محور الممانعة ومظلومية اليمن
غالب قنديل
لايمكن لأي كان تجاهل النتاج الاستراتيجية القريبة والبعيدة التي ستحملها حصيلة حرب اليمن ومعادلاتها على الوضع العالمي وتوازناته وعندما يحتشد الغرب الاستعماري بثالوث الغطرسة والهيمنة الأميركي البريطاني الفرنسي بمؤازرة صهيونية ظاهرة خلف القوات الخليجية وملحقاتها من جيوش المرتزقة الدوليين او من فصائل الجيوش المستأجرة تتضح طبيعة الصراع وترتسم معانيه وآفاقه القريبة والبعيدة بوصفه صراعا على مستقبل الخليج وعلى العمق الإفريقي وبالذات على منطقة المضائق والممرات البحرية المؤدية إلى حوض المتوسط عبر البحر الاحمرالذي يربط الشرق الأقصى بالغرب الأوروبي.
أخرق من يتوهم ان المعارك الدائرة على أرض اليمن محدودة التأثير ومحصورة في اليمن وواهم من يفترض ان لا شان له بحصيلة الصراع الجاري بين شعب اليمن من جهة والقوى الاستعمارية الغربية وحليفها الكيان الصهيوني والحكومات العربية التابعة والعميلة من جهة اخرى فميزان القوى الفعلي الذي سيرتسم من اليمن سيؤثر على جميع محاور الصراع والمنافسة الدولية والإقليمية.
من اليمن سيتبلور توازن قوى جديد في البلاد العربية فلا تستطيع دول كمصر والسودان واطراف محور المقاومة وبالذات في إيران وسورية ولبنان والعراق تجاهل انعكاس النتيجة على اوضاعها وكلما تقهقر حلف العدوان في اليمن ستكون البيئة الإقليمية اكثر مواتاة لمحور المقاومة والاستقلال بجميع مكوناته.
من اليمن سيتبلور ميزان الصراع والمنافسة القارية بين الصين والولايات المتحدة على أفريقيا وبالتالي فللصين الصامتة مصالح حيوية مصيرية في انتصار إرادة التحرر والاستقلال في أهم موانئ طريق الحرير وممراتها البحرية والبرية في التاريخ القديم وفي المستقبل المنظور لمبادرة الحزام والطريق.
اما الصراع العربي الصهيوني فهو في صلب المعركة على اليمن وليس التدخل الصهيوني مجرد تعبير عن طبيعة إسرائيل كمرتزق دولي يؤجر عدة الحرب لقاء نفط ومال من المملكة السعودية او من الإمارات كما يخيل للبعض بل إن العدو الصهيوني يدرك بعمق القيمة الاستراتيجية لليمن انطلاقا من تاريخ اليمن الحافل بالثقافة القومية وبنزعة التحرر الوطني وبالتضامن الحار مع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في رقعة جغرافية ممتدة توفر فرصا ثمينة للاتصال بفلسطين المحتلة عبر ممرات بحرية وبرية تعصى على السيطرة والمراقبة ويرصد الصهاينة بقلق بالغ مسيرات اليمن المقصوف والمذبوح لنصرة فلسطين.
اما بالنسبة لروسيا فإن معركة اليمن تتصل مباشرة بالنزاع حول توازن القوى الدولي ومستقبل العلاقات والتناقضات بين روسيا والحلف الأميركي البريطاني الفرنسي وانتصار اليمن يوفر لروسيا فرصا جديدة وقوية لجلب الإمبراطورية الأميركية والحلف الأطلسي إلى منصات التفاوض حول مستقبل الشراكة الدولية في عالم متعدد الأقطاب يرث منظومة الهيمنة الأحادية.
قيمة اليمن الاقتصادية لا تنحصر بكونه سوقا رحبة للبضائع وبلدا متطلبا لحاجات ضخمة في مجالي إعادة البناء بعد الحرب والطلب الاستهلاكي الطبيعي او ممرا تجاريا دوليا لا غنى عنه في البر والبحر بل أيضا لما يختزنه من ثروات ليست بعيدة عن منافسات سوق الطاقة العالمية وحروبها المستعرة بين الشرق والغرب.
ممانعو الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم أي روسيا والصين والهند وإيران وجنوب أفريقيا ومنظمة شانغهاي برمتها سيجنون أرباحا وعوائد عظيمة من انتصار الشعب اليمني ومن انكسار حلف العدوان على اليمن وهذا يفترض بنا مطالبتهم بالشراكة في حمل اعباء المعركة وأكلافها السياسية بل والعملية سواء بموقف حازم ينهي الحصار ويوقف المذابح الوحشية ام بترجمة تلك المصالح الحيوية بمساهمات فعلية في دعم الصمود اليمني على الصعد العسكرية والاقتصادية.
المظلومية اليمنية كبيرة وقاسية ويجب ان تتضافر الجهود لرفعها ولو جزئيا بمبادرات من الجناح العربي في محور المقاومة أي سورية وحزب الله والقوى الوطنية اللبنانية والعراقية والفلسطينية المناهضة للهيمنة الأميركية الصهيونية في المنطقة وسائر القوى العربية التحررية والشريفة بين المحيط والخليج.