من الصحف الاميركية
هل أنقذت كوريا الجنوبية القمة المزمع انعقادها بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون من حافة الهاوية بعد تعرضها للإلغاء ، وهل سيحقق الرئيس الجنوبي مون جاي إن فتحا في جهوده للسلام في شبه الجزيرة الكورية أم أن الأمور ستسير على غير ما يراد؟، كلها تساؤلات طرحتها الصحف الاميركية الصادرة اليوم فأشارت إلى بعض الأحداث التي جرت منتصف الشهر الجاري مثل إطلاق كوريا الشمالية الرهائن الأميركيين وإعلان ترامب عن قمته مع كيم، واجتماع رؤساء الصين واليابان وكوريا الجنوبية في طوكيو للتحدث عن نزع السلاح النووي والمصالحة الكورية شبه الجزيرة الكورية.
هل يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الوفاء بوعوده التي أطلقها في حملته الانتخابية؟ أم أنه يواصل الجهود للقضاء على الإرث السياسي لسلفه الرئيس الأميركي باراك أوباما؟ فهو ما انفك ينسحب من اتفاق تلو الاتفاق، فما مدى كونه صانع صفقات رئاسية؟ وما سر هذه الفوضى في سياسته الخارجية؟
في هذا الإطار، يقول الكاتب جاكسون ديل في مقال تحليلي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية إنه عندما بدأ مايو/أيار الجاري كان الرئيس ترامب معنيا بمفاوضات دبلوماسية كانت ستحقق انتصارات مزدوجة لإدارته.
لكن يبدو أن ترامب بدأ يحصد حطام المحادثات المتعلقة باتفاق النووي الإيراني، كما أن المفاوضات المتعلقة بكوريا الشمالية تكاد تذهب أدراج الرياح، وذلك في وقت يحيي فيه الأميركيون يوم الذكرى الذي يوافق هذا العام الاثنين 28 من الشهر الجاري، وهي ذكرى من قضوا نحبهم أثناء خدمتهم في الجيش الأميركي.
ويضيف أن ترامب تسبب أيضا في توتر علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الحيويين، وأثار خطر نشوب صراعات عسكرية في الشرق الأوسط وآسيا، وانتقل من موقع الفائز المحتمل بجائزة نوبل إلى القائد العام للفوضى.
ويرى الكاتب أن مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو -اللذين يشكلان المحور الجديد لفريق الرئيس للأمن القومي- لعبا دورا في هذه الفوضى.
ويوضح أن كلا منهما يفضل المواجهة المفتوحة مع خصوم الولايات المتحدة على المقاربات الأكثر دقة التي قدمها أسلافهما في هذا السياق إلى الرئيس ترامب.
ويقول إن الشهر الماضي كان في جوهره دليلا حاسما على عدم رغبة ترامب -أو على الأرجح عدم قدرته- في التعامل مع تعقيدات الشؤون الدولية.
ويرى أن هذا العجز يتم استغلاله بالفعل بمهارة من جانب خصوم الولايات المتحدة مثل الصين، بل إنه يمكن أن يؤدي إلى كارثة قبل مرور عامين ونصف العام القادمة.
ويضيف الكاتب أن ترامب كان أمام تحديين يعدان من أخطر تحديات السياسة الخارجية التي واجهتها البلاد عندما تولى المنصب، ويتمثل هذان التحديان في البرنامج النووي المتنامي لكوريا الشمالية، وفي سعي إيران للهيمنة على الشرق الأوسط وبسط نفوذها في المنطقة، وهما تحديان ورثهما من الإدارة السابقة.
ويقول إن إيران استغلت ثغرة في اتفاق النووي وتابعت تطوير الصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن أنها ضاعفت العدوان في سوريا واليمن وأماكن أخرى في المنطقة.
ويضيف الكاتب أن مسؤولين أوروبيين كبارا ضغطوا على ترامب إزاء انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، وأنهم قالوا إنه يبدو غير مطلع على تفاصيله.
ويقول ديل إنه تبين أن همّ ترامب الوحيد تركز على الإيفاء بوعوده التي أطلقها في حملته الانتخابية من خلال نبذه إرث أوباما الرئيسي في السياسة الخارجية.
ويضيف الكاتب أنه على نحو مماثل، لم يأخذ ترامب على محمل الجد حقيقة أن الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون لم يكن يبحث عن صفقة سريعة، ولكن عن عملية متعددة المراحل فوضوية، مع جعل نزع السلاح النووي نقطة نهاية بعيدة.
ويستدرك بأن ترامب يقول الآن إن قمة كوريا قد تمضي قدما، على الرغم من عدم وجود أي علامة واضحة على أن كيم قد غيّر موقفه من نزع الأسلحة النووية.
ومع ذلك، فقد علّم الشهر الماضي جميع الأطراف درسا في ما يتعلق بترامب؛ إذا لم يكونوا قد عرفوه سابقا بالفعل.
ويتمثل هذا الدرس في أن ترامب ليس مع إجراء مفاوضات جادة، وأنه لا يجيد تقييم التكاليف والفوائد والمقايضات المعقدة على نحو جاد، وأنه جيد في الإيماءات الصاخبة والضجيج والإثارة، وقد يكون أسوأ صانع صفقات رئاسية في التاريخ الحديث.