بقلم ناصر قنديل

ترامب وبن سلمان: لقاء المتعوس وخائب الرجاء: ناصر قنديل

في اللقاء الأول الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كانت صفقة القرن الحقيقية لكليهما، خمسمئة مليار دولار يحملها ترامب لقطاع الأعمال الأميركية، مقابل تصفية العائلة الماكلة في السعودية لحساب بن سلمان وتتويجه ملكاً وتأديب جاره القطري. وقبل اللقاء الثاني كانت الأحلام المرتفعة بتحقيق إنجازات تمنح التوقيت المناسب لصفقة القرن السياسية التي تبدأ بتسوية للقضية الفلسطينية عنوانها القدس عاصمة لـ«إسرائيل»، يتبعها حلف معلن أميركي «إسرائيلي» سعودي بوجه إيران، وتصعيد سياسي دبلوماسي عسكري في سورية واليمن يحقق تغييراً في التوازنات، وتفجير فتنة في لبنان تحاصر المقاومة، ورعاية انفصال كردستان العراق يضع إيران تحت منظار التصويب .

يتمّ اللقاء الثاني لترامب وبن سلمان، وقد فشل انقلاب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي ورّطه به بن سلمان وأودى بحياته، وسقط مشروع دويلة كردية في العراق، وانتهت رهانات تخريب الاستقرار في إيران، وانتهى احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بفضيحة من دون أن تقع الفتنة المرتجاة، وتوّجت حملات التصعيد في سورية بخسارة المواقع الأشدّ أهمية عسكرياً لحساب الجيش السوري وبدعم من حلفائه، واصطدمت صفقة القرن التي استهدفت القضية الفلسطينية وبدأت بإعلان ترامب عن القدس عاصمة لـ«إسرائيل»، بالشعب الفلسطيني الذي قطع الطريق على وجود أيّ شريك فلسطيني يقبل الصفقة، فترنّحت، وتوّجت الهزائم بالفوز المبهر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بانتخابات رئاسية تحوّلت عرساً شعبياً ديمقراطياً بمشاركة واسعة وتصويت فاق كلّ التوقعات.

ينعقد اللقاء الثاني لترامب وبن سلمان، والكونغرس يصوّت لوقف التدخل الأميركي في حرب اليمن، والإدارة الأميركية منشغلة بتحضير ملفات التفاوض مع كوريا الشمالية، وما تستدعيه من تحضيرات تقتضي تحسين العلاقات مع روسيا والصين، وفي لبنان والعراق تتزايد فرص خيار المقاومة بالفوز بالانتخابات النيابية بتحالفات تضمن تحصين خيارات القوة والوحدة وقطع طريق الفتن، والوضع الفلسطيني «الإسرائيلي» لمزيد من التعقيد، وسورية تذهب بقوة لتحقيق نصرها، والحليفان الرئيسيان في سورية، الأتراك والأكراد، لحرب داحس والغبراء.

ترامب يحاول إقناع بن سلمان بترتيب المصالحة مع قطر، رغم الاحتفالية الخليجية التي صوّرت خروج وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون من وزارته استجابة لطلب بن سلمان بالتغيير بداعي دعمه للمصالحة مع قطر، وبن سلمان سيكتفي بإقناع ترامب بممارسة الضغوط لمنع قانون الكونغرس بوقف تزويد الطائرات السعودية بقطع الغيار والذخائر اللازمة لحرب اليمن، ويناقشان معاً كيفية التصرف تجاه العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، والتعثر وكيفية تفادي المزيد من الخسائر، وفرضية تأجيل نقل السفارة الأميركية إلى القدس في أيار المقبل، وكيفية التعامل أولاً وأخيراً مع مأزق العجز أمام قوى محور المقاومة، من إيران إلى العراق فسورية فلبنان، والأهمّ بدعم روسي يزداد قوة ودعم صيني يزداد حضوراً.

– حصل ترامب على الفلوس وحصل بن سلمان على العرش نظرياً، لكن الفشل يحيط بهما من كلّ حدب وصوب، فهكذا هو لقاء المتعوس وخائب الرجاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى