تقدير غربي للردّ الإيراني المحتمل: حميدي العبدالله
ليس من باب الاستنتاج الذي يحتاج إلى جهد كبير القول إنّ السياسة الأميركية الجديدة تجاه إيران لا تستهدف منع إيران من صنع أسلحة نووية، فطهران أكدت دائماً أنها ليست في صدد صناعة الأسلحة حتى عندما كان برنامجها النووي في ذروة نشاطه .
الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان صريحاً من خلال مطالبه الـ 12 من إيران والتي تقود الاستجابة إليها إلى إسقاط وتغيير النظام الحالي واستبداله بنظام تابع للولايات المتحدة وخاضع إمام إرادتها. معروف أنّ إيران التي قاومت محاولات تغيير النظام التي تراوحت بين الحروب والعقوبات الاقتصادية منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، لن تذعن للإملاءات الأميركية، وإذا كان ردّ فعلها لا يزال حتى هذه اللحظة يدور في الإطار الدبلوماسي، السياسي والإعلامي، في محاولة لإنقاذ الاتفاق وعزل الولايات المتحدة دولياً، والحفاظ على مكاسب إيران التي تحققت جراء التوصل إلى اتفاق حول ملفها النووي، إلا أنّ ردّها لن يظلّ محصوراً في الإطار الدبلوماسي، السياسي والإعلامي، إذا فشلت محاولاتها لإنقاذ الاتفاق، والحفاظ على المكاسب المترتبة عليه.
لكن ما هي طبيعة هذا الردّ؟ الإيرانيون لا يصرّحون بذلك، وجلّ ما يقولونه أنهم مستعدّون للعودة لإطلاق البرنامج النووي الذي تمّ تجميده، وسيقومون بصناعة المزيد من أجهزة التخصيب، ولكن لا يتحدّثون إطلاقاً عن طبيعة خطط الولايات المتحدة وحلفائها لمواجهة الحضور الإيراني في المنطقة واحتواء برنامج الصواريخ الإيرانية. إيران تلوذ بالصمت إزاء ما تنوي القيام به، لا سيما إذا وضعت واشنطن تهديداتها الكلامية موضع التنفيذ.
لكن في الغرب ثمّة من يتحدث عن ماهية الردّ الإيراني، ومن بين هؤلاء سفير فرنسا السابق في سورية ميشال دوكلو الذي يقول حرفياً «من الممكن أن يُظهر صقور إيران قدراً لا بأس به من ضبط النفس كي لا يسبّبوا تصعيداً لمناورة حكومتهم والخروج بها عن سبيلها المرسوم مع محاولة إنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة قدر الإمكان عبر التعاون مع الصين وروسيا وأوروبا. لكن في أحسن الأحوال سيكون ضبطاً مؤقتاً للنفس من جانب صقور طهران. فمن المدهش والمفاجئ للغاية أن تبقى إيران هادئة، من دون اتخاذ ردود الفعل غير المتناظرة ضدّ مصالح الولايات المتحدة، أو ضدّ خصوم إيران في المنطقة». وحول ما يمكن لإيران القيام به يقول السفير الفرنسي السابق «هناك الكثير من الخيارات المتاحة على طاولة الحرس الثوري بينها العراق وسورية ولبنان واليمن وأفغانستان». وبشأن موقف الولايات المتحدة في حال حان الردّ الإيراني في إحدى هذه البلدان أو فيها جميعاً دفعةً واحدة يقول دوكلو «إذا ما وضع المرء باعتباره قيمة الإحجام الواضح من جانب الإدارة الأميركية عن العودة إلى سياسة التدخلات العسكرية المباشرة، فقد يعني الأمر العبث بأعواد الثقاب في بيئة شديدة الاشتعال» وهو تقدير واقعي وصحيح.