من يمنع التدخل السعودي ؟
غالب قنديل
ليست لدى المسؤولين السعوديين خبرات في إدارة العمليات الانتخابية يمكن لأي مسؤول او زعيم لبناني ان يجد في طلبها ولكن لدى البعض من اجهزة المخابرات السعودية والفريق الدبلوماسي المكلف بالملف اللبناني خبرة في كيفية التأثير على الانتخابات اللبنانية منذ عقود وبالذات منذ اتفاق الطائف.
الأداة السعودية الفعالة هي المال الذي طالما تدخل في تدبير التحالفات واللوائح وفي تحريك وسائل الإعلام اللبنانية في مواسم الانتخابات وفي ظروف الصراعات العربية الكبرى منذ ستينيات القرن الماضي وقد فعل التدخل السعودي الكثير في الإعلام اللبناني وعبره منذ انطلاق الحرب على سورية وحول العديد من الصحف والمحطات إلى منابر معادية للدولة السورية اتقنت ترويج صورة كاذبة عن الأحداث وقامت بتجميل وجه الإرهاب التكفيري البشع وقبل ذلك بسنوات استطاع التدخل السعودي خلال حرب تموز حشد جهود إعلامية جبارة ضد المقاومة وشق اللبنانيين لمصلحة العدو الصهيوني ولتبرير عدوانه الإجرامي.
المال السعودي الذي سيغدق في الماكينات الانتخابية هو اداة الضغط لبلورة تحالفات ولوائح اولويتها التصدي لحزب الله وللحلف الوطني المقاوم ولضمان غالبية نيابية تلتزم بالوصاية السعودية الأميركية على لبنان وتمتنع عن إجازة أي تطوير لعلاقة لبنان بكل من سورية وإيران وروسيا وحتى الصين.
لقد شرعت الحكومات المتعاقبة منذ الطائف وبواسطة وزراء الإعلام أبواب التدخل السعودي والخليجي والأميركي في الإعلام اللبناني ولم يكن شيء من ذلك إلا مقصودا عبر تعمد تعطيل القانون ونسف آلياته وشل المجلس الوطني للإعلام ووضعه تحت الابتزاز السياسي المستمر.
الدليل البسيط هو انه في قانون الإعلام المرئي والمسموع فصل مكرس لآليات الرقابة على مداخيل المؤسسات الإعلامية وهو الفصل العاشر من القانون ويتضمن خمس مواد وهو ألزم وزارة الإعلام باتخاذ خطوات عملية وإجرائية لمراقبة المداخيل وللتأكد من عدم حصول المؤسسات الإذاعية والتلفزيونية المرخصة على أي مداخيل من خارج طبيعة عملها وهو الجرم الذي قضى القانون بأن تكون عاقبة ثبوت ارتكابه المباشرة سحب الترخيص او تعليقه إضافة لما شمل به جزائيا أشخاص المسؤولين عن هذا النوع من المخالفات ونص هذا الفصل على إصدار مرسوم يقترحه وزير الإعلام على مجلس الوزراء يحدد آليات الرقابة وكيفية ممارستها اما سر التعطيل فهو التصميم السياسي الأميركي على تحويل الإعلام اللبناني إلى أبواق يمولها الخليج وينفذ عبرها الأميركيون خططهم الإقليمية وقد انقضى على صدور القانون حوالي ربع قرن من الزمن فلم تلغ احكام الفصل العاشر ولم تعدل ولم يمتلك أي شخص ممن تولوا وزارة الإعلام شجاعة الإقدام على مباشرة تنفيذ هذه الأحكام في جميع العهود السابقة وحتى اليوم.
اما قوانين الانتخابات فلم تلحظ آليات واضحة تتيح لهيئة الإشراف على الحملات الانتخابية ممارسة دور جدي في منع التمويل السياسي الخارجي للحملات ولا في التصدي للتحايل على احكام القانون وخصوصا سقف الإنفاق الانتخابي الذي يتخطاه الجميع وتطنش عنه الحكومات والمؤسسات وبالأصل فإن الهيئة خاضعة لوزارة الداخلية وهي محكومة بهذا السقف السياسي في حركتها وتوصياتها فكيف حين يكون الوزير مرشحا وركنا في حزب يخوض الانتخابات؟؟.
لنكون منصفين لابد من الاعتراف بان الشخصيات التي تكونت منها هيئة الإشراف السابقة والحالية تمتلك خبرات قانونية وعملية ولديها الرغبة في تقديم إنجاز جدي كما بين تقرير الهيئة عن انتخابات 2009 لكن السلطة السياسية في مكان آخر بحكم تواطؤ المصالح السياسية والانتخابية.
الحضور السعودي في زمن الانتخابات قصده التدخل السياسي والحضور الأميركي والغربي يبطن الغاية ذاتها وهو محقق من عوكر وغيرها من السفارات عبر شبكة خيوط أخطبوطيه بفعاليات وجمعيات ومجموعات سياسية من داخل الخارطة السياسية القائمة ومن خارجها أيضا وقد شرع الأميركيون والسعوديون مبكرا ببذل مساعيهم لتكوين لوائح ولوضع خطط الدعم والمساندة السياسية والإعلامية وحشد الأصوات وكل ما تغير هو ان المال المبذول بات مشروطا ومحددا بجدول اهداف كانعكاس لحالة الشح والتقشف التي تشدد الرقابة على المنتفعين.