بقلم ناصر قنديل

حصاد العدوان وقمة سلمان: ناصر قنديل

الأكيد أنّ الهدف المعلن من واشنطن وباريس ولندن للعدوان تبريراً للفشل والعجز، بالقول إنه مخصص لضرب المواقع الكيميائية، تكذّبه وقائع كون المواقع المستهدفة كمراكز بحوث علمية متوقع أن تكون على لائحة الأهداف، ولو صدق الكلام الغربي عن وجود ما يتصل بالسلاح الكيميائي فيها فسبعة أيام بين التهديد والحرب وموعد العدوان أكثر من كافية لإخلائها لو كان المعني تنظيم ميلشياوي هاوٍ وليس جيشاً محترفاً، أما ما لا يملك الغرب تبريره فهو ربط اللجوء لاستخدام البحر الأحمر وقواعد الخليج لانطلاق الطائرات والصواريخ، باعتبارات غير التهرّب من مواجهة الرادارات والصواريخ الروسية التي تغطي غرب وشمال سورية، وقد فرضت على حلف الأطلسي التسليم بأنّ البحر الأبيض المتوسط قد صار محرّماً عليهم استخدامه. وهو أهمّ تحوّل جيواستراتيجي في حروب البحار التي حسم فيها مصير بحر قزوين والبحر الأسود ويُضاف إليها المتوسط الآن، لتصير الحرب الكبرى على الخليج والبحر الأحمر، ما يعني مكانة أشدّ حيوية لحرب اليمن التي تدور على هاتين الجبهتين معاً .

الأكيد من خلال مسار المواجهة التي خاضتها الدفاعات الجوية السورية مع صواريخ العدوان، أنّ إغلاق الجبهتين الغربية والشمالية من روسيا، والإغلاق الطبيعي للجبهة الشرقية عراقياً، جعل المواجهة على المسارات الجنوبية للطائرات والصواريخ، ما أتاح تقاسماً للأدوار بين غرفتي العمليات الروسية والسورية، في إدارة هذه المسارات التي تتولى غرفة مراقبة الصواريخ البالستية في سيبيريا رصدها وتزويد غرفة العمليات السورية في دمشق بكلّ مسار انطلاق صاروخ جديد يدخل الأجواء السورية، ليتمّ التعامل معه ضمن شبكة فخاخ معدّة لهذه الغاية، من طرازات جرى تحديثها وربطها، يصعب التملص منها، لتكون الحصيلة التي يعرفها الشهود العيان بالعين المجردة، كما لا يستطيع إنكارها المتابعون من النتائج الهزيلة لحصاد العدوان في الميدان، فتساقطت الصواريخ دون بلوغ أهداف ذات قيمة أو تفجّرت قبل بلوغها الأرض.

الأكيد أنّ الحال المعنوية للشعب السوري والجيش العربي السوري والقيادة السورية كانت في قلب المعركة، وأنّ رصد المعابر الحدودية السورية وحجم تدفق النازحين هرباً مع بدء العدوان فجر السبت، كان بمستوى أهمية رصد الأهداف العسكرية للعدوان، ومثله درجة رباطة جأش الجنود والضباط وحضورهم في الميدان، وتماسكهم في التعامل القتالي والتقني مع الصواريخ التي سبقها تمهيد إعلامي لدبّ الذعر وترويع النفوس، والأهمّ القيادة العسكرية والسياسية وكيفية تفاعلها في لحظات العدوان وما بعده، وكانت الكارثة التي سقطت على رؤوس قادة واشنطن وباريس ولندن، ومن ورائهما حكام الخليج وتل أبيب، هي الأنباء الصاعقة عن احتفال السوريين في الساحات والصواريخ تتساقط أمام أعينهم، وعن آلاف الجنود السوريين يُطلقون الرصاص ببنادقهم على الصواريخ التي يتعامل معها رماة الصواريخ المضادة بأعصاب باردة وروح عالية وعزيمة لا تلينز وفي المقابل كان غاز الأعصاب الحقيقي في هذه الحرب الذي أثار الذهول وتسبّب بفتح أفواه قادة العدوان هو الصورة التي نشرت على موقع رئاسة الجمهورية العربية السورية للرئيس السوري الدكتور بشار الأسد يدخل مكتبه الرئاسي السابعة صباحاً، فيما الدخان لا يزال يتصاعد من مواقع سقوط الصواريخ.

القمة العربية التي كان مقرّراً عقدها قبل أسبوعين وجرى تأجيلها لانتظار نتائج العدوان لتكون قمة وضع شروط الاستسلام على سورية، جرى نقلها إلى الظهران بدلاً من الرياض التي لم تعُد مدينة آمنة بسبب الصواريخ اليمنية التي صارت من يوميات العاصمة السعودية، وبسبب فشل العدوان هرول أصحاب القمة نحو القدس يسرقون منها الاسم لقمتهم عساها تستر بعض الفضائح التي أصابتهم جرّاء الخذلان.

– الرئيس الفرنسي الذي ظنّ أنه يمكن الوقوف كبهلوان في مكانين في آن واحد، سارع للحديث عن الاهتمام بإطلاق المسار السياسي لجنيف حول سورية، ستر فضيحة الفشل، فتلقى الجواب من بيان روسي إيراني حول اتصال هاتفي بين الرئيسين فلاديمير بوتين وحسن روحاني توافقا خلاله على أنّ العدوان على سورية سيُعقّد فرص الحلّ السياسي، وما لم يفهمه ماكرون من رمزية البيان قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالفم الملآن، إنّ مسار جنيف قد يكون أول ضحايا العدوان على سورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى