صحف اميركية: ترامب لم يحقق شيئًا من قمته مع كيم
رأى نائب مدير تحرير مجلة “فورين بوليسي” سابقًا يوري فريدمان في مقالة نشرها في مجلة “ذا أتلانتك” أن الرئيس الأميركي لم يحقق أي إنجاز في قمته التي عقدها مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، سوى تعزيز العلاقات الشخصية بين الرجلين .
وقال الكاتب “لم يتضمن البيان المشترك الصادر بعد عقد القمة التزامًا من قبل كوريا الشمالية بتفكيك ترسانتها النووية بشكل كامل وقابل للتحقق، وهو مطلب قديم من إدارة ترامب”، موضحًا أن “كيم جدد فقط التأكيد على ما كان قد وافق عليه خلال القمة التي جمعته مع رئيس كوريا الجنوبية مون جي إن في نيسان/أبريل المنصرم، وهو العمل على نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية“.
وتابع الكاتب “تستخدم كوريا الشمالية منذ سنين عبارة نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية، على أساس أن ذلك يعني تخلِّيها عن أسلحتها النووية مقابل توقُّف الولايات المتحدة عن حماية كوريا الجنوبية بالترسانة النووية الأميركية، وذلك مقابل إنهاء التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وكافة أبعاد السياسة الأميركية العدائية تجاه كوريا الشمالية“.
ولاحظ الكاتب أن كيم وترامب لم يحددا أي جدول زمني لنزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية.
وإذ لفت الكاتب إلى أن “ترامب قدّم في تصريحاته بعد القمة تنازلاً تلو الآخر إلى كوريا الشمالية، أشار إلى قول الرئيس الأميركي أن لا مشكلة لديه مع قيام الصين بتخفيف تطبيق العقوبات على كوريا الشمالية، وأضاف فريدمان “إعلان ترامب تعليق المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية طالما استمرت المفاوضات بين واشنطن وبيونغيانغ يعني أنه قد تبنى موقف كوريا الشمالية القديم الذي يعتبر هذه المناورات استفزازية“.
وأضاف فريدمان “ابتعد ترامب عن رؤية مستشاره للأمن القومي جون بولتون، التي تحدث فيها عن عملية نزع سلاح نووي سريعة، وتبنى ترامب في المقابل موقف أقرب الى رؤية كوريا الشمالية نفسها التي ترى أن نزع السلاح النووي عملية طويلة”، مشيرًا في هذا الصدد إلى مواقف ترامب التي تؤكد أن “نزع السلاح النووي بشكل كامل عملية طويلة من الناحية العلمية“.
في السياق نفسه، أكَّد تقرير لموقع “بلومبرغ” أن “الفائز الأكبر من قمة ترامب-كيم كان-باستثناء كيم نفسه– حكومة الرئيس الصيني إكسي جينبينغ”، مشيرًا إلى أن “الحكومة الصينية كانت تؤيد العملية نفسها التي انطلق فيها ترامب الآن“.
وقال التقرير “تعهد ترامب خلال المحادثات مع كيم بعملية تفاوضية مفتوحة الأمد، وأعلن أن الولايات المتحدة ستقوم بتعليق المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية، موضحًا-أي ترامب- أنه نظرًا الى ان كوريا الشمالية قد اوقفت تجاربها الصاروخية والنووية فإن ما يحصل بالتالي هو تحقيق نموذج التعليق مقابل التعليق وهو النموذج الذي تدعو إليه الصين منذ أعوام“.
وأضاف التقرير أن “الرئيس الصيني ألقى بظلاله على قمة سينغافورة بين ترامب وكيم”، مذكرًا بأن “الرئيس الصيني التقى الزعيم الكوري الشمالي مرَّتين خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأن طائرة صينية نقلت كيم من بيونغ يانغ إلى سينغافورة حيث انعقدت القمة“.
التقرير لفت إلى أن “اليابان حليفة الولايات المتحدة الأميركية الأساس في المنطقة لم تحصل على أي من مطالبها”، لافتًا إلى أن “كيم لم يقطع أي وعود حول ملف المواطنين اليابانيين المختطفين من قبل كوريا الشمالية، ولم يتحدث كذلك عن أي قيود على برامجه للصواريخ البالستية“.
في المقابل، تحدَّث التَّقرير عن “حسابات ترامب المقلوبة رأسًا على عقب”، وقال إنَّ “ذلك سمح للصين وكوريا الشمالية بأخذ مكاسب على حساب الحلفاء مثل اليابان”، واعتبر ان ذلك يردد اصداء ما حصل من خلافات بين اميركا وحلفائها التقليديين في قمة الدول السبع التي انعقدت في كندا.
وإذ أشار التقرير إلى أن ترامب سبق وأعلن أن الولايات المتحدة لن تخفف الضغوط على كوريا الشمالية-بما في ذلك العقوبات القاسية-حتى تحقيق هدف نزع السلاح النووي بشكل كامل وقابل للتحقق، لاحظ أن هذه اللغة لم ترد في البيان المشترك الذي صدر بعد القمة، وأنه لم يحدد اي جدول زمني لتخلي كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية، وقال “إن ذلك يمثل تراجعًا ملحوظًا عن التصريحات السابقة لمسؤولين أميركيين“.
أما الصين، فقال التَّقرير أن موقفها كان إيجابيًا من نتائج القمة، مشيرًا إلى تصريح وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي قال فيه أن الطرفين يوجدان تاريخًا جديدًا.
بدوره تناول، مجلس تحرير صحيفة “نيويورك تايمز” العوامل التي تقف وراء تصميم ترامب على محاولة إبرام صفقة مع كوريا الشمالية.
ولفتت الصحيفة أولاً إلى أن “ترامب يعشق إبرام الصفقات، وأنه كان يعتقد أن رئاسته ستدور حول إبرام الصفقات لوحده”، كما اضافت أن “ترامب يشعر بالإحباط بسبب ضرورة العمل مع الكونغرس في ملفات الداخل، فيما لديه هامش مناورة أكبر في السياسة الخارجية“.
وتابعت الصحيفة “ترامب يحب المجازفة والمهمات الصعبة كثيرًا ويرى أن لا مجال للخسارة بمثل هذه المهمات، اذ ان لا أحد سيلومه اذا ما فشلت المهمة مع كوريا الشمالية بسبب صعوبتها”، وأضافت “نيويورك تايمز” أنه في حال نجح الرئيس الأميركي بالمهمة مع بيوغ يانغ فإن ذلك سيفاجى الجميع، وهو الأمر الذي يجعل من كوريا الشمالية ملفا يستقطب ترامب.
وختمت الصحيفة بالقول إن ترامب سينال المديح الذي يرغب بشكل كبير بالحصول عليه في حال نجح مع كوريا الشمالية.
بموازاة ذلك، تناول الكاتب الأميركي جيفري غولدبرغ في مقالة له “عقيدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب”، ونقل في هذا الصدد عن مسؤول رفيع في الادارة الاميركية قوله إنه يمكن وصف هذه “العقيدة” كالتالي: “لا اصدقاء و لا اعداء”، ونقل الكاتب أيضًا عن المسؤول الأميركي قوله أن ترامب لا يعتقد بأن على الولايات المتحدة أن تكون جزءا من أي تحالف على الإطلاق.
وأسهب الكاتب في حديثه عن عقيدة ترامب ناقلاً عن مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي الاميركي قوله أن “عقيدة ترامب يمكن اختصارها بزعزعة الاستقرار بشكل دائم بشكل يخلق تفوقا أميركيا”، وأن “ترامب يعتقد أن إبقاء الحلفاء والخصوم في حالة عدم توازن يصب في مصلحة أميركا“.
اما التوصيف الافضل لعقيدة ترامب-بحسب الكاتب-فكان ذلك الذي قدم له مسؤول كبير في البيت الأبيض على صلة مباشرة بترامب ومطلع على طريقة تفكيره، اذ نقل الكاتب عن هذا المسؤول قوله انه “يمكن وصف عقيدة ترامب كالتالي: “نحن أميركا”، وخلافا لأوباما فإن ترامب لا يرى أن عليه الاعتذار لأي فعل قد تكون واشنطن قد أقدمت عليه“.
الكاتب اعتبر ان “اللافت بعقيدة ترامب “نحن اميركا” هو عنصر الوهمية الموجود فيها”، واضاف ان “ترامب يتبع سياسات تقوض التحالف الغربي وتقوي روسيا والصين وتربك الساعين الى الحرية حول العالم”، كما قال ان “الولايات المتحدة قد تصبح اضعف وبشكل دائم، بسبب تنفيذ عقيدة ترامب“.
في المقابل، أشار الكاتب الى اعتقاد مسؤولين أميركيين وأصدقا لترامب بان العكس هو الصحيح، وأن ترامب يعيد بناء القوة الاميركية، إذ يبرر هؤلاء إلغاء ترامب لكل ما حققه أوباما، ويقولون “عقيدة ترامب هي تبًا لعقيدة أوباما”.