واشنطن: انتقادات ديمقراطية وجمهورية لقوانين الهجرة
تشهد الأوساط السياسية في واشنطن جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا على أثر سياسات أميركية تؤدي إلى فصل الأطفال عن آبائهم الذين يحاولون عبور الحدود إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية. وخلال 6 أسابيع فقط وصل عدد الأطفال الذين تم فصلهم عن آبائهم إلى نحو ألفي طفل
.
وطالبت قيادات بارزة في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إدارة الرئيس دونالد ترمب بوقف ممارسات فصل الأطفال عن آبائهم حينما يتم القبض على الأسر عند الحدود، كما انضمت السيدة الأولى ميلانيا ترمب وأيضا السيدة الأولى السابقة لورا بوش إلى الديمقراطيين في إدانة هذا الفصل الأسري. واتخذت القضية منحى خاصا بالتزامن مع عيد الأب الأميركي يوم الأحد الماضي، حيث قام مشرعون ديمقراطيون بزيارة مرفقي احتجاز في كل من تكساس ونيوجيرسي للاحتجاج على احتجاز الأطفال.
وتعرضت السياسة التي وضعها الرئيس ترمب وتنفذها وزارة العدل بقيادة جيف سيشنز لانتقادات حادة من جانب المشرعين من الجانبين ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع الديني وجانب كبير من قاعدة ترمب الانتخابية المناصرة عادة لسياساته.
ودافع الرئيس ترمب عن سياسات إدارته حول مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي دخلت حيز التنفيذ في مايو (أيار) الماضي قائلا إن المجرمين والمهربين يستخدمون الأطفال في عملية تشبه حصان طروادة لعبور الحدود الأميركية.
وقال ترمب صباح أمس في سلسلة من التغريدات: «الأطفال يتم استخدامهم من قبل بعض أسوأ أنواع المجرمين على وجه الأرض أداةً للدخول إلى بلادنا. ألم ينظر أحد إلى الجرائم التي تحدث في الجنوب عند الحدود… إنها تاريخية. وفي بعض البلاد تعد أخطر مكان في العالم، وهذا لن يحدث في أميركيا».
وألقى ترمب باللوم على الديمقراطيين في الكونغرس، وقال في تغريدة أخرى: “إنه خطأ الديمقراطيين، لأن القانون ضعيف وغير فعال مع جرائم عبور الحدود والجريمة. أخبروهم بأن عليهم التفكير في الأشخاص الذين دمرتهم جريمة ارتكبها مهاجرون غير شرعيين”.
وغرد ترمب مرة أخرى قائلا: “لماذا لا يعطينا الديمقراطيون أصواتا لإصلاح أسوأ قوانين الهجرة في العالم. أين الاحتجاجات على أعمال القتل والجريمة التي تتسبب فيها العصابات والبلطجية”.
وقال ترمب للصحافيين يوم الجمعة الماضي: “أكره أن يتم فصل الأطفال بعيدا عن آبائهم. ولهذا يتعين على الديمقراطيين تغيير قانونهم، فهذا هو قانونهم”. وألقى ترمب باللائمة على الديمقراطيين قائلا إنهم بحاجة إلى دعم الجهود التشريعية للجمهوريين.
وخرجت السيدة الأولى ميلانيا ترمب، التي عادة ما تنأى بنفسها عن الأضواء السياسية، إلى حلبة النقاشات المثيرة حول الموضوع. وقالت ستيفاني جريشام، المتحدثة باسم السيدة الأولى، إن ميلانيا ترمب تكره أن ترى الأطفال منفصلين عن عائلاتهم، وتأمل في أن يتفق الطرفان لتحقيق إصلاح ناجح لسياسات الهجرة. وقالت: “نحتاج إلى أن نكون دولة تتبع جميع القوانين، لكن أيضا دولة تحكم بقلب عادل”.
وطالب وزير العدل جيف سيشنز الكونغرس بتمويل بناء الجدار عند الحدود. وقال: “الكونغرس يمكن أن ينهي أعمال فصل الأطفال عن آبائهم عند الحدود إذا أعطى المشرعون ما يطالب به الرئيس ترمب من خطط لبناء الجدار ووضع تشريع جديد للهجرة”.
من جانبها، دافعت كريشتين نيلسون، وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، عن سياسات الهجرة، وركزت على الجهود والمطالب التي قدمتها إدارة الرئيس ترمب إلى الكونغرس، وعلى معدلات الجرائم التي يرتكبها بعض المهاجرين غير الشرعيين. وشددت على أن إدارة ترمب لن تعتذر عن سياسة عدم التسامح مطلقا، وأنه لا توجد استراتيجية لفصل الأبناء عن آبائهم إطلاقا. وقالت نيلسون في مؤتمر صباح أمس: «إننا ننفذ القوانين التي أقرها الكونغرس، ونبذل كل ما في وسعنا لحماية مجتمعاتنا، وحان الوقت ليعمل الكونغرس لإصلاح نظام الهجرة». وأشارت إلى أن الأطفال يتلقون رعاية جيدة، وأن عصابات تهريب الأطفال تستغل العيوب الموجودة في القوانين الأميركية. وقالت: “رسالتي لأعضاء الكونغرس واضحة: هل ترغبون في تأمين الحدود أم تريدون إبقاء عصابات تهريب البشر قادرة على العمل؟ فإذا كنت تريد استعادة سيادة القانون، فعليك إغلاق هذه الثغرات القانونية”.
وتفضي سياسات الهجرة الحالية إلى تطبيق ما يسمي “عدم التسامح” تجاه الأشخاص الذين يعبرون الحدود إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وبالتالي يتم القبض على هؤلاء الأشخاص وتقديمهم للمحاكمة، فيما يتم أخذ أطفالهم ووضعهم في مرافق خاصة في الوقت الذي يواجه فيه آباؤهم الاتهامات الجنائية.
ونشرت لورا بوش، السيدة الأولى السابقة، مقالا بصحيفة «واشنطن بوست» الأحد الماضي، قالت فيه إن هذه السياسة تحطم قلبها، وإن استراتيجية «عدم التسامح» على الإطلاق مع الهجرة غير الشرعية سياسة قاسية وغير أخلاقية، وقالت: «يتفق الناس من جميع الأطراف على أن نظام الهجرة لدينا لا يعمل، لكن الظلم بـ(عدم التسامح) مطلقا ليس هو الحل. لقد رحلت عن واشنطن قبل 10 سنوات تقريبا، لكني أعرف أن هناك أشخاصا جيدين على جميع المستويات في الحكومة يستطيعون أن يفعلوا ما هو أفضل لإصلاح هذا الأمر». وقارنت لورا بوش بين معسكرات الاعتقال اليابانية في الحرب العالمية الثانية، وبين احتجاز الأطفال.