هل تغيّرت فعلاً قواعد اللعبة بعد إسقاط أف 16 ؟: حميدي العبدالله
واضح أنّ العدو الصهيوني فقد في حرب لبنان عام 2006 وفي حروبه ضدّ قطاع غزة في أعوام 2008 و2012 و2014 تفوّق قواته البرية المجوقلة، في ضوء عجزه عن تحقيق أيّ تقدّم برّي في لبنان على الرغم من أنّ الحرب استخدمت فيها كلّ قدرات العدو الصهيوني واستمرّت 33 يوماً، واضطر العدو الذي كان يحظى بدعم الولايات المتحدة، وحتى أطراف في الحكومة اللبنانية، ودعم حكومات عربية عديدة، إلى إيقاف العملية من دون أن يحقق أيّ مكسب ومن دون تحقيق أيّ هدف من أهدافه في العملية المعلنة، كما اضطر العدو الصهيوني إلى إيقاف عملياته في غزة عام 2014 بعد مرور 53 يوماً ومن دون أن يحقق أيّ هدف من أهداف العملية، سواء وقف تساقط الصواريخ عبر غزة، أو نزع سلاح المقاومة، وظلّ الوضع بعد العدوان على غزة في 2014 كما كان قبله، على الرغم من أنّ ظروف وقوع هذا العدوان كانت تعمل في مصلحة العدو الصهيوني بسبب نتائج الفوضى وخلط الأوراق الذي تسبّب بها «الربيع العربي ».
كما أنّ تفوّق العدو الصهيوني في البحر رسم حوله إشارة استفهام منذ أن تمكّنت المقاومة في لبنان من إصابة البارجة الإسرائيلية ساعر، علماً أنّ سلاح البحرية لم يكن له الدور الكبير في تفوّق «إسرائيل»، ولكن أيضاً هذا السلاح، إذا ما أخذ بعين الاعتبار، ما كان لدى المقاومة اللبنانية منذ عام 2006، وما أضيف إليه بعد ذلك، معطوفاً على ما لدى سورية من قدرات، وتوحّد الجبهتين اللبنانية والسورية في أيّ مواجهة كبرى محتملة.
جاء إسقاط طائرة أف 16 ليحدّ من فعل أهمّ عنصر من عناصر التفوّق الذي تمتلكه تل أبيب واعتمد عليه جيش الاحتلال في كلّ حروبه، منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، مروراً بعدوان حزيران 1967، وانتهاءً بغزو جيش الاحتلال للبنان عام 1982.
اليوم تبدّدت أوراق تفوّق جيش العدو براً وبحراً والآن جواً، أما ما يمتلكه من أوراق قوة مفترضة تحدّث عنها بعض الخبراء مثل الطائرات أف 35 فإنّ ما يلغي هذا هو تفوّق القدرة الصاروخية لدى منظومة المقاومة، وعامل الحيّز الجغرافي الذي هو في مصلحة منظومة المقاومة، كما أنّ العمق البحري هو عمق افتراضي وليس عمقاً حقيقياً، وبالتالي فإنّ قواعد اللعبة أو قواعد الصراع قد تغيّرت فعلاً، وحلّ محلها توازن الرّدع أو توازن الرعب بين الجانبين، بين منظومة المقاومة، والعدو الصهيوني.