ساترفيلد يهدّد هيئة النفط: إيلي الفرزلي
لم تؤدِّ حركة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد إلى أيّ تقدم في ملف الحدود البحرية. وهي في الغالب انتهت إلى لا شيء، إلا إذا اعتبر تثبيت الأمر الواقع إنجازاً
في لقائه مع الرئيس نبيه بري أمس، أعاد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد التأكيد على موقفه المتمسّك بخط هوف، مجدداً طريقة العرض غير القابل للتفاوض (Take it or leave it). في المقابل، كرر الرئيس نبيه بري أمام ضيفه الموقف اللبناني الرافض لأي تنازل عن أي شبر من مساحة الـ860 كيلومتراً التي تدّعي إسرائيل ملكيتها.
ونفت مصادر عين التينة المعلومات التي تتحدث عن توجه لدى بعض الأطراف اللبنانيين، كالرئيس سعد الحريري، «لربط القبول باقتراح خط هوف بتدخل الولايات المتحدة الأميركية لحضّ الدول، لا سيما الخليجية، على المشاركة في «سيدر 1» وتقديم مساهمات مالية للبنان». لكنها لفتت إلى أن «مزاج بعض الأطراف اللبنانيين يؤيد السير في اقتراح هوف حتى لا تبقى الأمور عالقة مع إسرائيل». وكشفت المصادر أن الحريري زار برّي أول من أمس بعيداً عن الاعلام، قبل أن يلتقي بري بمساعد وزير الخارجية الأميركي، لكنه (رئيس الحكومة) لم يحمل هذا التوجه معه في ظل إصرار بري على التوحد خلف موقف تمسك لبنان بكامل حقوقه النفطية.
والموقف الأميركي لم يكن مفاجئاً لبري، إذ سبق أن أعلمه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي شارك في لقاء ساترفيلد مع قائد الجيش، أن جعبة الموفد الأميركي فارغة.
ما الذي يفعله ساترفيلد منذ أسبوعين إذاً؟ ولماذا لم يقدم أي مبادرة فعلية لتحريك الملف؟ وأكثر من ذلك، لماذا لم يكتف في جولته باللقاءات السياسية، وماذا كانت الغاية من لقاء قيادة الجيش؟
هل تستعين إسرائيل بخط الغاز العربي لتصدير إنتاجها؟
أخطر ما في جولة ساترفيلد أنه التقى في زيارته السابقة أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول، في زيارة لم يُعلن عنها، تحدّث فيها بلغة تهويلية على لبنان، بسبب تلزيمه التنقيب في البلوك رقم 9. وربط ساترفيلد مشاركة أيّ شركة أميركية في العمل في لبنان بحل «الأزمة الحدودية»، قبل أن يعود و«يتفهّم» أن بئر الاستكشاف تبعد كثيراً عن المنطقة التي تدّعي إسرائيل ملكيتها، فيغيّر لهجته. لكن هل فعلاً كان ساترفيلد بحاجة إلى توضيح ليتأكد أن لبنان لا يزال يعمل في مياهه؟ وإذا صح ذلك، كيف يقوم بوساطة في ملف لا يبدو على دراية بتفاصيله؟
وبحسب المعلومات، فإن الاجتماع عقد عند الحادية عشرة من ليل 16 شباط، بعدما كان أعضاء الهيئة قد أُبلغوا أن اللقاء سيكون مع السفيرة الأميركية، ليتم التوضيح لهم قبل وقت قليل من الاجتماع أن الضيف هو ساترفيلد نفسه. وكان لافتاً أن وزير الطاقة لم يشارك في الاجتماع، قبل أن يتبيّن أنه لم يكن على علم بحصوله.
بين عدم دراية ساترفيلد بالملف الذي يتنقل به بين لبنان وإسرائيل، وعودته إلى بيروت من دون أي عرض جديد، بدأت ترتفع احتمالات تشير إلى أن الهدف الفعلي الوحيد لواشنطن هو ضمان ضبط أي توتر والإبقاء على الوضع الراهن، بحيث يعمل كل طرف في مياهه، بضمانة غير مكتوبة بأن يبقى العمل في المنطقة المتنازع عليها معلقاً.
وعليه، فإنه يتوقع أن تخضع الفترة المقبلة لستاتيكو دقيق، ما دامت خطط الطرفين في استكشاف الغاز لن تتأثر بعدم حل الخلاف، وما دام التوتر الذي تبع توقيع لبنان على اتفاقية الاستكشاف في البلوكين 4 و9 عاد وانخفض بعد التهديدات التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي، والتي تضامنت الدولة اللبنانية في الرد عليها، والتهديد المضاد الذي أطلقه السيد حسن نصر الله.
أكثر من ذلك، لا يجد خبير معني إمكانية للفصل بين تدخل أميركا في ملف الحدود الجنوبية للبنان والإنجاز الذي حققته عبر شركة نوبل إنرجي، في توقيع صفقة بيع الغاز الإسرائيلي لمصر، والذي وصفه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بالتاريخي. فالاتفاق جاء ليعالج أهم إشكالية تواجه إسرائيل في قطاع النفط والغاز، أي التصريف، وهي بحاجة إلى الاستقرار للسير في خططها.
وينص هذا الاتفاق على شراء الشركة المصرية للغاز «العجاف»، على أن تعالجه في مصر وتسيله وتنتج غاز الميتان والبروبان، قبل أن تبيعه مجدداً للخارج (في نهاية العام ستكون مصر قادرة على تلبية حاجتها المحلية من حقولها)، بوصفه غازاً مصرياً، مع ما يعنيه ذلك من دخول الغاز الإسرائيلي إلى أسواق لم تكن متاحة أمامه قبلاً.
ومع إضافة الاتفاق مع مصر إلى اتفاق شبيه مع الأردن، تكون إسرائيل قد عالجت أو تكاد أزمة تصريف إنتاجها، التي لم يكن لبنان ليواجهها بسبب خطط للاستفادة من خط الغاز العربي الذي يربط مصر والأردن وسوريا ولبنان، على أن ينتقل إلى الحدود التركية، وصولاً إلى أوروبا.
وبالرغم من أن الخط متوقف عن العمل منذ عام 2009، بسبب حاجة مصر للغاز حينها وعدم قدرتها على تصديره، فإن الخط كان يشكل أهم طرق التصدير المتوقعة للغاز اللبناني، علماً بأن لبنان سبق أن استفاد منه لمدة عام، فكان الغاز يُحوّل من حمص إلى معمل دير عمار.
السؤال المطروح حالياً بحسب خبير نفطي، هل ستكتفي إسرائيل بنقل الغاز إلى الأردن عبر الأنابيب التي أنشئت حديثاً أم ستستعين بخط الغاز العربي، بغطاء من الدولتين العربيتين اللتين تربطهما بها اتفاقيتان بقيمة 25 مليار دولار؟ وماذا سيكون مصير الغاز اللبناني حينها؟ هل سينضم إلى الغاز الإسرائيلي؟
(الاخبار)