انتقام في الانتظار: عاموس هرئيل
الهجوم الجوي الذي نسب لاسرائيل في ليلة أول أمس في الكسوة في جنوب دمشق يبدو كضربة وقائية استهدفت إحباط إطلاق صواريخ إيرانية من الاراضي السورية على شمال اسرائيل. هذه هي المرة الثالثة في الايام العشرة الاخيرة التي تم فيها الابلاغ عن عملية اسرائيلية مستعجلة هدفها صد خطة لعملية إيرانية .
في الاسبوع الماضي تم قصف مستودع للصواريخ الإيرانية في شمال مدينة حماة، وفي مساء يوم الاحد تم تسريب معلومات استخباراتية لوسائل الاعلام الاسرائيلية عن عملية إيرانية قريبة. في نهاية المطاف لم يتم في أي حالة من الحالات إطلاق صواريخ على اسرائيل. يبدو أن العمليات الوقائية الاسرائيلية تشوش في هذه المرحلة على عملية الانتقام الإيرانية. في الجيش الاسرائيلي يفترضون مع ذلك أن المحاولات ستستمر.
وحسب التقديرات الاستخباراتة فان إيران تنوي إطلاق الصواريخ على أهداف للجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان. ولكن لا يمكن إبقاء السكان هناك بدون وسائل دفاعية، في الوقت الذي توجد فيه المواقع العسكرية في حالة تأهب عالية. من هنا جاء التوجيه الاستثنائي أول أمس بشأن فتح فحص الملاجيء في مستوطنات الجولان.
الجهود الإيرانية متعلقة بهجوم سابق نسب لاسرائيل قبل شهر بالضبط في قاعدة سلاح الجو السوري قرب حمص. وهو الهجوم الذي قتل فيه سبعة أشخاص من حرس الثورة الإيراني، الذين كانوا كما يبدو في ذروة اقامة قاعدة جوية إيرانية محمية بالبطاريات المضادة للطائرات في القاعدة السورية. إيران أعلنت بشكل علني أنها ستقوم بالانتقام. ومنذ ذلك الحين يبلور قائد قوة القدس في حرس الثورة، الجنرال سليماني، عملية الرد. حسب المعلومات التي سربت فان سليماني يخطط لعملية مشتركة: التخطيط إيراني والقادة من حزب الله ورجال خلايا الاطلاق أنفسهم سيكونون من نشطاء المليشيات الشيعية التي تمول إيران نشاطها في سوريا.
المنشورات الاسرائيلية مثل الاحباط الناجع تدل على أن الاستعدادات الإيرانية كشفت. وهذا من شأنه أن يجبر سليماني على إعادة النظر في طبيعة العملية وتوقيتها، لكن الحساب ما زال مفتوحا وفي الخلفية ما زال يجري صراع أشد، الجهود التي تبذلها إيران لتعميق سيطرتها العسكرية في سوريا وقرار اسرائيل العلني منعها عن ذلك بكل وسيلة. رغم أن وسائل الاعلام ما زالت ملتزمة بالاستناد إلى تقارير مصادر أجنبية، يبدو أن وزراء الكابنت يلقون عن أنفسهم هذه القيود في مقابلات مع موقع «واي نت». في بداية هذا الاسبوع هدد الوزير يوفال شتاينيتس بالتعرض لحياة الرئيس بشار الاسد إذا سمح باطلاق النيران الإيرانية من سوريا على اسرائيل. وصباح أمس أوضح الوزير اسرائيل كاتس بأن الجيش الاسرائيلي سيمنع مسبقا محاولة الانتقام الإيرانية.
المصالح الروسية
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي عاد أول أمس من قمة مع زعيمي قبرص واليونان، من أجل أن يشاهد هنا المؤتمر الصحافي لترامب، سافر صباح أمس لزيارة الرئيس بوتين في موسكو. كالعادة في لقاءات كهذه فان الطرفين يكتفيان بتصريحات علنية مقتضبة نسبيا. ويبدو أن القليل مما يجري بينهما بصورة منفردة يتسرب إلى وسائل الاعلام.
يبدو أن جهود نتنياهو الاساسية تتركز في محاولة اقناع بوتين بضبط الإيرانيين في سوريا، أو على الأقل التسليم بالهجمات الاسرائيلية هناك. ورغم أن التوترات مع إيران في سوريا بارزة على الاقل منذ أيلول/سبتمبر الماضي، ورغم أن موسكو عبرت عدة مرات عن عدم الرضى من عمليات القصف، لم يتم حتى الآن نشر أي شيء عن مبادرة روسية لتهدئة النفوس. ربما أن بوتين لا يرى في التطورات حتى الآن تهديداً فورياً على المصالح الروسية في سوريا، وعلى رأسها الحفاظ على نظام الاسد، أو أنه يشكّك في استعداد إيران لوقف المواجهة.
على خلفية التوتر، فمن المهم الرسالة التي تبثها الولايات المتحدة عبر ارسال حاملة الطائرات «هاري ترومان» إلى شرق البحر المتوسط بين قبرص واسرائيل في الايام القادمة. رغم أن رحلة حاملة الطائرات كانت قررت مسبقا، يبدو أن الوجود الأمريكي في المنطقة من شأنه أن يعتبر تعزيزاً للردع الاسرائيلي ضد إيران وحزب الله. حاملة الطائرات شاركت في الاشهر الاخيرة في النشاطات ضد داعش في العراق وسوريا. ومؤخرا تولد انطباع في اجهزة الامن الاسرائيلية بأن ترامب يفحص مجددا قرار انسحاب الـ 2000 مقاتل أمريكي من القوات الخاصة من سوريا، وأن الادارة ستؤجل الانسحاب إلى بضعة اشهر اخرى.
وزير المالية وعضو الكابنت موشيه كحلون وصف بصورة صادقة الوضع في الشمال، في خطابه هذا الاسبوع في مؤتمر هرتسليا. «هذه الفترة هي الفترة الاكثر توتراً منذ أن كنت عضواً في الكابنت. ايضا الجيش أعطى تعليمات بأن إيران اتخذت قراراً بالرد. إذا سمحت اسرائيل لإيران بالتمركز في سوريا فأنا بصفتي عضواً في الكابنت لا يمكنني تفسير كيف سمحنا بحدوث هذا الامر». وزير الاركان غادي آيزنكوت ألغى في اللحظة الاخيرة ظهوره المخطط له أول أمس في هذا المؤتمر. ولكن المؤشر الحقيقي للتوتر في القيادة جاء أمس في نهائي كأس الدولة بكرة القدم: حتى وزير الدفاع ليبرمان الذي ينهي كل محادثة بـ «يلا، بيتار»، تنازل عن مشاهدة مباراة فريقه المفضل. يبدو أنه في هذه المرة حقا كانت هناك أمور أكثر إلحاحاً على جدول العمل.
هآرتس