سورية كوبا الجديدة
غالب قنديل
يدرك حزب الحرب الأميركي ان اختبار القوة حول سورية في الصراع على مستقبل العالم وتوازناته سيقرر صورة الوضع الدولي لعقود قادمة.
يعترف جنرالات واشنطن بفشل العدوان الكبير الذي خططوا له لتدمير الدولة السورية ولفرض السيطرة على دولة شديدة الأهمية استراتيجيا وإقليميا في حروب الطاقة وصراع النفوذ العالمي ويضاعف أهميتها قربها لفلسطين المحتلة ودورها كحاضن للمقاومة ولخيار عربي احبط خطط تصفية قضية فلسطين دافعت عنه سورية وحيدة وتحملت تبعاته الاقتصادية والسياسية بعدما توهم الغرب بقيادته الأميركية ان خطة الهيمنة على المنطقة باتت قادرة على توليد دينامياتها الدافعة وإكمال فصولها منذ كمب ديفيد وغزو لبنان عام 1982.
يعرف المخططون الأميركيون ان سورية هي التي اختارت هجوميا طريق التحالف مع إيران الخميني لتعزز قدرتها على مقاومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وهم يعرفون ان هذه السورية التي يقودها الرئيس بشار الأسد هي التي طرقت أبواب توطيد التحالف مع روسيا والصين وكوريا لتعزيز قدراتها ولصد الضغوط الغربية لاحتوائها والنيل من استقلالها وسيادتها الوطنية.
هذه السورية هي التي وقفت إلى جانب لبنان والمقاومة اللبنانية حتى دحر الاحتلال الصهيوني عن الأرض اللبنانية وهي التي دعمت المقاومة بدون قيد او شرط ومكنتها من النصر في تموز وهذه السورية هي التي دعمت المقاومة الفلسطينية واحتضنتها ومكنتها من إرغام العدو على الخروج من غزة وهم يدركون ان الرئيس بشار الأسد قرر بمحض إرادته ورغم اختلال التوازن العالمي ان يكون الرئيس الوحيد في العالم الذي جاهر برفض الغزو الأميركي لاحتلال العراق واكد على شرعية المقاومة العراقية.
يعرف المخططون الأميركيون ان الحلف السوري الإيراني تعمد بدماء غزيرة وبمعارك كثيرة طيلة حوالي أربعين عاما وهو محور يراكم القدرة والقوة ويحتضن تيارات وقوى شعبية مقاومة في المنطقة ولا سيما في فلسطين وحولها وهم يعلمون ان العلاقات التي تقيمها الجمهورية العربية السورية مع حلفائها هي شراكات ندية مبنية على المباديء والقيم المشتركة والمصالح المشتركة في طريق الدفاع عن قيام عالم محرر من الهيمنة الاستعمارية ومن سيطرة مصنعي الحروب ومدبري نهب ثروات الشعوب وخيراتها.
من جديد يلوح حزب الحرب الأميركي وصبيانه من حكام اوروبا التابعين بعدوان عسكري على سورية التي تدرك مع حلفائها محورية القلعة السورية ويعلم جنرالات واشنطن ان لومهم لباراك اوباما ولإحجامه عن غزو سورية عام 2013 هو محض كذب فقد اضطر اوباما للتراجع ولف ذيل أساطيله بناء على حساب الكلفة ولأن جنرالات البنتاغون أبلغوه بخطر وجودي سيتهدد الكيان الصهيوني لاسيما إذا شاركت إيران والمقاومة اللبنانية في الحرب وبخطر الانزلاق نحو حرب روسية أميركية شاملة قد تشعل القارات والمحيطات ولذلك انكفأت الإمبراطورية الأميركية عن مسرح الحرب ولملمت عدة الغزو العسكري المباشر وجربت حظوظها بالمزيد من الحرب بالواسطة التي أشعلتها منذ البداية.
التغييرات التي جرت منذ أيلول 2013 جميعها تقول بان توازن القوى بات أفضل لصالح القلعة السورية وحلفها الكبير إقليميا وعالميا وكل الظروف التي تعيشها سورية من الداخل تميل لصالح الدولة الوطنية المقاومة وشركائها بل ما يجب ان يوضع في الحساب هو احتشاد وتبلور عناصر متحولة جديدة تشير إلى نهضة قوى شعبية مقاتلة في لبنان وسورية والعراق واليمن وفلسطين تملك الوعي والإرادة لتكون معا في وجه العدوان الأميركي الصهيوني وهي اتقنت الكفاح والقتال كتفا إلى كتف في الميدان السوري وتتحفز للقتال معا ضد أي عدوان اميركي اطلسي صهيوني بالجمع ام بالمفرد.
سورية لن تكون وحدها في صد أي عدوان وسيلقى المعتدون على يد الجيش العربي السوري والشعب العربي السوري وسائر شركاء التحرر والاستقلال مقاومة ضارية ومؤلمة عالية الكلفة ستضطر المعتدين إلى الرحيل والانكفاء وما بعد ذلك ستكون بداية جديدة لتوازن دولي قاهر … سورية قلعة حرة وعصية مثل كوبا في منتصف القرن العشرين والقائد بشار الأسد هو في المنزلة التاريخية لفيديل كاسترو في هذا القرن وعند التحدي سيكتشف العالم هذه الحقيقة وسيشهد كيفية ردع الغطرسة الأميركية الصهيونية وكيف ستنكفيء قوى الشر والعدوان عن بلد عربي جدير بالحرية لم يخضع للغزاة من دهور وما زال يقاوم.