الوصاية تمنع التعاون مع سورية
غالب قنديل
بعدما ما تكشف من خطط دولية لفرض التوطين التي تستهدف سورية ولبنان معا إثر بيان بروكسيل الشهير الممهور بتوقيعين أممي واوروبي جاء انكشاف حقيقة قديمة ومعروفة عن تواطؤ وكالة الغوث الأممية وسواها من المؤسسات الدولية التي تعددت شواهد استخدامها الأميركي بإحكام شديد .
تجلت ذروة الضغوط على لبنان في اعتراض عودة النازحين السوريين إلى بلدهم تحت مظلة تعاون لبناني سوري وبتنسيق تولاه اللواء عباس ابراهيم بتفويض حكومي.
ليس ذلك الملف هو المحور الوحيد الذي يتطلب اتصالات على أعلى المستويات بين البلدين والحكومتين فثمة حاجات ملحة تحتم التعاون وهي كثيرة بعيدة وقريبة تتعلق مثالا لا حصرا بالترانزيت وبالتصدير إلى سورية وعبرها نحو العراق والأردن والخليج ومنها ما يتصل بالمشاركة في إعادة البناء بعد الحرب وبالكهرباء والمياه.
تتقدم جميع تلك المحاور شراكة المجابهة المستحقة ضد العدو الصهيوني وخططه وتهديداته التي شرعت تبنى على مبدأ وحدة الجبهة الشمالية الشرقية من رأس الناقورة إلى المثلث بينما يواصل طيران العدو استباحة الأجواء اللبنانية للتجسس ولتنفيذ اعتداءات على السيادة السورية من الأجواء اللبنانية.
تصاعدت الضغوط السياسية التي تستهدف لبنان بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وقد أعلن نفير أميركي صهيوني سعودي لمنع أي تطور في العلاقات بين دمشق وبيروت وبأي ثمن وهو ما تحذر منه مراكز الدراسات والتخطيط الأميركية تحت شعار منع سورية وإيران وحزب الله من ضم لبنان إلى محور المقاومة وهو طموح مشروع لكنه لم يطرح في الأجندات السياسية لأي جهة لبنانية منتمية إلى ما سمي بفريق الثامن من آذار والبوادر العملية تظهر حرصا شديدا على حماية قواعد المساكنة الإيجابية بين المحورين داخل لبنان وعلى تحاشي أي صدام بينهما بل إن حجم المشكلات السياسية والاقتصادية والتحديات المحكي عنها تحفز دعوات ملحة للتضامن والتماسك حول مبدأ حماية الاستقرار والابتعاد عن المواقف التصادمية.
السؤال الذي يرتسم هو إلى أي مدى يمكن للبلاد تحمل نتائج امتناع الحكومة عن اتخاذ خطوات عملية للتنسيق مع الحكومة السورية في احتواء تلك المشاكل ومحاصرة نتائجها وتفاعلاتها بينما تفضح الوقائع غاية الدول الغربية والخليجية الساعية لعرقلة وتأخير أي تحول إيجابي في العلاقة مع سورية وحيث يجري التعامل مع النازحين الموجودين في لبنان وغيره كورقة ضغط ضد الدولة الوطنية السورية ويمنع التواصل بين لبنان وسورية بانتظار قرار غربي خليجي باستئناف العلاقات في توقيت يناسب أعداء سورية المتورطين في الحرب عليها ولإطالة امد الحصار السياسي والدبلوماسي الذي انطلق مع العدوان الاستعماري الرجعي الصهيوني على مركز محور المقاومة فمعلوم ان التواصل اللبناني السوري سيكون إشهارا مدويا لكسر ذلك الحصار.
ويتوقع العديد من المصادر الدبلوماسية ان تلجأ دول كثيرة في المنطقة والعالم إلى المنصة اللبنانية لاسترجاع علاقتها بسورية والتمهيد لخطوات واسعة سياسية ودبلوماسية واقتصادية وهذا امر ظهر بصورة لافتة في السنوات الماضية من خلال ما يتلقاه المسؤولون اللبنانيون من طلبات لنقل الرسائل ولجس النبض واستكشاف الموقف السوري في العديد من المواضيع المشتركة مع القيادة السورية.
التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة الجديدة ليس بعيدا عن تلك الضغوط الأميركية الغربية الصهيونية السعودية والكلام عن التريث في انتظار تطورات مرتقبة فيه ذر للرماد في العيون فالمرتقب هو مزيد من الضغط على لبنان لدفعه بعيدا عن سورية وعن مصالحه الحيوية اقتصاديا وأمنيا وسياسيا واستراتيجيا بل ووجوديا بعدما جاهر الغرب علانية بخطط التوطين وحرك معها هواجس كيانية مزمنة في الواقع السياسي اللبناني وما يجري فعليا هو استعمال لبنان كورقة ضغط على الدولة الوطنية السورية.
تطوير الموقف السيادي اللبناني الرافض للضغوط ولتعطيل التعاون اللبناني السوري هو التحدي الذي يجب ان تبنى عليه مقاربة تشكيل الحكومة والاتفاق على جدول أعمال يتناول كافة وجوه العلاقة مع سورية بمنظور المصالح الوطنية المشتركة.