الصحافة البريطانية

من الصحف البريطانية

ناقشت بعض الصحف البريطانية الصادرة اليوم التصور الأمريكي لما يمكن أن يحدث في إيران نتيجة العقوبات المفروضة عليها، بنبرة تشوبها السخرية ، فقالت سينخفض معدل إنتاج النفط وستقل العائدات منه إلى خزينة الدولة، وهو ما سيؤدي إلى انهيار المؤسسة الدينية ورفعها الرايات البيضاء، عند ذلك سترضخ إيران للشروط الأمريكية كاملة، ومنها التوقف بشكل نهائي عن تخصيب اليورانيوم والانسحاب من سوريا والتوقف عن دعم الحوثيين في اليمن وحزب الله وحماس، كذلك ستنهي برنامج الصواريخ الباليستية”، لكنها رات أن أيا من ذلك لن يحصل، انطلاقا من الطريقة التي تسير فيها الأمور في إيران.

وتابعت: أما بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين فتتوقع إدارة ترامب أن يلتحقوا بها في معاقبة إيران، لكن ذلك يبدو مستبعدا من وجهة نظر الصحيفة، وإن كانت بعض الشركات الأوروبية ستحاول تجنب مقاطعة النظام البنكي الأمريكي لها، كما فعلت شركة توتال الفرنسية التي انسحبت من السوق الإيرانية.

أشار الكاتب غيديون راشمان في صحيفة الفايننشال تايمز إلى تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الغاضبة عن مؤامرة مزعومة ضده بما وصفه بـ”أكبر عملية مطاردة لمسؤول في التاريخ الأميركي” واتهامه المتكرر لأعضاء حكومته بالتآمرعليه ووصفهم بـ”الدولة العميقة”. وقال إن هذا الاتهام أن هناك “دولة عميقة” لموظفي والأجهزة الحكومية المصممة على تدمير رئاسته، قد أصبح من الأمور المعتادة بين أشد مؤيدي الرئيس.

وعلق الكاتب في مقاله بصحيفة فايننشال تايمز بأن رواج أي نظرية لا يجعل منها حقيقة وأنه ليس هناك دليل على أن مكتب التحقيقات الفدرالي ولا “الدولة العميقة” كانت عازمة على تدمير حملة ترامب الرئاسية. على العكس من ذلك، فقد أدى مدير المكتب السابق جيمس كومي خدمة لترامب بإعادة فتح تحقيق علني في سوء إدارة هيلاري كلينتون لرسائل البريد الإلكتروني الرسمية، مع التزام الصمت حيال شكوك مكتب التحقيقات في وجود روابط بين روسيا وحملة ترامب.

وقد يكون الجدل حول “الدولة العميقة” صوريا، لكنه لا يزال مهما لأنه يكشف الآن مدى تغلغل الخيال المجنون بالشك في التيار الرئيسي للخطاب السياسي الأميركي، الذي يغذيه الرئيس نفسه. والنظرية القائلة بوجود دولة عميقة وراء الكواليس تتلاعب بالسياسيين وتسيطر على مسار الأحداث تكون عادة الأكثر انتشارا في البلدان الأفقر من الولايات المتحدة، التي تكون فيها المستويات التعليمية أدنى والتقاليد الديمقراطية أضعف.

وهذه التجارب المليئة بالندوب في تلك البلدان، مثل مصر وتركيا وإندونيسيا وتايلند، تترك إرثا من الخوف بشأن الروابط بين رجال الأعمال والجيش وأجهزة الاستخبارات. وهذ النواة من الشكوك المبررة غالبا تخلق ثقافة سياسية تنتشر من خلالها نظريات المؤامرة، الأمر الذي يفسد الثقة في المؤسسات التي تعد ضرورية لديمقراطية فعالة.

والتقاليد السياسية الأميركية مختلفة جدا عما في تلك البلدان وليس للولايات المتحدة تاريخ من الانقلابات العسكرية ولأميركا تقليد راسخ في الخدمة المدنية المستقلة التي تمتثل للقانون والدستور.

ولذلك عندما تحقق أفرع أخرى من الحكومة في رئيس حالي، كما حدث مع ريتشار نيكسون وبيل كلينتون والآن دونالد ترامب، فليس هذا دليلا على وجود مؤامرة غير قانونية لتخريب إرادة الشعب، ذلك لأن الرؤساء ملزمون بالقانون والدستور الأميركي.

وختم الكاتب مقاله بأن النتيجة المؤسفة هي أن الاتهامات حول مؤامرة الدولة العميقة ضد رئاسة ترامب تكتسب زخما مع جمهور عريض، ولذا من المهم ملاحظة مدى السرعة التي تنزلق بها هذه النظريات إلى الخيال الجامح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى