يجب ترسيم الحدود البحرية لتجنب الخطر غيورا آيلند
أنزلت الأحداث القضائية والسياسية في الأيام الأخيرة، وكذلك الحدث القاسي على حدود القطاع من تحت الرادار الإعلامي، خطاب نصرالله الأخير، خطاب كان فيه أكثر من تلميح عن آخر تحديث لاستراتيجية حزب الله. فقد قال من ضمن أمور أخرى ما يلي: «السبب الأساس للنزاع الحالي ليس الحدود البرية… الموضوع الأساس هو الحدود البحرية». ولاحقا أطلق نصرالله ثلاث رسائل واضحة أخرى: الأولى، المستقبل الاقتصادي للبنان يكمن في كنوز الغاز في البحر؛ والثانية، لن نسمح للأمريكيين بالشقاق بين حزب الله ودولة لبنان؛ والثالثة، حزب الله وحده، وليس الجيش اللبناني، لديه القدرة على إطلاق صواريخ طويلة المدى نحو طوّافات الغاز الإسرائيلية.
الدافع لأقوال نصرالله شفاف، ولكن خطير. فهو يعرف بأن ليس للبنان أي سبب يجعله يدعي بأن إسرائيل تتنتهك سيادته في البر. «الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة عام 2000 مع خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان، يقرر بدقة أين لبنان وأين إسرائيل. وبالمقابل، فلم يتفق أبدا على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، ولم تقرر مكانها جهة موضوعية كالأمم المتحدة.
هناك ثلاث طرائق محتملة لترسيم الحدود البحرية: تلك التي أراد لبنان تبنّيها، تستند إلى امتداد الحدود البحرية. ولما كان اتجاه الحدود في المقطع البري الأخير في منطقة رأس الناقورة غربا (أزيموت 270)، فقد طالب لبنان في الأمم المتحدة عام 2000 أن ترسم الحدود البحرية وفقه أيضا. إمكانية أخرى معروفة تبنتها إسرائيل، وبموجبها خط الحدود البحرية يقع (90 درجة) من خط الشاطئ. ولمّا كان خط الشاطئ على جانبي رأس الناقورة هو الكسوني، فحسب هذه الطريقة فإن الحدود البحرية هي في الاتجاه الشمال ـ الغربي (أزيموت 291). بين الخط الذي طالب به لبنان والخط الذي طالبت به إسرائيل، نشأ مثلث يتسع كلما ابتعدنا غربا.
فريق الأمم المتحدة الذي تلقى تفويضا بترسيم الحدود عام 2000، وجد صعوبة، كما أسلفنا في اتخاذ القرار بشأن الحدود البحرية بين الدولتين، وترك الموضوع سائبا.
أما إسرائيل من جهتها، فقد أوضحت من اليوم الأول بأنها ستعمل حسب تفسيرها، وهكذا يوجه سلاح البحرية في الدفاع عن الحدود البحرية في الصيغة التي اخترناها. أكثر من ذلك، فإن اتفاق الحدود البحرية الاقتصادية بين إسرائيل وقبرص يستند إلى الخط الإسرائيلي، وهكذا فإن له نوعا من الشرعية الدولية. يدّعي لبنان أن استخراج الغاز من حقلي تمار ولافيتان، يتم في قسم منه من داخل الحدود المائية خاصته، ولا سيما أن حقلي تنين وكريش هما في مياهه الاقتصادية.
ومؤخرا أعلن لبنان أن في نيته توزيع امتيازات للبحث عن الغاز في البحر، حيث أن جزءا من المنطقة موضع الحديث، موجود في مياهه الاقتصادية حسب تفسيره، ولكن في قسمه الأكبر هو في المياه الاقتصادية لإسرائيل حسب تفسيرها.
لقد نشأت هنا إمكانية مواجهة بين الدولتين، وهذا بالضبط ما يريده حزب الله: في المواجهة بين إسرائيل ولبنان على مصلحة اقتصادية مهمة، سيكون حزب الله القوة التي تحمي لبنان من العدوان الإسرائيلي، وعند الحاجة، سيحاول ردع إسرائيل بتهديد أو ضرب طوافاتها للغاز.
لقد سبق أن كتبت من قبل أن هناك ثلاث إمكانيات لترسيم الحدود البحرية. إضافة إلى الاثنتين المشار إليهما، توجد أيضا «طريقة المسافات المتساوية». من دون الدخول في شرح مفصل، نقول إن الخط الناشئ عن هذه الطريقة هو بين الخطين المشار إليهما.
لا أعرف أي حوار تجريه إسرائيل في هذا الموضوع ومع من، ولكن نوصي جدا ألا يبقى غامضا لأنه يخلق إمكانية احتكاك بالضبط من النوع الذي يبحث عنه نصرالله.
يديعوت 22/2/2018