من الصحف الاميركية
تناولت الصحف الاميركية الصادرة اليوم الدعوة إلى إبقاء القوات الأميركية في سوريا وإقامة ما يسمى محمية أميركية هناك، بحجة أن الانسحاب الذي أشار إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيلحق أضرارا كثيرة بالمصالح الأميركية في المنطقة، وقالت إن صناع القرار في واشنطن يقرون بأن إنشاء محمية أميركية هناك لن ينجح بلا مصالحة بين الولايات المتحدة وتركيا حول “قضية حزب العمال الكردستاني “.
وكتبت صحف أميركية عما أسمته تحولا زلزاليا يشق طريقه بالشرق الأوسط، وقالت إحداها ربما تكون المنطقة على وشك تطبيع تاريخي للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وقالت أخرى ربما لن يمر وقت طويل قبل أن نرى سفارة سعودية بالقدس.
وقالت وول ستريت جورنال أن الدول العربية وهي تواجه تهديدات من إيران وتركيا، تندفع حاليا للسلام مع إسرائيل وللتحالف معها بعد أن تخنق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقالت إنه و”بعد فشل المشروعات الاشتراكية والقومية والإسلامية بالمنطقة العربية بدأت الدول العربية تبحث عن الحماية من إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة إيران الصاعدة وتركيا العثمانية الحديثة الهائجة“.
هل يبدأ جون بولتون عمله الجديد مستشارا للأمن القومي في البيت الأبيض بإشعال حرب نووية على كوريا الشمالية أو بشن هجوم على إيران؟ هل سيخالف من سبقوه ويسعى لإلغاء اتفاق النووي مع طهران؟ ولماذا تبدو وسائل الإعلام مذعورة من بولتون؟ وما المسائل الأساسية التي ينبغي أن تشتمل عليها أجندته بشكل أولي؟.
في هذا الإطار، نشرت صحيفة واشنطن تايمز مقالا كتبه جِد بابين نائب وكيل وزارة الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، تضمن مديحا لبولتون وتأييدا لمنهجه الذي وصفته أوساط أميركية بالمتطرف.
يقول بابين إنه عندما يبدأ السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون عمله الجديد مستشارا للأمن القومي الأسبوع القادم، فإن وسائل الإعلام ستجعل المرء يعتقد أن أول شيء على لائحة بولتون هو إشعال حرب نووية ضد كوريا الشمالية، أو ربما شن هجوم على إيران، وذلك لأن بإمكان الأميركيين القيام بذلك، لكن هذا مجرد هراء.
ويقول الكاتب -وهو مؤلف كتب سياسية من بينها “بكلمات أعدائنا”- إن وسائل الإعلام مذعورة من بولتون لكونه من الصقور المحافظين، ولأنه سبق أن أدلى ببعض التصريحات العنيفة جدا بشأن النظام الكوري الشمالي والنظام الإيراني، لكنه استدرك أن بولتون قد يكون عدوانيا بيد أنه ليس مجنونا أو غبيا.
ويشير الكاتب إلى أن بولتون سيكون مستشار الأمن القومي الثالث للرئيس ترمب، وذلك بعد “تقاعد” كل من الجنرال مايك فلين والجنرال ماكماستر من هذا المنصب.
فبالنسبة إلى فلين، فقد كانت مدة توليه هذا المنصب قصيرة جدا لدرجة أنه لم يستطع تحقيق الكثير، في أن ماكماستر قام هو ووزير الخارجية المقال ريكس تيلرسون بثني ترمب عن اتخاذ بعض أهم الإجراءات الضرورية لإصلاح الأضرار التي لحقت بأمن الأمة الأميركية، والتي تسبب بها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
ويقول الكاتب إن هناك أربع مسائل سياسية على الأقل يمكن أن يشتمل عليها جدول أعمال أولي لبولتون، وإن كلا منها سيساعد الرئيس بشكل كبير في تعزيز الأمن القومي الأميركي.
وتتمثل المسألة الأولى في البدء في محاربة الأيديولوجية التي يشنها الإسلاميون باستمرار ضد الأمة الأميركية، والتي لم يحاول قط الأميركيون مواجهتها، مشيرا إلى أن ترمب كان على حق وبشكل إستراتيجي عندما صرح بأن “الإرهاب الإسلامي الراديكالي” يعتبر مدفوعا بأيديولوجية قائمة على الدين، وأنه لا يمكن الفوز إلا بإلحاق الهزيمة بتلك الأيديولوجية الشريرة.
ويضيف الكاتب أن ماكماستر أصرّ دائما على عدم وجود صلة بين الإسلام والإرهاب، ويرى الكاتب أن في هذا خطأ خطيرا.
ويقول إن بولتون الذي يفهم هذا التهديد بشكل أفضل، سيكون في وضع فريد يسمح له بالبدء في إدارة هذه الحرب الأيديولوجية، وأنه سيكون قادرا على تجميع أفضل فريق حرب نفسية من وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون وغيرها من الوكالات لوضع وتنفيذ الحملة، وأنه سيكون قادرا على توجيه الرئيس ترمب وغيره من القادة الحكوميين للعب أدوارهم الحاسمة من أجل إلحاق الهزيمة بالأيديولوجية الإسلامية.
ويضيف أن الفوز في هذه المعركة الأيديولوجية يتطلب سنوات عديدة أو ربما عقودا، وأنه لا مجال لإلحاق الهزيمة بهذا العدو دون كسب هذه المعركة.
وتتمثل المسألة الثانية في الاتفاق النووي مع إيران، مشيرا إلى أن ماكماستر وتيلرسون وكذلك الحلفاء الأوروبيين سبق أن ضغطوا على ترمب للالتزام بالصفقة، لكنه ينبغي لبولتون أن يضغط على الرئيس لفعل الشيء الصحيح، وهو المتمثل في إلغاء الصفقة في مايو/أيار القادم.
وأما المسألة الثالثة فتتمثل في القمة المرتقبة بين ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بعد أسابيع، حيث يمكن لبولتون تقديم المشورة للرئيس ترمب بشأن أي مزالق قد تتضمنها اتفاقية محتملة بهذا السياق.
وعندما تنتهي القمة دون النتائج المرجوة كما هو متوقع، فإنه يمكن لبولتون إقناع ترمب بضرورة تحسين الدفاعات الجوية الأميركية ضد هجمات الصواريخ البالستية بحيث تحرم الخصم من القدرة على شن “الضربة الأولى“.
المسألة الرابعة تتجلى في إعادة إرسال الإرهابيين المعتقلين إلى مرفق الاحتجاز في خليج غوانتانامو في كوبا.
ويختتم بأن كل واحد من هذه الأمور الأربعة المتعلقة بالسياسات يعتبر أمرا هاما، وخاصة الثلاثة الأولى، وأن بولتون يعتبر واحدا من القلائل الذين يتمتعون بالذكاء والدهاء السياسي الكافي لتحقيقها.