لتعزيز الشراكة والتعاون بين القطاعين العام والخاص
قدمت عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة مارلين حيدر في كلمتها عرضا مفصلا لمحتوى التقرير، انطلاقا من تعريف الأجندة 2030 على أنها خارطة طريق عالمية ومرجعية دولية أساسها التنمية البشرية العالمية والعادلة، كما أثنت حيدر على التعاون الإيجابي بين معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي يواصل دعم الجهود الوطنية من أجل تحقيق المساواة وتمكين المرأة من خلال برامجه، بشراكته مع الحكومة اللبنانية والمجتمع المدني منذ العام 1993 لدعم مسوحات ودراسات وطنية وقطاعية وتعزيز القدرات المؤسساتية من أجل تطوير السياسات والقوانين وتنفيذ برامج ذات طابع جندري سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ومن أجل التوصل الى مجتمع أكثر مساوة وعدالة. وأردفت:” لذلك علينا تشجيع البحوث العلمية حول النوع الاجتماعي والاستمرار في العمل مع مراكز الابحاث الجامعية للتمكن من سد الفجوات في المعرفة. فالبحث الاكاديمي والعلمي يولد المعرفة، ويخلق افكارا وفرصا جديدة ومبتكرة من خلال التعليم، ويغرس ثقافة التفكير النقدي والبناء والموضوعي في الجيل الجديد، كما هو الحال مع معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية. فمنذ عام 1959، قام المعهد بتعليم وتخريج العديد من المتخصصين في مجال العلوم الاجتماعية في كل محافظات لبنان، من خلال منحه المعرفة والمعلومات الضرورية حتى يتمكن الجيل الصاعد من التحول الى عنصر فعال في قيادة التغيير“.
وفي نهاية كلمتها تحدثت حيدر عن الخطوات المستقبلية المقترحة على المستوى العام، والخطوات المستقبلية الملزمة لمعهد العلوم الاجتماعية على المستوى الأكاديمي والبحثي وعلى مستوى الأجندة 2030.
قرداحي: نحتاج جهودا إضافية ومقاربات مبتكرة لتمكين النساء وإشراكهن
وقالت مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان السيدة أسمى قرداحي في كلمتها إن اصدار التقرير اتى نتيجة تعاون بين صندوق الامم المتحدة للسكان والجامعة اللبنانية من خلال معهد العلوم الاجتماعية منذ أكثر من عام، بغية توفير المعرفة العلمية من منظور اكاديمي بهدف تقييم وضع المرأة في لبنان وتحديدا في ما يخص الهدف الخامس من اهداف التنمية المستدامة، والمكرس تحديدا لقضايا النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين. في حين انه يتم اعداد واصدار العديد من التقارير الوطنية عن وضع النساء والمساواة بين الجنسين بما في ذلك تقارير لبنان الدورية عن السيداو، إلا أن اهمية هذا التقرير تكمن في تركيزه على الغايات الست للهدف الخامس من اهداف التنمية المستدامة”.
أشارت قرداحي الى ما حققه المجتمع اللبناني، وفق نتائج التقرير، من تقدم في مجالات عدة حول تمكين المرأة، وتصميمه على إزالة ما أمكن من العقبات الذكورية الموروثة لتحقيق المساواة بين الجنسين، مؤكدة على الحاجة الى جهود إضافية ومقاربات مبتكرة لتمكين النساء وإشراكهن على الأصعدة كافة ليحققن السيطرة على قرارهن وأجسادهن ومستقبلهن.
وإذ أثنت قرداحي على ما حققته الدولة من التزامات حول تنفيذ المعاهدات الدولية وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية وفي صنع القرار، أعربت عن تفاؤلها بشأن الجهود المستقبلية لتحقيق المساواة وتمكين المرأة.
واعتبرت قرداحي أن التمييز ضد المرأة قضية اجتماعية عميقة الجذور، مشيرة الى القيم الاجتماعية والموروثات الثقافية والأعراف والتقاليد التي تحول دون التطور والتقدم في بعض الأحيان وفي بعض المجتمعات.
أيوب: التقرير قيِّم بدلالاته ويبيِّن مدى جهوزية معهد العلوم الاجتماعية وقدراته
والقى رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب كلمة عبّر فيها عن مدى سعادته في أن يستعيد معهد العلوم الاجتماعية في جامعتنا الوطنية دوره الجوهري في خدمة بيئته ومحيطه، مؤكدا أن المسؤولية الاجتماعية، كانت وما زالت تحتم علينا، وربما اليوم أكثر، كمؤسسة وطنية أكاديمية، أن نكون في خدمة بيئتنا، نُنَظّر لها، نبتكر ونبدع من أجلها، ونعمل كل ما في وسعنا بهدف تنميتها، لأن في هذه التنمية ننمي ذاتنا، والوطن والإنسان في آن.
اعتبر أيوب أن الجامعة اللبنانية كصرح أكاديمي وطني، أقدر على تلمّس هموم مجتمعنا واحتياجاته، وهي قادرة أكثر على دعم آليات تطويره بتنوعه الريفي والمدني، المادي والبشري. فكلما ارتقينا بمجتمعنا ارتقينا بالإنسانية جمعاء، الهدف الذي تسعى إليه الأمم المتحدة من خلال أهداف الأجندة 2030 التي وضعتها كأساس للتنمية الأممية المستدامة. أكد أيوب: “عندما أقول إنسان، لا أفرق حكمًا بين رجل وامرأة، فكل إنسان هو قادر، إذا تأمنت له البيئة الداعمة، الفرص والإمكانيات. “
عبَّر أيوب عن سعادته بأن يكون اختيار معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية للهدف الخامس من اهداف الاجندة 2030 لأنه يتناول المرأة، كما يتناول مبدأ المساواة، وبالتالي مبدأ العدالة الانسانية.
واعتبر ان التقرير قيِّم بما يحمله من دلالات في موضوعه التنموي بامتياز ويضعنا أمام ذواتنا الثقافية لنتحاور واياها في ظل جملة من التحولات المجتمعية حولنا. وأكد أن “إحداث التغيير لا بد من أن يبدأ بالفكر والثقافة والتعليم، كما بالتخطيط بنظرة مستقبلية أممية الأبعاد، والجامعة الوطنية بعديد طلابها الذي يناهز الـ 76 ألفاً، وبانتشارها المجالي في المحافظات كافة، وبطاقاتها الأكاديمية المبدعة، يمكنها أن تحدث تغييراً جوهرياً في المجتمع، من خلال تبنيها أكاديمياً ونشرها بحثياً لأهداف الأجندة 2030 الـ 17، لا سيما الهدف الخامس الذي يعد هدفاً ثقافياً بامتياز. “
ورأى أن معهد العلوم الاجتماعية، بيّن من خلال هذا التقرير مدى جهوزيته البشرية ومدى قدراته على القيام بالمسوحات والدراسات النوعية التي تساعد في تكوين فكرة عن الواقع للتعاطي معه وفق خطط تنموية مبنية على أسس فعلية، يمكن قياس تأثيراتها لتطويرها المستدام.
أيوب شدَّد على العمل التعاضدي، فلا الجامعة وحدها تستطيع بناء الغد ولا المؤسسات العامة والخاصة وحدها في الوطن تستطيع التغاضي عن دور الفكر في التطوير المجتمعي، مؤكدا على التكاتف لبناء غد أفضل. مثمنا أهمية بناء الشراكات مع المؤسسات الوطنية والدولية “التعاون والتعاضد هو وحده القادر على إحداث التغير”. ولفت الى أهمية عقد الشراكة بين الجامعة اللبنانية وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وختم أيوب بتهنئة معهد العلوم الاجتماعية لجديته بالعمل ولنجاحه بهذا المسار البحثي التعاضدي وأكّد على “أن التلاقح الفكري الجماعي هو الإبداع في عينه”.
الحريري: لإرادة سياسية صلبة وشجاعة الاعتراف بجدارة المرأة وقدرتها ولمزيد من التعاون بين المؤسسات الوطنية
النائبة بهية الحريري نقلت تهنئة خاصة من الرئيس سعد الحريري إلى الجامعة اللبنانية ممثلة برئيسها الدكتور فؤاد أيوب، وإلى عميدة معهد العلوم الاجتماعية الدكتورة مارلين حيدر نجار وصندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان ممثلا بالسيدة أسمى قرداحي، على إنجازهم المميز في إصدار التقرير، ومعهم الفريق المميز من الخبيرات والخبراء الذين ساهموا في إنجازه، كقراءة من منظور الهدف الخامس للتنمية المستدامة 2030.
وأكّدت الحريري على أن إطلاق التقرير من مقر رئاسة الحكومة هو تأكيد لأهمية الجامعة اللبنانية ودورها الوطني في تعزيز البحث العلمي، والتصدي لتحديات لبنان في كل المجالات، وعلى وجه الخصوص قضية المساواة بين الجنسين، التي تتطلب إرادة صلبة من كل القوى السياسية، والتحلي بشجاعة الإقدام على الاعتراف بجدارة المرأة اللبنانية وقدرتها على تحمل المسؤوليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهي أثبتت على مدى عقود طوال مساهمتها كقوة إنتاجية في كل المجالات الوطنية والعلمية والثقافية والاقتصادية.
وشددت الحريري على التطلع إلى مزيد من التعاون والتنسيق بين كل المؤسسات الوطنية، لكي يكون التقرير موضوع نقاش وتفاعل، والأخذ بمضمونه وخلاصاته وأهدافه، وأن يصار إلى آلية موحدة لبلوغ الهدف عام 2030، لتحقيق المساواة في التمثيل السياسي على المستوى البرلماني والحكومي، فتصبح مؤسساتنا التمثيلية تعكس واقعنا الاجتماعي والاقتصادي بشكل دقيق، وبذلك التوازن نستطيع أن نبني مستقبلنا بكل طاقاتنا الإنتاجية، وكل تهميش أو إقصاء هو هدر في طاقاتنا، وشكل من أشكال الضعف وعدم القدرة على مواجهة تحدياتنا المستقبلية.
وإذ أشارت الى التحديات الجسام التي تحملها لبنان على مدى سبعين عاما، أكدت على الحاجة الماسة إلى التماسك الاجتماعي من أجل وضع استراتيجية إنمائية بأهداف واضحة توائم الإمكانات البشرية والطبيعية مع الأهداف الوطنية.
وأختمت الحريري بالتأكيد: “هذا التعاون، بين الجامعة اللبنانية وصندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان، وبدعم من رئاسة الحكومة، نريده أساسا لشراكة أوسع وأقوى. لكي تكون هذه الأهداف قابلة للتحقق، ونصل معا إلى لبنان الذي نريد من خلال دولته الحديثة والعادلة والقادرة على مواكبة طموحات كامل الشعب اللبناني، وتحقيق العدالة والمساواة في كل المجالات“.