تعثر الخطة الأميركية السعودية
غالب قنديل
أكدت نتائج الانتخابات النيابية تعثر الخطة الأميركية السعودية لمحاصرة المقاومة ولفرض الوصاية على القرار السيادي اللبناني كما برهن بيان بروكسيل الذي استدعى من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري إدانة فورية بينما لزم رئيس الحكومة الصمت.
إن التوازن الذي تعكسه تركيبة المجلس النيابي الجديد يؤمن تحصينا كافيا للمقاومة كخيار وطني في حده الأدنى ويمنع أي انقلاب على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وسيكون الاختبار الأول في بيان الحكومة الجديدة وبنيتها وفي حاصل توازنها الداخلي.
فلنكن دقيقين علميا إنه التعثر وليس الفشل لأن التصميم الاستعماري الغربي الصهيوني والرجعي العربي على عرقلة نهوض سورية ومنع التواصل بين الدولتين اللبنانية والسورية لم يتزحزح والإذعان اللبناني بالتكيف مع الشروط والمطالب الخارجية تحت شعار النأي لم يتخلخل ونتائج الانتخابات لا تعني سوى توسيع مساحة الفرص لاعتراض النهج السياسي الحكومي الخاضع والمرتهن للخارج والعبرة في الوقائع.
إن التحدي الراهن يفترض استعجال اللقاء الرسمي مع القيادة السورية لبحث ملف عودة النازحين وقطع الطريق على المؤامرة الدولية التي تستهدف سورية ولبنان بتحويل هذه القضية إلى ورقة ابتزاز ضد الدولة الوطنية السورية لعرقلة نهوضها بينما هي تحقق مزيدا من الإنجازات والانتصارات على الأرض وباستعمالها كعنصر تفجير واضطراب في لبنان عبر تحريك الهواجس الكيانية الملازمة لمخططات التوطين منذ اكثر من ثلاثة عقود وهي استدعت نصا في متن الدستور بعد اتفاق الطائف ناهيك عن مفاقمة النزيف الاقتصادي اللبناني الذي يعني تحفيز الغرق في المديونية وشروطها المخلة بالسيادة عبر وصاية الدائنين على الدولة وإنفاقها الجاري وخططها المستقبلية واستثمار ذلك كله لإدخال الشركات الأجنبية في ملكية المرافق العامة وإدارتها.
أفشلت الخطة الأميركية السعودية لتحويل الانتخابات إلى انقلاب سياسي ضد المقاومة يضعفها ويستنزف قوتها وسمعتها ووزنها المعنوي شعبيا وسياسيا واحبطت غالبية القوى المعادية للمقاومة بشاهد النتائج التي قلصت حضورها على مقاعد البرلمان وهي باقية بحجم أقل من السابق نسبيا بينما حقق من بينها حزب القوات اللبنانية الأشد صلافة وتطرفا في العداء للمقاومة منهجيا حجما اكبر من السابق في حين تعزز حضور بعض الرماديين الذين اضطرهم توازن القوى العام إلى مسايرة المقاومة وما زالوا عمليا مرتبطين بالحلف المعادي مباشرة رغم تسليمهم بعجزه عن قلب المعادلات.
إن توازن القوى الفعلي لم يحسم وطنيا بصورة نهائية والمعارك سوف تستمر خلال المرحلة المقبلة مع استمرار المساعي لفرض وصاية خارجية على الدولة اللبنانية تخضعها لشروط التكيف مع المشاريع الاستعمارية الصهيونية والرجعية وهذا يفترض انتباها أشد ويتطلب معالجة سريعة لندوب المعارك الانتخابية ولتشققات التيار العريض الداعم للمقاومة.
لا ينبغي التقليل من قيمة الإنجاز الذي يمثله فوز العديد من رموز الخيار المقاوم والعروبي في لبنان بمقاعد نيابية ومن اهمية ترسيخ صورة التيار الحاضن للمقاومة كحالة عابرة للطوائف والمناطق وهي إنجازات اتاحها النظام النسبي رغم جميع العيوب التي أشار إليها كثيرون وتعهدوا بالسعي لتعديل القانون وتنقيته منها لكن الرئيسي والمركزي بعد الانتخابات هو الاستعداد لمعارك مقبلة سيكون محورها حماية المقاومة كخيار وتحريم التعرض لها والتصدي لخطر الوصاية الأميركية السعودية واول المعارك هي انتفاضة سيادة وكرامة وطنية عبر المبادرة إلى التواصل والتنسيق الرسمي مع الشقيقة سورية وإسقاط التحريم الأميركي السعودي الصهيوني مهما كان الثمن.