مشهد سياسي جديد في لبنان في 7 أيار: ناصر قنديل
– وفقاً لكون العدوان السداسي على سورية، الذي نفّذته واشنطن ولندن وباريس وساندته تل أبيب والرياض والدوحة، بالمخابرات والمال والقواعد العسكرية، آخر ما يمكن فعله للتأثير سلباً على مجريات العملية الانتخابية في لبنان والعراق والتي يوليها الأميركيون والإسرائيليون اهتماماً يعادل اهتمامهم بالمتغيّرات الجيواستراتيجية، لجهة صعود دور الدولة السورية وتعاظم مكانة روسيا وإيران في أحداث المنطقة، يفترض أنّ الانتخابات المقبلة على العراق ولبنان خصوصاً، ستحمل معادلات سياسية لم يعد ممكناً التدخل لتعديل مساراتها. وتشير المعلومات المتوافرة، إلى أنّ الحساب التقليدي للنتائج المرتقبة في لبنان وفقاً للانقسامات التي سبقت الانتخابات، ورغم ما لحقها من تصدّع في التحالفات الانتخابية ستعود إلى مواقعها الطبيعية بعدها، ما يعني أنّ الحلف المساند للمقاومة في لبنان والمكوّن من ثنائي حركة أمل حزب الله وحلفائهما في قوى الثامن من آذار ومعهم التيار الوطني الحر، سيتمكّن من حصاد يزيد عن الأغلبية اللازمة لتسمية رئيس جديد للحكومة والتحكم بتشكيل الحكومة ونيلها الثقة ووضع بيانها الوزاري، حتى لو كانت تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً لحكومة ما بعد الانتخابات
.
– في مقابل هذه الفرضية التي تنطلق برأي كثيرين من اصطفافات ما قبل التغييرات التي دخلت على العلاقات والمواقع السياسية بفعل التحالفات والخصومات الانتخابية، والتي قد لا تخلو من أصابع خارجية، ثمة من يقول إنه سيكون صعباً إعادة لمّ شمل الحلفاء التقليديين، فلا حساب الجمع بين ما سيناله تيار المستقبل وسائر قوى الرابع عشر من آذار سيكون له قيمة، حتى لو كانت الحصيلة تأكيد الفشل بنيل ثلث النواب في المجلس الجديد، كما أنّ حساب الجمع بين حركة أمل والتيار الوطني الحر ومعهما سائر قوى الثامن من آذار ليس دقيقاً، حتى لو أوحى أنه سيوفر مجموعاً يزيد عن الأغلبية اللازمة لتسمية رئيس الحكومة الجديد، فوفقاً لأصحاب هذه المقاربة، إنّ التحسّب الغربي لهذه الفرضية قد أنتج تدخلات فكّكت الكثير من التحالفات، وأنشأت الكثير مقابلها. فالتيار الوطني الحر وتيار المستقبل رغم كلّ خلافاتهما الانتخابية يظهران كحليفين سياسيين ما بعد الانتخابات، وربما ينضمّ إليهما بعض قوى الثامن من آذار كالنائب طلال إرسلان. وفي المقابل سيظهر تحالف يضمّ كتلة مسيحية وازنة يقودها النائب سليمان فرنجية وتضمّ إلى نواب المردة النواب المسيحيين في قوى الثامن من آذار، وتكتل من نواب الطائفة السنية الخارجين عن لوائح المستقبل سواء في قوى الثامن من آذار أو من خارجها يقوده الرئيس نجيب ميقاتي، وسيكون لهذين التكتلين حلف واضح مع الرئيس نبيه بري ونواب التنمية والتحرير، ونواب اللقاء الديمقراطي بزعامة النائب وليد جنبلاط الغاضب مما يسمّيه استهداف تحالف التيارين الأزرق والبرتقالي لزعامته وسعي الحليفين لتحجيمه.
– وفقاً لهذه المقاربة سيكون المجلس النيابي الجديد مرة أخرى منقسماً بين أقليتين كبيرتين لكلّ منها قرابة الخمسين نائباً، وسيكون خارجهما من جهة نواب القوات اللبنانية الذين لن يجدوا مَن يحالفهم، ونواب حزب الله، الذين خلافاً لفرضية خسارتهم فرصة تجميع أغلبية نيابية كما تفترض المقاربة، سيحصلون على فرصة الاختيار بين تكوين أغلبيتين. فسيكون للمقاومة حلفاء ثابتون في التكتلين المتقابلين، يلعبون دوراً قيادياً فيهما، فمن جهة التيار الوطني الحر ومن جهة مقابلة حركة أمل. وسيكون لكلّ من التكتلين مرشحه لرئاسة الحكومة ومرشحه المقبل لرئاسة الجمهورية، وسيصير بمستطاع المقاومة لعب دور بيضة القبان في النظام السياسي والبرلماني، وهذا بدلاً من أن يضعفها سيقوّيها، وعند الضرورة سيكون بمستطاع المقاومة جمع التكتلين في حكومة وحدة وطنية.
– ما يُقال إنه مشروع غربي لمنع تشكل أغلبية وراء المقاومة يراه كثيرون فرصة المقاومة للإمساك بدور صمام الأمان وحليف المتخاصمين. وربما تكون المقاومة قد تنبّهت لما يحضّره سواها وسارت بتشجيع حلفائها على طرفي الخصومة للتشكل في حلفين متقابلين تستفيد المقاومة من كونهما للمرة الأولى يقدّمان للحياة السياسية في لبنان أولى ثمار النسبية، بخصومة وتنافس بين جبهتين مكوّنتين من الطوائف كافة، لا يمكن للمنافسة والخصومة بينهما أن تتحوّل صراعاً طائفياً كان يتكفل دائماً بتعطيل الحياة السياسية.