لجنة المال تبدأ مناقشة الموازنة… بلا نواب إيلي الفرزلي
انطلقت أمس المرحلة الأخيرة من عملية إقرار مشروع الموازنة، من خلال بدء لجنة المال والموازنة مناقشتها. القطار لن يهدأ قبل الأول من نيسان، الموعد المتوقع لإقرارها في المجلس النيابي. بعد ذلك تبقى خمسة أيام لانعقاد مؤتمر «سيدر» في باريس، بالكاد تكفي لنشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية وتوضيب أعضاء الوفد لأمتعتهم
أمام لجنة المال والموازنة عملية شاقة عليها أن تنجزها قبل تحويل مشروع الموازنة إلى الهيئة العامة لمجلس النواب. لكن دون هذه المهمة عقبة أساسية، عنوانها إقناع أعضاء اللجنة بالمشاركة في الاجتماعات، فيما هم منغمسون في الحملات الانتخابية.
لم يحضر، أمس، سوى 7 من أصل 17 عضواً في اللجنة، إضافة إلى ثلاثة نواب آخرين، فعقدت بعد نصف ساعة بنصاب الثلث، بمشاركة النواب: فادي الهبر، نبيل دي فريج، عباس هاشم، أيوب حميد، نواف الموسوي، سيرج طورسركيسيان، ياسين جابر، عبد المجيد صالح، محمد قباني، إضافة إلى رئيس اللجنة إبراهيم كنعان. ولأن ذلك قد يتكرر في الجلسات المقبلة، ركز كنعان جزءاً من مؤتمره الصحافي بعد الجلسة على حثّ النواب على الحضور، مذكّراً إياهم بأن «من يحرص على دوره الوطني ويطالب بمكافحة الفساد والهدر، فإن الرقابة البرلمانية هي المكان الصحيح لذلك».
وبالرغم من أن اللجنة دعت إلى جلسات نهارية ومسائية، إلا أن اليوم الأول اقتصر على جلسة نهارية، لأن النواب المرشحين مرتبطون بمناسبات في مناطقهم.
مع ذلك، شهدت الجلسة بدء المناقشة السياسية المالية للحكومة في ضوء مشروع موازنة عام 2018 التي عرضها وزير المالية علي حسن خليل في بداية الجلسة. لم تتبدل المشاكل البنيوية التي تُثقل الموازنة، وأهمها خدمة الدين (8000 مليار ليرة)، الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد (9000 مليار ليرة)، عجز الكهرباء (2100 مليار ليرة)، والتي تصل قيمتها مجتمعة إلى نحو 20 ألف مليار ليرة من أصل 24 ألف مليار تشكل القيمة الإجمالية للموازنة.
أبرز المشكلات التي استجدّت كانت التوظيف، وبدلاً من الالتزام بتوصية لجنة المال، أثناء إقرار موازنة عام 2017، الداعية إلى إيقاف التوظيف لمدة عام، وإجراء مسح شامل لحاجات الإدارات والمؤسسات، تم توظيف عشرة آلاف شخص إضافي، ما أسهم في زيادة كلفة بند الرواتب بشكل ملحوظ.
التوصية نفسها سيعاد تفعيلها عله يتم الالتزام بها في العام المقبل، وهي ستكون واحدة من ثلاث أولويات للحكومة، تشمل أيضاً تخفيض عجز الكهرباء وتخفيض فوائد الدين، علماً بأن وزير المالية أوضح أن استبدال السندات أسهم في خفض الفوائد 214 مليار ليرة، أي إنه يمكن خلال عشر سنوات تخفيض 1500 إلى 2000 مليار ليرة. وقد سأل عدد من النواب عن الفائدة من هذه العملية إذا كان مصرف لبنان سيدفع الفارق بأسعار الفائدة، ما يعني أن الربح المحقق نظرياً لمصلحة الخزينة يدفعه مصرف لبنان، أي إن الأموال تذهب «من العب إلى الجيبة».
وقد تحدث خليل عن التزام الحكومة بعدم تضمين الموازنة قوانين ضريبية وعدم تضمينها قوانين برامج، باستثناء قانون برنامج لإنشاء مجمع أبنية حكومية بقيمة 750 مليار ليرة. لكن حتى هذا البند لم يعتبر مخالفاً لتوصية لجنة المال، انطلاقاً من أن اللجنة نفسها كانت قد طلبت إيجاد حل للمبالغ الكبيرة التي تدفع بدل إيجار مبان حكومية (114 مليار ليرة سنوياً). وبالرغم من أن أعضاء اللجنة متحمّسون لهذا البند، إلا أن أسئلتهم تمحورت حول تفاصيل هذا الطلب ومكان المجمع وكيفية توزيع المبلغ، الذي أكد وزير المال أنه خلال خمس سنوات يمكن أن يستعاد.
انخفضت نسبة العجز في مشروع الموازنة مئة مليار ليرة، أي من 7400 مليار إلى 7300 مليار، وقد تحقق ذلك من مصادر عديدة، أبرزها التخفيضات التي لحقت اعتمادات الوزارات، والتي وصلت إلى 1600 مليار ليرة. مع ذلك، فقد ارتفع الدين 6.7 في المئة، وصولاً إلى 119 ألف مليار ليرة (79.5 مليار دولار)، منها 74 ألف مليار بالليرة اللبنانية (61.8 في المئة).
وبالرغم من أن الجلسة الأولى كانت مخصصة لعرض الأرقام قبل الخوض فيها تفصيلياً في الجلسات اللاحقة، إلا أن ذلك لم يمنع تحديد وجهة النقاش. وقد توقف عدد من النواب عند التهرّب الضريبي والتشريعات التي تحدّ منه، ومنها وقف عمل تشديد العقوبات على المحاسبين الذين يسهمون في ذلك.
وطلبت اللجنة خفض إنفاق عدد من الوزارات والمجالس، إضافة إلى تقديم تفاصيل موازناتها، وكذلك بالنسبة إلى الصناديق التي تبتعد عن الأرقام المفصلة (الموازنات المجمّعة)، فيما جرى نقاش أيضاً في إلغاء الموازنات الملحقة، التي تؤدي إلى تخفيف سلطة الهيئات الرقابية.
وعرض في الجلسة اقتراح لاقى صدى عند كثر، يتعلق بفصل إنفاق الدولة اللبنانية عن الإنفاق المرتبط بالنازحين السوريين، وتقرر استمرار النقاش فيه.
(الاخبار)