قتل المتظاهرين ليس دفاعاً عن النفس: عاموس هرئيل
أسبوع الاحتفالات بيوم الاستقلال، رغم الانذارات الكثيرة والتأهب المتزايد لقوات الامن مر من دون محاولات استثنائية لعمليات إرهابية. الإسرائيليون كانوا أحراراً في التفرغ للتشاجر على طبيعة مراسيم إشعال الشعلات وتوجيه الإهانة إزاء إلغاء احتفال تسليم جائزة لشخص من هوليوود .
إلا أن فترة التوتر الامني لم تنته بعد. فالإنذار بوجود محاولة إيرانية لاغلاق حساب الهجوم المنسوب لإسرائيل في سوريا ما زال موجودا، في حين أنه قبيل منتصف أيار/مايو يتوقع أن تتجمع عدة أحداث ـ إعلان أمريكي عن انسحاب محتمل من الاتفاق النووي مع إيران، افتتاح السفارة الأمريكية في القدس وبعد ذلك مباشرة الاحتفال بالذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية ـ التي تقتضي تأهباً عالياً على الاقل حتى ذلك الحين.
في أجهزة الأمن الإسرائيلية يمتنعون عن إطلاق صافرات إلغاء حالة التأهب في سياق إيران، لأنه يبدو أن هذا الامر بعيد عن الانتهاء. طهران استمرت في توجيه التهديدات لإسرائيل، في حين أنه في المقابل نشرت وسائل اعلام إسرائيلية عن حجم البنية التحتية العسكرية التي نشرها حرس الثورة الإيراني في سوريا. وفي نفس الوقت كتب في «وول ستريت جورنال»، وحسب ما يبدو أنه معلومات مؤكدة وصلت من مصادر أمريكية، أنه في الهجوم على قاعدة «تي 4» في سوريا في 9 نيسان/أبريل أصيبت أيضاً أنظمة مضادات طائرات إيرانية متقدمة إلى جانب سبعة قتلى من حرس الثورة الإيراني.
تأخر الرد رغم استمرار التهديدات الإيرانية، من شأنه أن يكون تكتيكيا. ولكن في الخلفية تعمل كما يبدو عدة اعتبارات منها عدم التأكد في طهران بخصوص القرار النهائي لادارة ترامب حول الاتفاق، وما يبدو كتصميم إسرائيلي لتصعيد المواجهة في سوريا إذا وجدت حكومة نتنياهو ضرورة لذلك. ومهما كان الأمر فإن العصبية في الشمال مستمرة رغم أن جزءاً مما يجري (مثل التشغيل الخاطيء لمؤشر تجنيد الاحتياط في وحدة مختارة أثناء العيد)، هو مصادفة بحتة.
خلال ذلك اتهمت حماس والجهاد الإسلامي اليوم الموساد الإسرائيلي بموت فادي البطش، مهندس في حماس من قطاع غزة، قتل من قبل مجهولين في كوالالمبور في ماليزيا.
إسرائيل كالعادة رفضت الرد على الاتهام. هذه عملية تذكر بمحاولة اغتيال محمد الزواري، مهندس فلسطيني أُطلقت عليه النار في كانون الاول/ديسمبر 2016 في تونس. بعد ذلك تبين أنه عمل في تجارب الطائرات بدون طيار لصالح حماس في القطاع. هذه العملية أيضاً نسبت لإسرائيل.
يمكن أن نشخص هنا نموذج عمل متكرر، موضوعه إحباط محاولتين تديرهما حماس في القطاع: تحسين القدرة التكنولوجية التي لديها ومحاولة تفعيل إرهاب عن بعد في الضفة الغربية (في آذار/مارس 2017 صفي برصاص مسدس على شاطيء غزة مازن الفقها من كبار «قيادة الضفة» المسؤول عن ذلك). إذا كانت حقا أيدي إسرائيلية متورطة في كل هذه العمليات، مثلما تدعي حماس، فيبدو أنها تنضوي تحت «المعركة بين حربين» والتي تدار في السنوات الاخيرة في الاساس ضد حزب الله. كل عملية كهذه تحرم التنظيمات الفلسطينية من تقدم من شأنه أن يكلف قتلى إسرائيليين، سواء في المواجهات أو في جولة القتال القادمة في القطاع.
الاتهامات الفلسطينية لإسرائيل لم يرافقها حتى الآن إطلاق الصواريخ من القطاع. كما أن العدد المتزايد للقتلى الفلسطينيين بنار القناصة في مظاهرات نهاية الأسبوع على طول الجدار في القطاع لم يتم الرد عليها باطلاق القذائف. هذا يشير إلى السيطرة الكاملة لحماس على ما يجري، لكن أيضاً على هدف واضح: المظاهرات يتم تسويقها للمجتمع الدولي كحدث احتجاجي مدني وعفوي. اطلاق الصواريخ سيتسبب برد عسكري إسرائيلي ويمكن أن يحدث التصعيد السريع. في المقابل، قتل المدنيين يثير الانتقاد الدولي ويشكّك في ادعاء إسرائيل بأن الامر يتعلق بالدفاع عن السيادة من اختراق جماهيري مخطط له بقيادة حماس.
إن موت المصور الفلسطيني في المظاهرات قبل اسبوعين أثار رداً انتقادياً، وهذا ما حدث أيضاً في يوم الجمعة الماضي عندما كان بين الاربعة قتلى فتى فلسطيني إبن 15 سنة، الذي وثقت اصابته برصاص قناص في فيلم فيديو. هذه الحادثة أدت إلى توبيخ فوري من مبعوث الأمم المتحدة للشرق الاوسط نيكولاي مالدانوف، الذي غرد في تويتر بأن «قتل الاطفال هو فضيحة». بصورة استثنائية، حتى الادارة الأمريكية تطرقت للحادثة، هذا حدث حقا بروح الرئيس الحالي، عندما أعلن مبعوثه للشرق الاوسط جيسون غرينبلاط أن إسرائيل تحقق في ظروف اطلاق النار.
كل ذلك رغم أن 37 قتيلاً فلسطينياً ومئات الجرحى منذ بداية الاحداث في نهاية شهر آذار/مارس، ما زال لم يضع إسرائيل بعد في ضائقة حقيقية. كما أن عدد المتظاهرين ينخفض: في نهاية الاسبوع كان عددهم حوالي 10 آلاف، أقل من نصف العدد قبل بضعة اسابيع. ومع ذلك، حماس نجحت في تحويل الاحتجاج إلى «حدث متدحرج» يوجه بعناية.
مظاهرات «يوم الأسير» في يوم الثلاثاء الماضي 17 نيسان/أبريل الغيت لأنه ظهر بأنه لن يتم حشد عدد كبير بما يكفي من المتظاهرين. إن الحفاظ على التوتر على طول الجدار، الذي يرافقه في كل مرة وضع عبوات ناسفة، يخلق احتكاكا دائما مع الجيش الإسرائيلي ويحرر المنظمة من القليل من الانتقاد الداخلي، على خلفية الوضع الاقتصادي البائس في القطاع والمفاوضات المتوقفة حول المصالحة مع السلطة الفلسطينية. ويمكن الافتراض أن المظاهرات ستستمر على الاقل حتى ذروتها المخطط لها في ذكرى يوم النكبة في منتصف شهر أيار/مايو.
الضفة الغربية ردت في هذه الاثناء بلامبالاة غير اعتيادية على القتل في غزة. حاليا هذه مصلحة قيادة السلطة التي تعتبر حماس خصماً معادياً. ولكن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يمكن أن يضعضع الهدوء النسبي في شرقي القدس وفي الضفة الغربية. في الخلفية، جدد مؤخرا نشطاء من اليمين المتطرف أعمال التخريب ضد الممتلكات الفلسطينية في المناطق، وفي إحدى المرات قاموا باشعال النار في مسجد في عقربة. أيضاً تعتبر الاجهزة الأمنية الإسرائيلية هذا مساهمة محتملة للتصعيد.
هآرتس