فلسطين كقضية قومية… تُسقط مخططات تصفيتها: د. مروان فارس
ارتكب العدو «الإسرائيلي» مجزرة غزة على مرأى العالم وفي ظلّ صمته المريب وبالتزامن مع نقل السفارة الأميركية الى القدس، ليدشّن بذلك مرحلة جديدة من الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين، لكنه هذه المرة يحمل توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي جاهر وإدارته بانحيازهما الكامل لصالح كيان العدو على حساب الفلسطينيين وحقهم، ودمائهم التي سالت من أجل أن تبقى القدس ومعها كامل فلسطين حقاً لأبنائها .
وبالرغم من كلّ التآمر والصمت المخزي عربياً وعالمياً ها هي فلسطين تلتهب بوجه العدو الصهيوني، بالرغم من الدخان الذي يعمّ البلاد، لتؤكد أنها لا تموت لأنها ملك لأهلها الذين يقدّمون الغالي والنفيس فداء لها، ورغم صمت العالم، كلّ العالم، عرباً وأوروبيين، إلا أنّ أبناء فلسطين يرفضون الرضوخ لإرادة المتصهينين الجدد في الولايات المتحدة وباقي أقاصي الأرض، وهم أيّ الفلسطينيين سيُسقطون بأجسادهم وقبضاتهم ودمائهم كلّ القرارات التي تتخذها واشنطن من أجل تهويد فلسطين.
المفارقة التي تسجّل أنّ هذا العالم الغربي يعرف القهر ويعرف الظلم ولا يستطيع أن يخرج من براثن التنين الذي يتحكّم به، فالعالم محكوم بالإرادة اليهودية التي هي إرادة ظالمة بحكم انتمائها إلى «مقاليد توراتية». وهذه المقاليد تحتكم إلى معطيات عقائدية بأنّ أرض فلسطين هي لهم، وليست للفلسطينيين، إنها كذلك لأنّها معطاة لهم بنص توراتي خارج عن التاريخ. فاليهودية تقاتل ضدّ التاريخ، لأنها خارجة عن مفهوم الزمن العادي الذي يبتدئ في مكان ولا ينتهي في مكان، لذلك فإنّ كلّ شيء يُستباح في الأرض. كلّ شيء لا قيمة له خارج القيم التي تصنعها الصهيونية لها وللعالم.
بالنسبة للعدو لا قيمة لعدد الشهداء والجرحى الذين يسقطون من أجل فلسطين وغزة والقدس والأقصى، لأنهم يستبيحون هذا العالم من خلال الصهيونية العالمية، ويريدون مواصلة هيمنتهم من أجل تمرير صفقة القرن وكلّ مخططات التآمر على فلسطين. وبالتالي لن ننتظر أن يخرج قرار من مجلس الأمن الدولي يدين الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين، فقد تحوّل هذا المجلس بحدّ ذاته ستاراً يغطي الجرائم التي ترتكب. وهو ما يطرح السؤال حول فاعلية كلّ المؤسسات الدولية في الانتصار لفلسطين، بظلّ السيطرة اليهودية على هذا العالم.
فشلت «إسرائيل» ومعها أميركا بأن تجعل من فلسطين قضية الفلسطينيين وحدهم، وفشلت في إخراج فلسطين من كونها قضية قومية، وثبت أنّ فلسطين جزء لا يتجزأ من محيطها القومي الذي لا يزال ورغم كلّ مآسي وويلات الربيع العربي المزعوم يؤمن بفلسطين وبانتصارها، ويؤمن بالمقاومة درباً وحيداً للتحرير والنصر، وذلك رفضاً لسعي «عرب الاعتدال» الى التعامل مع قضية فلسطين باعتبارها تخصّ الفلسطينيين وحدهم دون سواهم، وترجم ذلك باعتراف بعض حكام الخليج أنّ «فلسطين هي حق لليهود وليست حقاً للفلسطينيين»، ما يشير الى طبيعة المخطط المرسوم لتصفية حق الفلسطينيين بأرضهم والعودة اليها، لكن الدماء التي تسيل على أرض فلسطين تعيد تأكيد حقيقة المسألة الفلسطينية بأنها ليست ملكاً للفلسطينيين وحدهم، بل هي ملك قومي، وهذا الإيمان يبشر بآمال جديدة في السير نحو النصر الآتي، لأنّ حرية الشعوب تصنعها إرادتها. إنها إرادة الانتصار وهذا الانتصار قريب وقريب جداً.
(البناء)