“أحيانا” الفلسطينيون محقون! بن ـ درور يميني
لإسرائيل الكثير من الحجج الممتازة في الموضوع الفلسطيني. فقد كان يمكن أن تكون لهم دولة، هم رفضوا، وليس فقط في 1937 وفي 1947. فقد واصلوا الرفض حتى لعروض باراك، كلينتون واولمرت. أرادوا أكثر من دولة، أصروا على «حق العودة ».
ولكن حجج إسرائيل الممتازة تساعد مثلما تساعد كاسات الريح الميت حين يكون الفلسطينيون محقين. وأحيانا، كما ينبغي الاعتراف، هم محقون. لندع المستوطنات للحظة. حتى في التسوية السلمية، إذا ما وعندما تكون كهذه، فإن الكتل الاستيطانية لن تخلى. ولكن إسرائيل أصرت على الخروج من الكتل من خلال البؤر الاستيطانية أو الاستيطان في داخل السكان الفلسطينيين.
نقطتا احتكاك تستخدمهما نحو 90 من مئة من الدعاية الفلسطينية: الخليل والنبي صالح. الخليل، مدينة الآباء والأجداد، توجد في بؤرة تاريخ شعب إسرائيل أكثر بكثير من نتانيا واسدود. فهي المكان الذي كان فيه استيطان يهودي بلا انقطاع تقريبا، وحتى في ألفي سنة منفى. ولكن مع كل الاحترام لعلاقتنا العميقة والتاريخية بالخليل ـ فإن الاستيطان في داخل المدينة هو سخافة تامة. هذه هي ايضا قصة نافيه تسوف، المستوطنة التي أقيمت بمحاذاة القريتين الفلسطينيتين دير نظام والنبي صالح. الأخير هو مكان إقامة عائلة التميمي، التي تنتج المخربين والدعاية اللاسامية على حد سواء. وطالما كانت هذه هي القصة، فقد كان ممكنا التصدي لها. غير أن هذه القرية تنتج ايضا عهد التميمي ابنة الـ 16 وجنى جهاد ابنة الـ 11. يمكن لنا ان نروي ألف مرة ومرة عن الرفض الفلسطيني وعن الدعاية اللاسامية وعن الدعم للإرهاب وليس المصالحة والسلام. فعلت هذا المرة تلو الأخرى. ويجدر بنا أن نعرف الحقائق، ولكن يجدر بنا أن نعرف أيضا بأن هذا لن يجدي نفعا. لأن الصور التي تنتجها هاتان الفتاتان، مثل الصور التي تطلق إلى العالم من شارع الشهداء في الخليل ـ أقوى بكثير. لأن المستوطنات «الكدية» هذه تخلق احتكاكا. أولئك الذين وصلوا إلى هناك، حتى وإن لم يكونوا جميعهم يريدون أن يرفعوا مستوى النزاع. وهم يحاولون السيطرة على أراض خاصة، على النبع القريب، ويفعلون كل شيء كي تخدم الصور التي يصدرونها عن مواجهاتهم التي لا تنقطع مع الفلسطينيين.
ما الفرق، سيسأل محبو البؤر الاستيطانية، بين الاستيطان الصهيوني في جانب ما من الخط الأخضر والاستيطان في الجانب الآخر؟ فالحديث يدور عن ذات الفريضة. وبالفعل، هناك فرق بين السماء والأرض. فالصهيونية كانت حركة إنقاذ لليهود المضطهدين. وهم لم يصلوا إلى هنا لأنهم سارعوا إلى بلاد بلا زرع. جاءوا لأنهم اضطروا للهرب. لأنه في تلك السنوات، حين انهارت الامبراطوريات وأقيمت الدول القومية، كان تنقل هائل للشعوب، ترحيل لجماعات سكانية كثيرة وتبادلات للسكان. غير أن ما كان مبررا قبل أن تكون دولة يصبح غير مبرر من اللحظة التي بات فيها لليهود دولة. ومن يدعي بأنه لا فرق بين المستوطنة المحاذية للنبي صالح وتل أبيب يقول بالضبط ما تقوله الدعاية المناهضة لإسرائيل. الأطراف تعود لتتصل.
في سخافتنا وفي قصر يدنا خلقنا المبرر للفلسطينيين. ليس واضحا أن كل مشروع الاستيطان ليس محقا، ولكن واضح أن قسما صغيرا فقط يخلق معظم المشكلة. وهذا هو القسم الذي يبقى فيه حتى أكثر المدعين بحق إسرائيل، بمن فيهم أكثرهم أهمية، البروفيسور الن برشوفيتس، صامتين. لأن مهامة الفلسطينيين تقوم بها أقلية من بين المستوطنين ونزلاء البؤر. ولأنه لا يوجد أي مبرر لسلب الأراضي أو لتأميم الأراضي أو للإضرار بالمغروسات وباقي التنكيلات التي تقوم بها أقلية ترغب في جرنا إلى دولة واحدة كبيرة، لا يهودية ولا ديمقراطية.
جنى جهاد وعهد التميمي تهزماننا منذ الآن في الإعلام الجديد. لهذا الغرض لا تحتاجان لأن تكونا آنا فرانك، وكل التشبيهات في هذا الشأن هي مس بالعقل السليم واستخفاف بالكارثة. فهما تهزماننا لأنه موضعيا، وموضعيا فقط، كفاحهما محق. وفقط من هو قادر على أن يعترف بأن أحيانا، فقط أحيانا، الفلسطينيون محقون ـ يمكنه أن يتصدى للفلسطينيين عندما لا يكونوا محقين.
يديعوت