شؤون عربية

والاه: إسرائيل والسعودية.. كواليس من العلاقات التجارية والسياسية

سلّط تحقيق استقصائي لموقع “والاه” الإسرائيلي الضوء على العلاقات التي تطورت في الكواليس بين رجال أعمال سعوديين وإسرائيليين. ويستعرض التحقيق كيف أصبح شركاء مجموعة “بن لادن” قريبين من مراكز القوة في إسرائيل .

وقالت معدتا التقرير دانى يركتسي وشاني حزيزا إن شهر أبريل/نيسان الماضي شكّل محطة فارقة في العلاقات الإسرائيلية السعودية، حيث جمعت “مسيرة الحياة” لإحياء ذكرى المحرقة في بولندا شخصيات إسرائيلية وسعودية، على رأسها رجل الأعمال السعودي مازن الصواف برفقه العضو السابق في الكنيست رفائيل إيلول، وهو المشهد الذي أثار مشاعر الجمهور الإسرائيلي.

لحظات الدهشة والاستغراب نقلها عبر أثير الإذاعة من بولندا إلى المجتمع الإسرائيلي المنسق السابق للحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة الجنرال يوآف مردخاي.

وسرد مردخاي لحظات اللقاء التي جمعته برجل الأعمال السعودي الصواف، قائلا “توجه إليّ بعض الحضور الذين أرادوا أن يقدموني إلى شخص يعرفني، ورأيت شخصا رفيع المستوى من القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، وهو شخص لديه عدد غير قليل من الأصدقاء الإسرائيليين الذين يتصل بهم ويتواصل معهم دائما، وقد وجهوا له دعوة للمشاركة في مسيرة الحياة بذكرى المحرقة“.

ولفت مردخاي -الذي كان على رأس عمله بالجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت- إلى أنه تبادل أطراف الحديث مع الصواف.

موقع “والاه” الإسرائيلي كشف أن رجل الأعمال السعودي مازن الصواف طلب المشاركة في مسيرة ببولندا لإحياء ذكرى المحرقة

لم يكن الصواف مجرد رجل أعمال سعودي”، حسبما نقل الموقع الإسرائيلي عن مصدر مطلع. ويضيف المصدر أن الصواف يسيطر على شركة البناء والمقاولات السعودية العملاقة “مجموعة بن لادن” التي أسسها والد أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الذي اغتالته أميركا”، مشيرا أن مشاركته في هذه المسيرة اليهودية ربما جاءت كفرصة للاحتكاك بالقيادة الإسرائيلية العليا.

ولا تتوقف المفاجآت على حد مشاركة الصواف في المسيرة، بل إن مالكولم هونلاين رئيس لجنة الرؤساء للمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، والمسؤول عن تنظيم المسيرة كشف أن الصواف قد اتصل به طالبا المشاركة، مشيرا إلى أن “شغفه هو ما حفزه للمشاركة“.

ويصف هونلاين رجل الأعمال السعودي مازن الصواف بأنه “شخص رائع لديه مشاعر قوية تجاه اليهود“.

ويستعرض موقع ” والاه ” سيرة مازن الصواف الذي ولد عام 1962 في السعودية، ويعرفه على أنه رجل أعمال في العقارات والبناء والطاقة والاستثمار، ولديه شبكة عالمية من الشراكات التجارية العاملة في بريطانيا وفرنسا والهند والمغرب، كما أنه يمتلك شركة المازن الدولية، وهي إحدى كبرى شركات البناء في السعودية.

وتحدث الموقع الإسرائيلي نقلا عن عدد من الصحف والمجلات العالمية منها دير شبيغل الألمانية وموقع إنتلجينس أون لاين ولوموند الفرنسية عن وجود علاقات بين الصواف وبكر بن لادن رئيس مجموعات بن لادن، التي وجهت إليها اتهامات بتمويل القاعدة.

وذكر موقع ” والاه ” أن الصواف رغم علاقاته الوطيدة مع مجموعة “بن لادن” لديه أيضا أصدقاء إسرائيليون من المستويات السياسية العليا. ويدلل على ذلك برسالة أرسلها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إلى “صديقه العزيز” مازن الصواف، طالبا منه الانضمام إلى اجتماعات مع مسؤولين أميركيين كبار في واشنطن ونيويورك التي سيصل إليها أولمرت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام للمشاركة في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية.

ويلفت الموقع أن أولمرت دعا الصواف إلى حضور لقاءات سينظمها هناك، من بينها مؤتمر يناقش سياسات الشرق الأدنى بحضور دينيس روس وروبرت ساتلوف، ودعاه أيضا إلى لقاء على عشاء ينظمه رجل الأعمال أندرو فان تيش.

للمصادفة -يقول موقع “والاه”- إنه في اليوم التالي من رسالة أولمرت إلى الصواف، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، هبط شريك الصواف رجل الأعمال السعودي من أصل باكستاني أكبرلي مولى في إسرائيل.

ويُضيف الموقع أن مولى كان في ضيافة ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي موشيه ليفي الحاصل على وسام “البطولة” من حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973)، وهو مصدر السلاح ومالك شركة “تكنولوجيا الأمن”، ومن بين أصدقائه المقربين وزير الإسكان الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس الأركان السابق بيني غانتس.

ويتابع الموقع أن مولى قام بجولة في ساحة البراق وزار كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، كما اصطحب ليفي ضيفه السعودي مولى لزيارة مصانع السلاح الإسرائيلية، كما رافقه في زيارة شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية.

وفي حديث مع ليفي، حاول الموقع الإسرائيلي أن يفهم طبيعة علاقته مع مولى، وبدا ليفي طوال المحادثة وكأنه شخص متردد يحاول تغيير أقواله وسرد إفادات متناقضة بكل ما يتعلق بقدوم مولى للبلاد، قائلا “مولى لم يكن مرتبطا بالسعودية على الإطلاق، وكان الهدف من الزيارة هو الاستثمار في إسرائيل بقيمة 100 مليون دولار في مجال التقنيات والتكنولوجيا“.

وأوضح ليفي أن زيارتهما لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية جاءت بتصاريح من الجهات الأمنية الإسرائيلية العليا، رغم أن مولى مُدرج في القوائم السوداء بأميركا وممنوع من دخولها.

وعندما سُئل ليفي كيف سمحت أجهزة الأمن الإسرائيلية لأكبرلي مولى بدخول إسرائيل، أجاب “لديه جواز سفر إنجليزي. إنه ليس مجرما. لم يأت بجواز سفر سعودي وعليه سُمح له بالدخول“.

وتعقيبا على التحقيق الاستقصائي لموقع ” والاه”، قال مكتب رئيس الوزراء السابق إن “أولمرت شخص عادي، يجتمع يوميا مع مسؤولين إسرائيليين ودوليين، بينها دول ليست معادية وإن كانت لا تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل“.

أما عضو الكنيست السابق رفائيل إيلول فعقّب على التحقيق بالقول إنه “رجل أعمال يعمل في جميع أنحاء العالم، ولا يعطي تفاصيل حول زبائنه، وهو مواطن مخلص وكل أفعاله تتماشى مع قانون ومطالب إسرائيل“.

ورد جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بالقول “وصل مولى -وهو رجل في السبعينيات من عمره، يحمل جواز سفر بريطاني وتنزاني- إلى إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وعند وصوله، استجوبه مسؤولون أمنيون. وبعد التحقق من أنه قادم لأغراض تجارية، ولا يوجد خطر أمني من وجوده في إسرائيل، سمحنا له بالدخول”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى