ميدل ايست اي: هل ألغى محور واشنطن-تل أبيب-الرياض دور عمّان؟
سلط مقال للكاتب شون يوم الضوء على الأوضاع الصعبة التي يشهدها الأردن وكفاح هذا البلد لإيجاد استراتيجية تمكّنه من الاستمرار والبقاء، مع انقلاب وضعه الجيوسياسي رأسا على عقب في الفترة الأخيرة بعد تشكّل محور أميركي إسرائيلي سعودي، وهيمنة هذا التحالف الجديد على شؤون الشرق الأوسط .
يقول المقال الذي نشره موقع ميدل إيست آي إن ملك الأردن عبد الله الثاني فاجأ كثيرين عندما صافح الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول التركية قبل نحو أسبوعين، وتكمن المفاجأة في أن الملك الأردني كان في طليعة الائتلاف السني الذي اعتبر إيران عدو.
ويعود الكاتب إلى ديسمبر/كانون الثاني 2004، عندما افتتح الملك عبد الله الثاني -وفق الكاتب- العصر الطائفي الجديد عام 2004، بتحذير من أميركا والحلفاء العرب من أنّ الهلال الشيعي هو حملة صليبية إيرانية لا هوادة فيها لتخريب الشرق الأوسط والسيطرة عليه.
ويقول كاتب المقال إن نبوءة الملك الأردني تحققت إذ ساعد التحالف السني السعودي الذي نتج عن ذلك في تغذية التوترات والصراع مع إيران.
نعود للمصافحة “المفاجأة” حيث يقول كاتب المقال -وهو أستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة تمبل الأميركية- إن من الأسباب المهمة الأخرى التي جعلت مصافحة عبد الله الثاني لروحاني مهمة، أنّ “الطبيعة الجيوسياسية للأردن انقلبت رأسا على عقب في 2016، بعدما أصبح المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي يهيمن على الشؤون الإقليمية“.
ويتابع أنه لم يعد هناك مكانٌ للأردن في النظام الجديد، وما عاد له الدورُ الذي كان يحصل في مقابله على مساعدات وأسلحة وحماية من الولايات المتحدة وقوى إقليمية، وبالتالي كان عليه البحثُ عن تحالفات جديدة لضمان البقاء، والمفارقة في رأي الكاتب هي أن يصبح العدو -الذي لطالما حذر منه الملك الأردني- حليفَه الجديد.
وأثناء تواصله مع أميركا والمحور الخليجي أو تحالفهما كان الأردن مستقرا إلى حدٍ ما وجنى مساعدات مالية وعسكرية. والآن ولضرورة البقاء على قيد الحياة، ومع اختلاف طموحات القوى الإقليمية والعالمية عن طموحاته، حوّل الأردن من سياسته الخارجية.
لكنّ هذه الاستراتيجية استندت إلى افتراضٍ مفاده أنّ القوى الخارجية ستستند إلى الأردن في معالجة أزماته، لكنّ الحال تبدّلت بعد صعود المحور الجديد الأميركي السعودي الإسرائيلي.
ويقول الكاتب إن تحالف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أدى إلى أن يكون وجود الملك عبد الله الثاني على الورق فقط.
ويشير إلى أن أبرز تأثيرات التحالف الجديد على القضية الفلسطينية أنه كلما ظهر الجدل بشأن القدس فنهايته تكون لصالح إسرائيل، وهو ما يهدد وجود الأردن القائم أصلا على هذه القضية في حدّ ذاتها.
ومنذ اتفاقيات أوسلو، التزمت المملكة الأردنية بالعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، مع الافتراض بأن الدولة الفلسطينية المستقلة ستشكل، وأن حق العودة ما زال قائما؛ لكنّ الأمور تغيّرت حاليا، ومثّل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس عنوانا لهذا التغيير، ويرى محللون أنّ الأردن أصبح عاجزا حاليا عن تأمين فنائه الخلفي، وقد يكون هذا صحيحا.
وأثناء زيارته للسعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم يستطع الملك عبد الله ثني ابن سلمان عن خططه الخاصة بفلسطين. وفي عام 2017، زار الولايات المتحدة أربع مرات، حتى لا تنتهي الولاية الهاشمية على القدس، “لكنه فشل” وفقا لتوصيف الكاتب.
وعبّر الملك الأردني عن غضبه من الخطوات الأميركية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بينس عمّان في يناير/كانون الثاني الماضي، وأكد أن صفقة القرن مرفوضة ولا تتوافق مع التطلعات الأردنية. لكن -للأسف- لم تطلب السعودية أو أميركا أو إسرائيل رأي الأردن.
يقول الكاتب إن الأردن ركب في وقت مبكر رياح الخليج فيما يتعلق بالربيع العربي والموقف منه؛ إلا أنه مع صعود ابن سلمان إلى هرم السلطة فإنه بدأ يعامل الأردن معاملة ثانوية، مما حدا بالمملكة الهاشمية إلى مقاومة خطط السعودية.
لكن ابن سلمان أراد السعي للانتقام، فاحتجزت سلطات بلده رجل الأعمال الأردني الفلسطيني صبيح المصري الذي يعد مصرفه (البنك العربي) أكبر شركة مالية في الأردن، وتبعت رسالة التخويف فصل الملك عبد الله ثلاثة من أقاربه من الجيش، وسط شائعات عن اتصالات سعودية.
وفي فبراير/شباط الماضي، أوقفت السعودية أكثر من 250 مليون دولار من المساعدات التي وعدت بها، بعد أن رفض عبد الله الثاني دعوة ابن سلمان إلى عدم حضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي الشهر الماضي.